قد نختلف على الصيغة وعلى الدستور... قد نختلف على المناصب وعلى الأشخاص... قد نختلف على التاريخ وعلى المستقبل... لكن الأكيد أننا لم ولن نختلف على الوديع...
وديع فرنسيس ابن جبل نيحا الذي أوصل صوته إلى جبل صنين، وابن الأرض التي شرب من مياهها فرواها بفنه وعطاءاته، حتى بات قيمتها الفنية المطلقة، وعامود الثالوث الفني المقدس في التاريخ الفني المعاصر.
من كان ليعلم أن الفائز في مباراة الإذاعة اللبنانية في ثلاثينيات القرن الماضي سيجعل من الأغنية اللبنانية لواء يحمله إلى كل أصقاع الأرض، وسيرمي بصوته مواويل وفولكلور الأغنية لتطال كل سامع أينما كان.
قيل الكثير في وديع الصافي، لكن شهادة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب تختصر ما يمكن أن يحكى عن هذه الموهبة الفريدة التي لا تتكرر. فعند سماع عبد الوهاب موالا بصوت وديع الصافي قال: من غير المعقول أن يملك أحد هكذا صوت.
شاهين شو جابك عا ضيعتنا، وفاتح الردة ضد وردة التي كسرت قلبه، والميتم بليلى بكل جوارح العاشق... والأهم من ذلك، عاشق الوطن في أحلك الظروف، وصاحب المقولة الدائمة: ما أعز من الولد إلا البلد.
وفي زمن الانقسام، أجمعت الجمهورية الثانية على وديع الصافي، فكان مثالا فريدا لشخصية نالت أوسمة من معظم رؤساء الجمهورية من كميل شمعون إلى فؤاد شهاب وسليمان فرنجية، وكل رؤساء الجمهورية الثانية.
ومن لبنان إلى مصر والعالم كله، حمل خلال الحرب صوته وجال به العالم في حفلات أعادت الدفء إلى الهوية اللبنانية الضائعة بين المتاريس.
هل تكفي دقائق قليلة للحديث عن وديع الصافي... قطعا لا... وديع الصافي لا يفيه الوقت حقه، ولا تحصره المساحات... هو قطعة من سماء صدحت فارتمت في أحضان الأرز...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك