تبدو الأيام الثمانية الفاصلة عن موعد جلسة انتخابات الرئاسة الخامسة والأربعين المقرّرة في 28 الجاري أنّها ستكون حاسمة بالنسبة إلى مصير الاستحقاق، فإمّا ستكون إنجازاً، وإمّا ستَفتح الباب أمام فصلٍ جديد من عمر الشغور الرئاسي.
لماذا الجلسة الخامسة والأربعون "ستكون مختلفة" عن سابقاتها؟ وما الذي تغيّر في المشهد السياسي، وتالياً في مسار الاستحقاق الرئاسي، حتى تكون هذه الجلسة "مفصلية" في نظر بعض الراسخين في عِلم الانتخابات الرئاسية؟
والمؤشّر الثاني على احتمال فشلِ جلسة 28 الجاري انهيار الهدنة التي اتّفقت موسكو وواشنطن عليها، والتي لم تصمد أساساً، في سوريا، والعراك الكلامي الدائر بين واشنطن وموسكو، وما رافقه من كلام لمسؤولين أميركيين يتّهم الرئيس باراك أوباما بالفشل في سوريا، فضلاً عن دخول ايران على خط التوتر الاميركي ـ الروسي بإعلان المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية السيّد علي خامنئي انّ الاميركيين "لا يؤمَن جانبهم"، وكذلك مقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في صحيفة "نيويورك تايمز" الذي هاجم فيه الوهابية، والذي سبَقته حرب كلامية بين الرياض وطهران قبَيل موسم الحج وأثناءه.
وفي هذا السياق يقول قطبٌ سياسي إنّ تفاؤل عون المستمر يستند الى أنّه تلقّى من الحريري مباشرةً، أو عبر مدير مكتبه نادر الحريري "التزاماً" بأنّه قرّر تبنّي ترشيحه وأنّه سيعود الى بيروت ليحضرَ جلسة الانتخاب للتصويت ونوّاب كتلة "المستقبل" مؤيّدين له. وفي الوقت نفسه تسرّبَت الى عون "معطيات" عن موقف اميركي "مؤيّد" لانتخابه، وأنّ الإدارة الاميركية "تطبخ" الآن هذا الأمر "بمعزل" عن الموقف السعودي لانشغال الرياض بأزمات اليمن والمنطقة، حتى إذا نضَجت الطبخة تُبادر واشنطن الى إقناعها بها. ويقول أحد النواب "المستقبليين" في هذا المجال إنّ المرجّح أنّ اتّصالاً اميركياً، ربّما عبر وزير الخارجية جون كيري، قد حصَل مع الرياض لهذا الغرض، فيما البعض يقول إنّ أيّ موقف سلبي أو إيجابي لن يتبلور إلّا قبيل جلسة 28 الجاري.
لكن في الوقت نفسه يشير القطب الى أنّه لم يرشح من الرياض أيُّ موقف يشير الى أنّها تؤيّد عون الذي لا يمانع أن يكون الحريري رئيسَ الحكومة الأولى في عهده بعد انتخابه. كذلك يشير القطب نفسه الى أنّه لم يرشح من الرياض أيّ إشارة تأييد أو عدم تأييد للحريري في تولّي هذا الموقع، ويقول البعض إنّ الحريري ربّما يتصرّف في هذا الشأن من تلقائه في اعتبار أنّ القيادة السعودية لا تعارض دورَه السياسي في لبنان على رغم الأزمة المالية التي يعانيها والعالقة في جانب منها بينه وبين الرياض.
على أنّ مطّلعين على أجواء الحريري يرون أنّ أمور الاستحقاق الرئاسي بدأت تتسارع منذ زيارة مساعد وزبر الخارجية الاميركي توم شانن الأخيرة لبيروت والتي قابلَ خلالها رئيس مجلس النواب نبيه بري ومستشار رئيس الحكومة شادي كرم وقائد الجيش العماد جان قهوجي وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ثمّ تغدّى الى مائدة النواب ياسين جابر وباسم الشاب وألان عون أعضاء لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية ـ الأميركية الذين كانوا التقوه في واشنطن التي زاروها في وقتٍ سابق من هذه السنة.