الدكتور ايمن الظواهري في وضع صعب، لكنه ليس في وضع مزر الى حد يسمح بأن تلوك الألسنة اللبنانية اسمه واسم تنظيمه على هذا النحو المخزي، الذي لا ينم عن جهل بقدر ما يعبّر عن استخفاف بتلك «القاعدة» التي تهدد كل ما بناه البشر في جميع أنحاء المعمورة.
الرجل في وضع صعب منذ ان ضاقت به السبل الأفغانية والباكستانية، ومنذ أن رحل ربيبه ورفيق دربه الشيخ اسامة بن لادن قبل ستة اشهر وترك له قيادة شبكات وخلايا تُدِب الرعب في نفوس الشعوب والجيوش وأجهزة الاستخبارات... لكنه على الأرجح يتطلع الى المستقبل بأمل، ويتوقع ان يكون الانسحاب الأميركي من العراق الان ثم من افغانستان في العام ٢٠١٤، مقدمة لصحوة اسلامية جديدة، يقودها مع زعيم حركة طالبان الملا عمر، الذي لا يزال يرفض التفاوض مع الأميركيين على خروجهم الآمن من ديار الاسلام والمسلمين.
هو على الأغلب لا يتابع الوضع اللبناني من مخبئه الحصين في افغانستان او باكستان، لانشغاله بإعداد العدّة لذلك اليوم العظيم، والتحضير للزحف المقدس من حدود الصين حتى شواطئ المتوسط التي سقطت بعض قلاعها أخيرا في يد إسلاميين يمكن ان يكونوا ادوات المرحلة الانتقالية ويتولوا عملية التسليم والتسلم بينهم وبين طلائع القاعدة العائدة من ارض الجهاد الأفغاني الاول والاطول.
لعل الدكتور تلقى الاخبار عن ان سوريا اشتبهت بوقوف تنظيمه خلف تفجيرات دمشق الاسبوع الماضي، لكنه سيلاحظ على الأرجح انها لم تجروء على توجيه الاتهام المباشر، بل اكتفت بالحديث عن «بصمات» للتنظيم، وتركت الامر للتحقيق يأخذ مجراه والجدل يأخذ مداه، مكتفية بقرينة وحيدة غير ثابتة هي حصول عمليتين انتحاريتين في وقت واحد، على جاري عادة القاعدة التي لم يسبق لها ان أرسلت انتحاريا واحدا فقط في اي عملية حملت توقيعها.
يمكن للدكتور ان يتسامح مع الواقعة السورية، لكن المؤكد انه لن يتساهل أبدا مع المهانة التي يتعرض لها كل يوم من لبنان، والتي تكاد توحي بان التنظيم هو اشبه بحزب او تيار محلي يقدم عروضا في السيرك اللبناني المفتوح، ويشارك في جلسات مجلسي الوزراء والنواب وفي برامج الاذاعة والتلفزيون، ويرسل الى الاجهزة الامنية بين الحين والآخر «أدلة» على خلاياه العابرة للحدود مع سوريا!
ولن يتساهل الدكتور مع الإساءة اللبنانية لتنظيمه الذي لم يجد سوى بلدة عرسال البقاعية، احدى آخر واهم قلاع الشيوعية واليسار في لبنان، بل وفي العالم كله، والتي لن تموت فيها الماركسية اللينينية يوما ولا حتى التروتسكية او الماوية، لكي يستخدمها معبرا لانتحارييه المتوجهين الى ملاقاة ربهم في دمشق.
الرجل في وضع صعب الآن، لكن التطاول عليه وعلى تنظيمه بهذه الطريقة الاستفزازية لم يكن يوما سلوكا عاقلا، وهو ما سيدركه اللبنانيون والسوريون قريبا جداً، مثلما سبق لشعوب وبلدان كثيرة ان ادركته عندما جربت اللعب مع «القاعدة»!
الظواهري لن يسكت.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك