مكانهما محجوز ليلة كلّ سبت على البار في الملهى، من دون ان تكلّفا نفسيهما عناء الاتصال، فغيابهما مستحيل ولو في عزّ المرض. كأسهما المعتاد ينتظرهما متى وصلتا، ويرافقهما طوال السهرة من دون زيادة، فالـ"زهزهة" ممنوعة، والعيون يجب أن تبقى شاخصة منتبهة للحظة الموعودة. هكذا يمكن تلخيص ليالي السبت في روزنامة سحر وتانيا اللتان، تريان في السبت أملهما الوحيد لتوديع العزوبية الطويلة.
ففي السنوات الاخيرة، شكّل تراجع عدد الشبان في لبنان بدافع السفر خصوصا لتأمين مستقبل أفضل، ازديادا، بطبيعة الحال، لنسبة العازبات، حتى بتن، وبحسب الدراسات الأخيرة يشكلن فائضا أنثويا، حتى وضعت المعادلة الشهيرة التالية: مقابل كلّ شاب هناك سبع فتيات. معادلة دفعت بكثير من الجنس اللطيف إلى القلق إزاء ما ينتظرهنّ، ووصل حال بعضهنّ إلى اليأس، فبتن يبحثن في كلّ الاماكن عن أمل بلقاء فارس الأحلام.
المعروف أن التعارف في العادة يحصل إما عن طريق الأصدقاء أو الأقارب، أو في مكان العمل، وفي كثير من الاحيان خلال سهرة أو زفاف أو مناسبة اجتماعية، وإما ايضا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي درجت بشكل كبير، بعدما احتلت هذه الأخيرة حيّزا مهما من حياتنا. فعدد كبير من المتزوّجين التقوا للمرة الأولى على "فايسبوك" فتعرّفا وتواعدا، وتمّ النصيب. كثر أيضا كانوا زملاء في العمل، جمعتهما ساعات العمل الطويلة واليومية إضافة إلى الاهتمامات نفسها، فقرّروا إكمال المشوار، بعد العمل أيضا. كذلك، لطالما كانت حفلات الزفاف شاهدة على قصص حبّ تكتب كلماتها الأولى، في نظرة أو رقصة، أو مغازلة. حتى المآتم، صدّقوا او لا تصدّقوا، جمعت في بعض الاحيان قلوبا حزينة، لترتبط معا في السراء والضراء، في الحياة وفي الموت.
سحر وتانيا، وبعدما استنفدتا مختلف الوسائل، رأين في سهرة السبت في ملهى يعدّ فخماً، دليلهنّ الوحيد إلى الشاب الذي يحلمن به، حتى ولو كلّفهما الامر اكثر من نصف الراتب، فيما يذهب ما تبقى منه لدفع البنزين، ولشراء فساتين جديدة لطلّة مميزة ليلة السبت، تختلف عن ما سبقها.
قد ينظر بعضنا إلى ما تفعله هاتان الشابتان بعين الامتعاض أو الاشمئزاز، وكأنهما تستميتان على شاب، أو كأنّ الزواج هو هدفهما الوحيد في الحياة، غير أن لهما عزيمة يشهد لهما فيها، وبالتأكيد تُفرح قلب صاحب الملهى، المستفيد الاول والأخير، من "نطرة الصبايا على البار".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك