اعتبرت جهات سياسيّة معارضة أنّ مواقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي التي صبَّت ضمن توقيت إعلاميّ واحد، هدفَت الى توجيه رسائل إيجابية تجاه طائفته، إلى تيار "المستقبل" والرئيس سعد الحريري وقوى 14 آذار عموماً.
أمّا الهدف الأساس من وراء هذه الرسائل فهو تذكير القوى المنوّه عنها، بمناسبة مرور عام على حكومته، بأنّه قام بتمويل المحكمة ولم يخضع أيضا لضغوط قوى 8 آذار وتحديداً "حزب الله" والعماد ميشال عون، وإشارته مسبقاً بأنّه سيجدّد البروتوكول الخاص بالمحكمة الدولية، وبالتالي لم يرسل أيّ إشارات مماثلة للفريق السياسي الذي جاء به كرئيس للحكومة، وهنا يرى المطّلعون على الأجواء المحيطة بالرئيس ميقاتي لـ"الجمهورية" أنّه بدأ يستعد لكل الاحتمالات، وما قاله في الإعلام أخيرا، إنّما هو دحض لما سيق بحقّه من قبل قوى الرابع عشر من آذار، أي أنّه "لم يمش" بأجندة حزب الله وتالياً أنّ رئيس الحكومة يستعدّ لكلّ الاحتمالات المرتقبة إنْ على مستوى التطوّرات السوريّة وسقوط النظام، حيث يُعتبر صديقاً خاصا للرئيس بشار الأسد، أو على مستوى اندلاع ثورة شعبية اجتماعية على خلفية الملفّات المعيشية والحياتية وفي مقدّمها الكهرباء، على غرار ما حصل مع الرئيس عمر كرامي، بمعنى أنّ ميقاتي لا يرى نهاية سياسيّة على خلفية هذه الملفّات لا سيّما وأنّه لم يزل في أوج حياته السياسية لما يملكه من صداقات وإمكانات ماليّة، لذا أخذ يستعدّ لكلّ الاحتمالات، باعتبار أنّ ثمّة أجواء يملكها عن اهتزاز للنظام السوري وتصدّع داخل حكومته، وعدم قدرته على المناورة طويلاً، أو الرهان على قوى تدعمه، فبدأ يعدّ العدّة لمواجهة المرحلة المقبلة وتداعياتها لإظهار نفسه أنّه حافظ على ثوابت ومسلّمات دار الإفتاء والالتزام بها، بمعنى أنّه لم يخرج عن سنّيته، وذلك سيبقي موقعه السياسي على الخارطة السنّية وتحديداً الطرابلسية، وخصوصا لجهة المشاركة في انتخابات العام 2013 المقبلة.
وتلفت الاوساط المطَّلعة نفسها الى أنّ اتّصال ميقاتي بالحريري للاطمئنان عليه بعد الحادث الذي تعرّض له ومعاودة الحريري الاتّصال بميقاتي، فذلك يُعتبر خرقاً للقطيعة التي طرأت على العلاقة بينهما، وقد تقصَّد رئيس الحكومة الحالي بالإشارة الى أنّ الاتّصالات قائمة مع الرئيس الحريري ومستمرّة مع الرئيس فؤاد السنيورة، فذلك يصبّ أيضا في سياق إعادة ترتيب ميقاتي لأوضاعه السياسيّة الداخلية ضمن البيت السنّي والطرابلسي تحسُّبا لأيّ خروج استثنائيّ طارىء من الحكومة، أو استقالة مفاجئة قد تحصل على خلفيّة الصراع الداخلي الحاصل بين مكوّنات هذه الحكومة، مع معلومات مؤكّدة عن توجّه النائب ميشال عون للتصعيد السياسي باتّجاه رئيسي الجمهورية والحكومة، وإنّ الخلاف بين عون وميقاتي سيبلغ الذروة في المرحلة القليلة المقبلة على خلفيّات كثيرة ليس أقلّها الملفّ الكهربائي.
من هذا المنطلق بدأ ميقاتي إعادة جمع أوراقه وقراءة آفاق المرحلة المقبلة، على أن تقطع زيارته المقبلة الى باريس في شباط المقبل بسلام، كونها تعطيه دفعاً قويّا في سياق ما يعانيه من تصعيد من أهل البيت والمعارضة التي، وعلى الرغم من تمرير تمويل المحكمة، لم تغفر لميقاتي قبوله ترؤّس الحكومة بعد انقلاب 8 آذار على الرئيس سعد الحريري وخروج النائب جنبلاط من قوى 14 آذار مُجيّرا الاكثرية لقوى 8 آذار.