لم يجد رئيس "تيار المستقبل" سعد الحريري في موسكو لا وصفة رئاسية ولا إشارة توحي بأن روسيا ستهادن خصومها على أرض الميدان السوري. صارت مواقف الجميع معلنة. حتى اغراءات المشاريع والاستثمارات التي تعوّد عليها السعوديون، ومعهم الحريري، في مرحلة ما، لم تعد تغري الروس، فكيف اذا كان أصحاب الشأن يبحثون هم عمن يغريهم لفك أسر أزمتهم المالية؟
ولو ذهب الحريري بعد موسكو إلى أية عاصمة أجنبية أو عربية، لن يجد ضالته هناك. معظم المقاربات الخارجية للواقع الرئاسي تستند الى عنصرين هامين ينظر معظم الخارج اليهما بوصفهما حجر الزاوية في التعامل مع الملف الرئاسي اللبناني، وهما كيفية التعامل مع ملف النزوح السوري لبنانيا وكيفية مقاربة ملف الأمن والإرهاب ثانيا؟
برغم انسداد الأفق الرئاسي، يطرح متابع ديبلوماسي للواقع اللبناني ما يعتبرها "الفرص الرئاسية الممكنة":
الاولى: أن يفك الحريري ارتباطه بالسعودية نهائيا، وبالتالي يكون قادرا على اتخاذ قرار وتحمل تبعاته وحده مهما كانت النتائج. فقد قال مسؤولون غربيون في الأسابيع الأخيرة ان من يصر على ايصال رئيس يجب أن يتحرر من الالتزامات الخارجية. طال انتظار الحريري لموعد تحدده له القيادة السعودية.. النصيحة القائلة بوجوب اتباع دينامية داخلية مع ضغط خارجي يؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية لا تسري مفاعيلها على زعيم "المستقبل"، علما ان هناك من يصر على القول إنه كان بمقدور الرجل أن يقول نعم من دون العودة الى السعودية، غير أن الحقيقة الموضوعية تشي بأنه حتى لو اقفلت السعودية كل أبوابها، لن يخرج الحريري من عباءتها. النتيجة أنه في المرة الاولى (تقارب الحريري ـ عون قبل سنتين ونيف) انتهى الأمر بوضع "فيتو" سعودي على "الجنرال" ميشال عون (تحديدا الأمير الراحل سعود الفيصل) وفي المرة الثانية لا يملك الحريري قدرة التمرد على السعودية، حتى لو أهملته.. طويلا.
الفرصة الثانية: امكان حصول تفاهم سعودي ـ ايراني في اطار سلة حل شامل في المنطقة بحيث تعمد طهران الى مسايرة الرياض في اليمن والعراق مقابل سوريا ولبنان، ولكن هذا الخيار لا يبدو أنه بمتناول اليد، لا الآن ولا في المدى المنظور.
الفرصة الثالثة: تكون قناعة دولية اقليمية بأن استمرار الوضع على حاله في لبنان سيؤدي الى انهيار اقتصادي، واذا حصل ذلك، سيقع البلد حتما في قبضة التطرف والمتطرفين، ويستدعي ذلك استنفارا خارجيا لتكريس رئيس يمنع الانهيار، ولو كان اسمه ميشال عون!
الفرصة الرابعة: ان يقتنع "حزب الله" بأن فرصة ميشال عون أو سليمان فرنجية الى سدة الرئاسة، ليست مفتوحة بل يمكن أن تنتهي بعد اشهر عدة لسببين، إما اعتبارات إقليمية انقلابية وإما وصول هيلاري كلينتون او دونالد ترامب الى الرئاسة الاميركية، حينها تنعدم فرصة وصول مرشح من 8 اذار الى الرئاسة.
دعاة الخيار الرابع يعتبرون أن عامل الوقت ليس مفتوحا لمصلحة "فريق 8 آذار" لأنه لا بد أن تحصل تفاهمات في المنطقة وسينتخب رئيس جديد في أميركا، لذلك، على "8 آذار" حسم الرئاسة اللبنانية قبل الرئاسة الأميركية وقبل أي تفاهم إيراني ـ سعودي.
سحب الورقة الرئاسية عن طاولة التفاوض الإقليمي ممكنة اليوم وستكون لاحقا غير ممكنة. بهذه الخلاصة يخرج الديبلوماسي ويسأل: "كيف ستستقر صورة سوريا بعد سنوات الحرب الطويلة، هل ستبقى دولة مركزية موحدة أم ستذهب نحو الخيار الفيدرالي، وإذا بقيت موحدة ما هي صيغة دستورها الجديد.. وهل بالإمكان الإتيان برئيس جمهورية في لبنان قبل الحصول على مثل هذه الأجوبة السورية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك