اعتبر رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية ـ السورية في الجمعية الوطنية النائب جيرار بابت قي خلال جيث لصحيفة "الجمهورية"، إنّ "الجميع في سوريا في مأزق، فالنظام محاصر والمعارضة مقسومة، فيما الأقليات قلقة على مصيرها". وتخوّف من «أن تقع سوريا ضحية بين الكمّاشة الغربية ضد إيران وبين العقوبات الاقتصادية».
ويؤكد النائب الاشتراكي في البرلمان الفرنسي الذي يرأس مجموعة الصداقة الفرنسية ـ السورية، بعدما نظّم مؤتمراً صحافياً للمعارضة السورية في باريس، أن "ما يجري هو أمر مأساوي بالنسبة إلى الشعب السوري الذي يبدو أنه منقسم إلى قسمين، وستزداد مضاعفات هذا الوضع بسبب تداعيات العقوبات الاقتصادية، مع أن التبادلات التجارية ستستمر مع بلدان الجوار الجغرافي لـ سوريا. وأتخوّف من أن تقع سوريا ضحية بين كمّاشة الهواجس الغربية من امتلاك إيران للسلاح النووي وأعمال عسكرية أحادية الجانب لإسرائيل بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة، وبين العقوبات التي أشرتُ إليها.
وانطلاقاً من ذلك، علينا القيام بمحاولة لإيجاد تسوية مرضية ومخرج معين، لتفادي الوقوع في مَطبّ حرب أهلية طائفية بين كتلة يغلب عليها المذهب السنّي وأخرى مُشكَّلة من الأقليات ملتفة حول النظام القائم لأنها تتخوف حقاً على مصيرها، وهذا ما يترك في نفسي قلقاً كبيراً على المستقبل. ويبدو لي أن النظام لا يزال يتمتع بقاعدة صلبة من المؤيدين، لكن اللعب على الوقت في ظل العقوبات الاقتصادية يمكن أن يؤدي إلى صعوبات متزايدة بالنسبة إلى القوى الاجتماعية التي تدعم النظام، خصوصا حين يتكاثر الطلب على الحاجيات الأساسية".
وحين نسأله عن الترياق، يقول بابت: "يجب إطلاق الحوار في بلد منقسم، لكن على أي قاعدة سياسية؟ ومع من؟ فالمعارضة مقسّمة، منها الداخلية والخارجية، ولاحظنا كم أن هذه الأخيرة مقسومة بين مؤيد ومعارض للتدخل العسكري الخارجي، سواء عبر مجلس الأمن أو حلف شمال الأطلسي. وزد على ذلك أن المعارضة التي ترفض التدخّل العسكري الخارجي، ترى في الوقت نفسه أنها في مأزق، نظراً لاعتقادها بأن النظام الحالي غير قادر على الانفتاح والإصلاح.
أما بالنسبة إلى التسوية، فإن المعارضة تعتقد أن الحد الأدنى المقبول هو تغيير القيادة في السلطة القائمة، لاعتقادها أنّ الانفتاح لم يترجم بعد على الأرض".
وعن سياسة الحكومة الفرنسية حيال سوريا، يوضح بابت: "إن سياسة الحكومة قوية جداً، ونحن نحافظ على اتصالات دورية مع السفارة السورية في باريس، ومن الواضح أن ثمة قطيعة عميقة جداً على الصعيد الرسمي. وفرنسا هي اليوم في مقدم من يطرح مبادرات سياسية ،ويجري اتصالات مع المجلس الوطني السوري الذي يوجد فيه "الأخوان المسلمون" الفاعلون جداً. ولقد شارك وزير الخارجية ألان جوبيه في عدد من اجتماعاته وندواته، وأطلق تصريحات قوية منددة بالشلل القائم على صعيد مجلس الأمن بسبب الخلافات القائمة فيه".
وعن الاصطفاف الحاصل وراء موقف الحكومة الفرنسية، يقول بابت: "علينا أن نَعي بأننا في مرحلة انتخابية مهمة جداً، وأن هذه المسألة ليست من اهتمامات الرأي العام الفرنسي في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية العميقة جداً. بالطبع لم تكن هناك مواقف سياسية وحزبية متباينة حيال التنديد باستخدام القوة العسكرية ضد المدنيين، لكن هناك تساؤلات نيابية متعددة حول مدى مسؤوليات هذا الجانب أو ذاك من السوريين في شأن الأحداث الجارية هناك. وهذه التساؤلات ليست محصورة بهذا الحزب أو هذا التكتل السياسي في فرنسا، وآخر مثال على هذه التساؤلات الجدّية هو أسباب مقتل الصحافي الفرنسي جيل جاكييه في حمص، وإذا تبيّن من يقف وراء هذا الاغتيال، فإنه سيؤثر، بالتأكيد، في حكم الشخصيات السياسية الفرنسية في هذا الاتجاه أو ذاك".
وعن رؤيته لمصير مسيحيي الشرق، يفيد بابت: "أنا متمسك جداً بضرورة احترام الأقليات الدينية في سوريا، وهذا الأمر ينطبق على المسيحيين والعلويين والدروز والشيعة والأكراد والإسماعيليين وغيرهم، مع العلم أن لدينا وشائج من العلاقات مع المسيحيين الذين هم الآن في وضع صعب، سواء في العراق أو مصر، ووضعهم قد يتعرض للخطر في سوريا، واحترام الأقليات ليس محصوراً بالأقليات المسيحية في الشرق، بل ينسحب على جميع الأقليات في المشرق، لأننا من دُعاة الديموقراطية وأنصارها، أي المحافظة على التعددية السياسية والفكرية.
ولقد عبرتُ مع عدد من النواب الفرنسيين، أثناء لقائنا وزير الدولة آلان جوبيه قبل أسابيع، عن قلقنا وطرحنا تساؤلاتنا عليه، لكن مع الأسف إنّ موقف فرنسا الذي شكّل رأس حربة في معارضة النظام السوري لا يسمح لها بهامش من التحرّك لإيجاد تسوية مقبولة للأزمة في سوريا، هذا إذا رغبَت باريس في ذلك.
ولا أرى الآن من يقدر على إخراج الوضع السوري من القمقم، إذا استثنينا الجامعة العربية، فتركيا اختارت موقعها ولم يعد هناك إلّا روسيا.
وعن تأثيرات الأزمة السورية في الوضع اللبناني، يقول بابت: "من المؤكد أنه في حال انفجار الأوضاع أكثر في سوريا، سيدفع لبنان الثمن. ولهذا، نحن نتخوّف على الشعب السوري وعلى لبنان في الوقت نفسه".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك