البرلمانُ اليمني يقرُ الحصانةَ الكاملةَ من الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس صالح
البرلمانُ اليمني يقرُ الحصانةَ الكاملةَ من الملاحقة القانونية والقضائية للرئيس صالح

وافق البرلمانُ اليمني، السبت، 21 كانون الثاني الجاري، بالإجماع، على مشروع قانونٍ يمنحُ "الحصانةَ الكاملة" للرئيس علي عبد الله صالح، من الملاحقة القانونية والقضائية، ويمنحُ حصانةً جزئية لمساعديه. كما صوت البرلمانُ على ترشيح نائبه عبد ربه منصور هادي، للانتخابات الرئاسية، المقررة في 21 شباط المقبل . وتم إقرار النص بعد تعديلٍ أدخلته حكومةُ الوفاق الوطني على مشروع قانونٍ أول، حول الحصانة، احتجَ عليه الشارعُ اليمني، ومنظماتٌ غيرُ حكومية، بقوة.
وكان برلمانيون ووزراء في حكومة الوفاق الوطني قالوا عشيةَ التصويت، إن البرلمان سيصوت على مشروع القانون، بعد إجراء تعديلات على النص السابق، الذي كان قد أُحيلَ إلى البرلمان، قبل أن يُعاد مرة أخرى إلى الحكومة.
وينصُ المشروعُ على منح الحصانة الكاملة للرئيس صالح، فيما تقتصرُ لمن عملوا معهُ على الأعمال ذات الدوافع السياسية، أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، ولا ينطبق ذلك على أعمال الإرهاب.
ويُلزم مشروعُ القانون الحكومةَ بتقديم مشروع بقانون، أو مشاريع بقوانين، إلى البرلمان لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني.
وتنص المادة الأولى من المشروع على: "يُمنحُ الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الحصانة التامة من الملاحقة القانونية والقضائية". وكانت الحكومة اليمنية أقرت، الخميس، نص مشروع القانون بعد تعديله تمهيداً للتصويت عليه من قبل البرلمان.
وفي سياق ذي صلة، بحث وزيرُ الخارجية اليمني أبو بكر عبد الله القربي، في صنعاء، السبت، مع السفير البريطاني لدى اليمن، نيكولاس هوبتون، التحضيرات الجارية للانتخابات الرئاسية المبكرة.
وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، أن القربي وهوبتون بحثا، السبت، "التطورات الراهنة في اليمن، والتقدم الذي تم إحرازه في العملية السياسية، والتحضيرات الجارية للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في21 شباط المقبل".
يأتي إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة في اليمن، تنفيذاً للمبادرة الخليجية الموقعة في الرياض، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بين الرئيس اليمني  والمعارضة، على أن يكون نائبه عبد ربه منصور هادي، المرشح التوافقي لتلك الانتخابات.
وتشرفُ 10 دول أوربية وخليجية، على تنفيذ بنود المبادرة الخليجية، وتُعنى بريطانيا بشؤون الانتخابات الرئاسية المبكرة، كواحدةٍ من المهام المناط بها الإشراف عليها.
وكانت مصادرُ دبلوماسية في صنعاء، أكدت، الجمعة، لـ"العرب اليوم"، أن المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر، ومعه السفير الأميركي جيرالد فاير إستاين، وسفير الاتحاد الأوروبي في صنعاء ميكليه سيرفونه دورسو، نجحوا في إقناع الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، بالسفر لمتابعة العلاج خارج اليمن، حتى تتاح للقوى السياسية، الموقعة على اتفاق المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، الفرصة للمضي قدمًا في مواصلة تنفيذ بنود التسوية السياسية، التي تقضي بخروج صالح من الحكم نهائيًا مع حلول 21 شباط المقبل، وهو الموعد الذي تم تحديده لإجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة.
جاء ذلك بعد اجتماعٍ عُقِدَ في منزل الرئيس بالإنابة، عبد ربه منصور هادي، وضم ممثلين عن حكومة الوفاق الوطني، وحزب المؤتمر الشعبي العام، وأحزاب المعارضة في تكتل "اللقاء المشترك"، لمناقشة التعديلات الجديدة التي أدخلت على مشروع القانون.
وقالت المصادرُ إن الرئيسَ اليمني وافقَ على السفر، بعد أن تم الاتفاق مع المعارضة، على نص مشروع قانون الحصانة القانونية والقضائية، التي ستُمنَح لصالح بشكل كامل، وتُمنَح معاونيه حصانة جزئية تتعلق بالملاحقة الجنائية، التي قد يتعرضون لها عن الأعمال التي ينفذونها وتكون ذات دوافع سياسية فقط.
وتأتي موافقة صالح على مغادرة اليمن، بعد أن كان قد تراجع عن قرار السفر في وقت سابق، بحجة أن اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام، وهي أعلى سلطة في الحزب، منعته من السفر في الوقت الراهن.
وقالت مصادر سياسية يمنية إن صالحًا عقد، مساء الخميس، اجتماعًا مع أعضاء اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام في حضور هادي، وأن هذا الاجتماع وافق على طلبه بالسفر خارج اليمن لمواصلة العلاج، والذي من المقرر أن يتم خلال الأيام المقبلة.
وكانت المصادر توقعت أيضًا أن يصوت البرلمان، السبت، على اعتماد الرئيس هادي، مرشحًا توافقيًا، وحيدًا، في الانتخابات الرئاسية المبكرة، المقررة في 21 شباط المقبل، وذلك إلى جانب التصويت على مشروع قانون الحصانة القانونية والقضائية التي ستمنح للرئيس ومعاونيه.
وقالت المصادر إن مشروع القانون في صيغته الأخيرة، والتي من المتوقع أن يصوت عليها البرلمان، السبت، تضمنت ستَّ مواد قانونية بدلاً من ثلاث في المشروع السابق، وتنص المادة الأولى من المشروع على منح الرئيس صالح الحصانة القضائية التامة من الملاحقة القانونية والقضائية.
وتقول المادة الثانية، "تنطبق الحصانة من الملاحقة الجنائية على المسؤولين الذين عملوا مع الرئيس في مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية، فيما يتصل بالأعمال ذات دوافع سياسية قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم الرسمية، ولا ينطبق ذلك على أعمال الإرهاب".
وألزمت المادة الثالثة، حكومة الوفاق الوطني، بتقديم "مشروع بقانون أو مشاريع بقوانين إلى البرلمان حول المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية وفقًا لما ورد في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية في فقرتها "ح" من البند "21" بما يرمي إلى تحقيق المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية واتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الإنساني"، واعتبرت المادة الرابعة "هذا القانون من "أعمال السيادة" ولا يجوز إلغاؤه أو الطعن فيه".
في حين أكدت المادة الخامسة من مشروع القانون على أن أحكام هذا القانون تسري "على الأفعال الواقعة خلال فترة حكم الرئيس صالح وحتى تاريخ صدوره"، ونصّت المادة السادسة والأخيرة من مشروع القانون على العمل "بهذا القانون من تاريخ صدوره وينشر في الجريدة الرسمية، ويفسر هذا القانون بما يتماشى مع مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية وقرار مجلس الأمن رقم "2014" لعام 2011".
وأوضحت المصادر السياسية أن التعديلات التي أدخلت على مشروع القانون، والذي ينص على إعداد مشاريع قوانين جديدة، تتعلق بالمصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية، تقتضي إجراء مصالحة وطنية عامة، بين المتهمين في الجرائم التي نص القانون على الحماية منها، وبين أصحاب الحقوق، يعترف المتهمون بجرائمهم، في مقابل العفو من أصحاب الحق، الذي يجب أن يتم منحهم التعويضات العادلة.
وعلى الرغم من التعديلات الجوهرية التي أجريت على مشروع القانون، إلا أن منظمة "هيومان رايتس ووتش" اعتبرت التعديلات غير كافية، ولا تشمل النقاط الأساسية في مشروع القانون، وقالت مدير برنامج الشرق الأوسط في المنظمة، سارة لي ويتسون، "إن مشروع القانون لا يزال يشتمل على نقاط تمثل رخصة للقتل"، وأكدت على "ضرورة أن تقوم الحكومة اليمنية بالتحقيق مع كبار المسؤولين الذين لهم صلات بجرائم خطيرة، وألا تسمح لهم بالإفلات بجرائم القتل التي ارتكبوها