جاء في صحيفة "اللواء": يقلل مرجع نيابي بارز من تأثير تبدل الاصطفافات السياسية في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، من مؤيدة وداعمة لمشروع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وسياساته في ملف زيادة الأجور، كما حصل في جلسة سابقة، إلى معارضة له، لا سيما من وزراء حركة "أمل" و"حزب الله"، وكانت نتيجتها إسقاط مشروعه بالتصويت، لصالح إقرار مشروع خصمه وزير التيار العوني شربل نحاس، على استمرارية الحكومة ككل ووضعية رئيسها على وجه الخصوص، متوقعاً أن يتغاضى الأخير عن الصفعة السياسية الموجعة التي وجّهت إليه، ويستمر في ممارسة مسؤولياته تحت شعارات "إحترام الديمقراطية" وما شابه، لأنه ليس باستطاعته الرد بخطوة مقابلة داخل مجلس الوزراء لإعادة الاعتبار لما تعرّض له موقعه كحدٍّ أدنى كونه لا يستطيع حشد التأييد الكافي لمثل هذه الخطوة، وغير قادر على اتخاذ قرار على مستوى ما تعرّض له، إن كان بالاعتكاف عن ممارسة مسؤولياته احتجاجاً، أو تقديم استقالة الحكومة ككل، لأن مثل هذا القرار ليس بيده كما هو معلوم لدى الجميع وهو في مكان آخر لا يستطيع تجاوزه أو التملص منه حتى الآن، وأخيراً لأنه وصل إلى سدّة رئاسة مجلس الوزراء بأصوات ودعم الثنائي الشيعي، وبمظلة سورية - إيرانية وليس مستنداً إلى دعم تكتل نيابي كبير موالٍ وحليف له، كما كانت الحال مع رؤساء الحكومات السابقة.
وفي اعتقاد المرجع النيابي، أن ما حصل داخل جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، لم يكن تبدّل تحالفات بين مكوّنات حكومة الأكثرية القسرية، بل تبدّل اصطفافات محدود ضمن الحكومة الواحدة، لمنع اختلال التوازن الحكومي لصالح رئيس الحكومة المدعوم من كتلة النائب وليد جنبلاط ورئيس الجمهورية على حساب التيار العوني وحلفائه، ومحاولة مكشوفة لاسترضاء الأخير بترجيح كفة التصويت لصالح مشروع وزيره في الحكومة لمنع أي محاولة لخروج التيار من التحالف مع "حزب الله" بحجة عدم وقوف حليفه التقليدي إلى جانبه في مجلس الوزراء كما أعلن أكثر من قيادي ووزير فيه في الآونة الأخيرة، في حين أن السبب غير المعلن لسعي التيار العوني للخروج من تحالفاته المعهودة، ليس ما يحصل داخل مجلس الوزراء وحده كما هو معلن باستمرار، وإنما تكمن في استباق تسارع الأحداث الجارية في سوريا وما يتردد من أخبار تنقل إلى قيادة التيار عن تهالك ملحوظ للنظام السوري وتفلّت الأمور من يديه لصالح المعارضة، مما استدعى عقد اجتماعات متتالية لكبار مسؤولي التيار لدراسة كل الاحتمالات المطروحة في حال إنهيار "نظام الممانعة" الحليف في دمشق خلال الأشهر المقبلة، وكيفية إعادة تموضع التيار داخلياً وتحديد تحالفاته المستقبلية مع القوى السياسية تماشياً مع طبيعة المرحلة الجديدة، وهو بالفعل ما يقلق <حزب الله> مما تردد في هذا الخصوص.
ولا يستبعد المرجع النيابي المذكور ان تكون خطوة <حزب الله> بترجيح مشروع التيار العوني لزيادة الاجور ضد مشروع رئيس الحكومة في هذا الخصوص، هي للرد بشكل غير مباشر على خطوة ميقاتي بتمويل المحكمة الدولية بمعزل عن عرضها على مجلس الوزراء، ووقف كل ما يدعيه ويصوره للرأي العام بقدرته على التحكم بسياسة خاصة لمسار العمل الحكومي العام، ترتكز على قناعاته وإسلوبه بقيادة الحكومة انطلاقاً من هذه القناعات ولما فيه مصلحة لبنان واللبنانيين عموماً كما يقول باستمرار، بعيداً عن تحكم وتسلط وهيمنة <حزب الله> ومؤثرات سلاحه غير الشرعي على وجه الخصوص، ولمنع جنوح الرئيس ميقاتي لتقديم اي التزامات اقليمية ودولية مع اي دولة كانت او جهة ما، فيما يختص بمسائل وقضايا إن كانت تتعلق بالمحكمة الدولية او اي قرار دولي يخص لبنان في المرحلة المقبلة.
ومن وجهة نظر المرجع المذكور، فان تردد رئيس الحكومة وعدم مبادرته للرد فوراً على الانقلاب الذي حصل ضد مشروعه في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، إن كان داخل الجلسة او خارجها، وهو خيار كان متاحاً له، قد اضعفه كثيراً، وافقده حيزاً كبيراً من خطوة تمويل المحكمة الدولية، التي حاول توظيفها في تقوية رصيده الشعبي المتهالك اساساً، في حين ان سكوته عما حصل لا بد وان ينعكس سلباً على قدرته في اعادة ممارسة سلطاته الدستورية بمعزل عن الاصطدام بمراكز قوى الاصطفافات السياسية الجديدة، وعلى رأسها التيار العوني، في كل كبيرة وصغيرة، مما يؤدي الى إبطاء حركة الحكومة بشكل عام وتعثر سير العمل الحكومي وتسيير امور الدولة ككل، في حين ان مفاعيل خطوة تمويل المحكمة الدولية خارجياً ستبقى سارية المفعول الى حين، وهو ما يبدو ان رئيس الحكومة يحرص على التزود بهذه المفاعيل الايجابية لتوظيفها في زياراته الخارجية وخصوصاً الى فرنسا خلال الشهر المقبل للايحاء بمدي ايفائه بالتزاماته الدولية وبقدرته على التواصل وكسر كل ما قيل عن الحظر الدولي المفروض على حكومته.
ويخلص المرجع النيابي المعارض الى القول، إن خلاصة ما حصل مؤخراً، يؤكد بما يدع مجالاً للشك ما ذهبت اليه المعارضة منذ اللحظة الاولى لتسمية الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة، بأن هذه الحكومة هي حكومة "حزب الله" و"النظام السوري"، وإن كل محاولات رئيس الحكومة والقوى الوسطية الحليفة والمشاركة في الحكومة، لنفي هذه التسمية قد سقطت نهائياً، ولو لم تكن الحكومة كذلك، لكان تصرف الرئيس ميقاتي باسلوب مختلف تماماً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك