مهمّة المراقبين جاءت دون التقديرات المواجهة في سوريا استنزاف طويل

لم تكن ردود الفعل على اجتماع اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع السوري التي اجتمعت الاحد الماضي في القاهرة وبحثت في التقرير الاول لبعثة المراقبين الذين انتشروا في بعض المنطاق السورية التي تشهد اضطرابات كبيرة  ايجابية في معظمها ومن بينها رد الفعل من المعارضة السورية التي اعتبر بعضها انها لم تعد معنية بعمل المراقبين وكذلك الامر بالنسبة الى تقويم اللجنة العربية . اذ ان التوقعات في ضوء استمرار الوتيرة نفسها من وقوع الضحايا في المناطق السورية، فضلا عن الخلل في عمل المراقبين وسط تعليقات دولية لوزراء خارجية دول كبرى تحدثت عن هذا الخلل كانت مختلفة حول مضمون ما يمكن ان يصدر عن اللجنة العربية كخطوة ثانية بعد التقويم الاولي لما حصل حتى الان. والواقع ان مراقبين كثراً لمسوا  لهجة اكثر مراعاة للنظام السوري لجهة تسجيل تعاونه جزئيا مع المراقبين وعدم اقتران اخلاله بتنفيذ المبادرة العربية بلهجة اقسى. هذا الامر اثار احباطا الى حد ما، كما اثار وتساؤلات عما اذا كان من تعديلات طرأت على عمل اللجنة ام تدخلات خارجية ام هي نتيجة الانقسامات الموجودة بين الدول العربية حول ضرورة ابقاء الازمة السورية في يد العرب او تدويلها او غياب الافق لأي تحرك دولي حتى الان. وبحسب مصادر ديبلوماسية مراقبة فان الامر قد لا يكون في نهاية الامر اكثر من واقع ان التقديرات التي سبقت وصول المراقبين الى الاراضي السورية  لم تصح كليا. اذ انه كان يرتقب ان يساهم وصول هؤلاء المراقبين ايا كان عددهم في افادة المعارضة والشعب السوري من وجودهم من اجل ان يعبروا عن رفضهم للنظام بكثافة وقوة على رغم المخاطر الموجودة على الارض. لكن هذا الامر لم يحصل وفقا لما كان متوقعا على رغم استمرار وتيرة التظاهرات اليومية وسقوط عدد كبير من الضحايا يوميا كما كان يحصل  قبل وصول المراقبين. وغياب هذا الامر بالقوة المفترضة يساهم في افتقاد الخارج، ايا كان هذا الخارج سواء في الدول العربية او الدول الغربية، الى القاعدة اللازمة نحو خطوة اضافية متقدمة تواكب ما يحصل على الارض. وهذا لا يعني ان للامر علاقة بوجود عدد كبير من المعتقلين لم يفرج عنهم او ان عمليات القتل توقفت، فضلا عن بروز تطور اساسي رافق وصول المراقبين: الاول كان عشية وصولهم في 23 من الشهر الماضي عبر تفجيرين في دمشق، ثم تفجير آخر في السادس من الجاري عشية اجتماع اللجنة العربية المكلفة متابعة الوضع السوري. فهذه التفجيرات اثارت علامات استفهام كبيرة واضافت بعدا عنيفا على ما يجري، وساهم في تحويل الانظار وتشتيتها حول الاعتراضات القائمة على الارض . وفي رأي المصادر الديبلوماسية المراقبة نفسها، فان اي شيء اكبر من الوضع الاعتيادي لم يبرز في المشهد السوري في مدة الايام العشرة الاولى من عمل المراقبين لجهة حصول اضرابات او اعتصامات كبيرة تعم المدن، مما قد يكون ساهم على الارجح في فقدان الجميع الوضوح في شأن الخطوة التالية التي ينبغي القيام بها في ضوء الفشل المبدئي لعمل المراقبين. فالمشهد معقد وله ابعاد عدة، لكن ما كان مفقودا او ضعيفا الى حد ما هو الحركة الشعبية الواسعة التي لم تستفد من وجود المراقبين لاطلاق العنان للتعبير عن نفسها وفق ما كان متوقعا . وغياب هذا التعبير بالحجم الذي كان مأمولا ان يحصل بغض النظر عن اسباب عدم حصوله، لا يعني استخفافا بالحركة اليومية في المدن والقرى السورية، ولا بحجم الدم الذي يدفعه السوريون في هذا الاطار، علما ان غياب التعبير بالحجم الضخم والشامل الذي كان متوقعا  لا يعني ايضا ضرورة استمرار دعم النظام. لكن التصعيد السياسي الخارجي ضد النظام يفترض ان يواكب الحقيقة على الارض، وهذا ما لم يتوافر في الايام الاخيرة بما يمكن ان يدفع الامور نحو خطوة تالية كانت مرتقبة في ظل توقع فشل عمل المراقبين واستمرار وتيرة سقوط الضحايا من السوريين .
وهذا الواقع يمكن ان يؤدي الى جملة امور من بينها في المدى القريب على الاقل افادة النظام من هذه المعطيات ومحاولة توظيفها لمصلحته، في مقابل اتجاه الامور الى مزيد من غياب الافق حول مدى استمرار الوتيرة الحالية من المواجهات اليومية التي تحصل على الارض، وصولا الى غياب الافق حول كيفية حصول التغيير ما لم تحصل تطورات كبيرة تقلب ميزان القوى الحالي المتكافىء الى حد ما بين النظام والمعارضة، بحيث لا يبدو هو قادرا على فرض سيطرته على الارض في مقابل عدم قدرة المعارضة على اطاحته . وهذا لا يعني بديهيا وحكما ان في استطاعة النظام العودة الى الوراء من حيث استعادته القدرة على ادارة شؤون سوريا كما في السابق، وخصوصا انه كلما مر مزيد من الوقت غدت العودة الى السابق اصعب، لكن المرجح ان تدوم حال الحروب الصغيرة اطول من المدة المتوقعة، في غياب اي احتمالات لتدخل خارجي من اي نوع في غياب القاعدة التي يمكن ان تبرر تدخلا من هذا النوع .