أنهى سعد الحريري جولته في الرابية حيث التقى العماد ميشال عون للمرّة الاولى منذ 18 شباط 2015. وصل الحريري الى الرابية مبتسماً وغادرها مبتسماً، بعد أن مكث ساعتين ونصف. حرصت مصادر الجانبين، وخصوصاً التيّار الوطني الحر، على تسريب أجواء إيجابيّة. "كان عون مستمعاً أكثر منه متكلّماً. سمع من ضيفه ما جمعه في جعبته من نتائج لقاءاته" وفق ما أكّد مصدر قريب من الرابية.
ويضيف المصدر: "المبادرة في يد الحريري الذي يبقى عليه أن يسمّي عون للرئاسة لترجمة انفتاحه"، مشيراً الى أنّ البحث خلال الاجتماع لم يتطرّق الى مضمون السلّة التي يُحكى عنها، فما يجب أن يُتّفق عليه بين الحريري وعون سبق أن تمّ في اللقاءات والاتصالات السابقة بين الوزير جبران باسيل ونادر الحريري.
وقبل أن يصل الى الرابية، كان الحريري عقد في معراب ما وصفه مصدر مطلع على زيارة رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع بـ "اللقاء التشاوري" الذي غلب عليه البحث الجدّي حيناً وأجواء الطرافة حيناً آخر، والتي شملت الجميع، وخصوصاً الحريري. وبدا لافتاً أنّ أحد أعضاء الوفد المرافق للأخير سأل جعجع عن احتمال السير بمرشّح ثالث، فجاء ردّ رئيس "القوات" حازماً في الرفض والتمسّك بعون، إلا إذا قرّر الأخير غير ذلك.
وتشير المعلومات الى أنّ الحريري أبلغ جعجع موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري الرافض بشكلٍ قاطع، حتى الآن، لانتخاب عون.
ويبدو واضحاً، نتيجة ما عقده الحريري من لقاءات، بدأها ببنشعي حيث مرشّحه النائب سليمان فرنجيّة وأنهاها بالرابية حيث مرشّحه المقبل، ربما، ميشال عون، أنّ العقدتين اللتين تعترضان وصول "الجنرال" هما بري داخليّاً والسعوديّة خارجيّاً، خصوصاً أنّ أكثر من مصدر واسع الاطلاع أكّد أنّ الموقف السعودي من عون لم يتغيّر.
ومن المؤكد أنّ الموقف السعودي سيتبلّغه الحريري الذي سيغادر بيروت الى الرياض في زيارة بعنوانين مالي ورئاسي. كما تشير المعلومات الى أنّ الحريري سيتواصل مع بري من جديد، إما عبر لقاءٍ مشترك أو هاتفيّاً، في محاولة لإحداث كوّة في موقف رئيس المجلس الصلب حتى الآن، على صورة السلّة الثقيلة بالمطالب التي يضعها شرطاً للموافقة على أيّ مرشّح. علماً أنّ بري سأل الحريري في بداية لقائهما في عين التينة "شو عم تعمل؟"، وأبدى عتباً شديداً على التغيّر في موقف رئيس "المستقبل"، مؤكداً عدم استعداده للتنازل عن أيّ شرط أو أيّ بند في السلّة، وصولاً الى حلّ يرضي الجميع ولا يستبعد أيّ فريق. ولعلّه يقصد بذلك فرنجيّة الذي تؤكّد مصادره بأنّه متمسّك بترشيحه أكثر من أيّ وقتٍ مضى وليس في وارد الانسحاب لصالح أيّ مرشّح، سواء عون أو مرشّح تسوية ثالث.
يبقى أنّ بعض الأسئلة تفرض نفسها، كما أنّ الإجابة عليها تشكّل خارطة الطريق نحو انتهاء الأزمة الرئاسيّة: هل يمكن أن يقوم الحريري بهذا التحرّك الانفتاحي باتجاه عون، من دون موافقة السعوديّة؟ هل يمكن أن يسير الحريري بخيار عون من دون بري؟ هل سيؤدّي استمرار رفض بري لعون الى توتّر في علاقة "الجنرال" بحزب الله غير القادر، أو غير المحاول، على إقناع حليفه بالأمر؟
ولعلّ السؤال اللغز يبقى: هل يريد حزب الله عون رئيساً؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك