* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان":
عامان ونصف العام، ولبنان من دون رئيس جمهورية، والجلسة السادسة والأربعون لمحاولة انتخاب الرئيس منتظرة نهاية الشهر، في وقت يربط مراقبون صعوبة تحقيق الهدف، بأسباب محلية عدة وصولا إلى التطورات الاقليمية في اليمن، كما في سوريا التي تستمر الأزمة فيها منذ خمسة أعوام ونصف العام و"الحرب على الجرار". ومجلس الأمن الدولي أخفق في الوصول إلى حلول: بفيتو روسي على مشروع فرنسي، ورفض من عشرة أعضاء لمشروع روسي.
محليا، البطريرك الراعي لم يسترح في اليوم السابع. فبعدما دق ناقوس انتقاد محاولة تكبيل رئيس الجمهورية بقيود قبل الانتخاب، كرر البطريرك اليوم، تمسكه بما ورد في عظته السابقة، وببيان مجلس المطارنة الموارنة، وزاد عليها التشديد على صفة "الرئيس الحكم" لا الرئيس الطرف ولا الرئيس الصوري، وعلى الإبتعاد عن الثنائيات والترويكات، وعلى الدعوة للنزول إلى المجلس وانتخاب رئيس الجمهورية وفق الدستور والميثاقية.
عظة اليوم، كان قد سبقها بساعات، تأكيد الوكيل البطريركي المطران سمير مظلوم على إيجابية زيارة الوزير علي حسن خليل لبكركي يوم الجمعة الماضي، وأن لا خلاف بين الصرح والرئيس بري الذي نقل عنه خليل- بحسب مظلوم- أن السلة ليست شروطا ولا تحمل شروطا بل هي للتسهيل.
في الغضون، الموضوع الرئاسي سيكون ضمن جولة إضافية للرئيس سعد الحريري تقوده، على ما ذكر، إلى فرنسا وتركيا ومصر والسعودية. مراقبون لم يستبعدوا أن يتبلور موقف للحريري بعد الجولة، يكون أكثر وضوحا أو علانية بالنسبة إلى الفكرة المتداولة بما خص طرح العماد عون رئيسا. وبالتالي سيبنى على الأمر مقتضاه.
بداية من خبر مقتل مسؤول "داعش" أبو بكر الرقاوي الذي قتل في عرسال، والذي كان يتصل بأهالي العسكريين المخطوفين ويهددهم لابتزازهم، كما ظهر في إحدى الصور يضع سكينا على رقبة أحدهم.
الأحد الفائت انتقد الراعي السلة ومن يعمل بمقتضاها. فكان جواب بري ان السلة لا تتضمن إلا ما ورد في طاولة الحوار. واليوم أكد الراعي في عظته، ان المواضيع التي طرحت على طاولة الحوار، على أهميتها، لا يمكن ان تكون ممرا الزاميا لانتخاب الرئيس. فهل نحن أمام فصل جديد من فصول التجاذب بين بكركي وعين التينة؟.
على خط آخر، مساع كثيرة تبذل لعقد اجتماع بين الرئيس بري والعماد عون، علما ان النائب سيمون أبي رميا كشف للـ mtv ان الاجتماع المرتقب قد يكون ثلاثيا، بحيث يضم إلى بري وعون السيد حسن نصرالله.
لكن الانتظارات المحلية تصطدم بواقع اقليمي متفجر، فمن حلب إلى اليمن يمتد خط الدمار والموت وانهيار الجهود الدبلوماسية. ما ينبئ ان المنطقة مقبلة على مزيد من التفجرات. فهل يمكن في ظل هذا الواقع السوداوي، ان يكون هناك بصيص أمل لحل للأزمة الرئاسية اللبنانية؟.
العالم تدخل، لكن من باب المصالح التي تضاربت فأسقطت مشروعين في مجلس الأمن. الروس لم يكتفوا بفيتو الدفاع الخامس هذه المرة، بل تقدموا بهجوم دبلوماسي أسقطه الغرب، فسجلوا أهدافا بالجملة: حصنوا سوريا بإصطفافات دولية جديدة ألحقت مصر بموقعها الطبيعي، ولم يتراجعوا أمام إبتزازات أميركية وفرنسية، وتصدوا لضغوط لوحت بالتدخل العسكري الأميركي في سوريا، فرد الروس بالتحذير من لعبة خطيرة ستولد تداعيات.
المنطقة تغلي، كل عناوينها مشتعلة، حتى تركيا تنزف يوميا بتفجير من هنا وهجوم من هناك. العنوان اللبناني وحده تقاربي، فهل ينتج هذه المرة؟. الرهان على صحوة سياسية، كما قال الوزير علي حسن خليل، تفرض التوافق على صيغة تخرجنا من المراوحة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. فيما كان البطريرك بشارة الراعي يستبعد عناوين الحوار عن طريق الرئاسة، رغم أهميتها، ما يعني بقاء البلد في مرحلة الانتظار.
النظام السعودي لن يستطيع غسل يديه ووجهه ومستقبله من هذا الدم: الموقف يمني رسمي وشعبي، وهو على قدر الصمود المتواصل عزما وحزما منذ الأيام الأولى للعدوان، معطوفا على تطور القدرات الرادعة والدافعة للعدوان على الحدود وفي العمق السعودي.
واشنطن تملصت من حصتها في الاجرام السعودي في محاولة اختباء مفضوحة. وفي غير مكان حول العالم، جهات تفاجأت، وكأنها للمرة الأولى ترى نظام آل سعود يصب نار حقده على الشعب اليمني ومقوماته وثرواته. هذا الشعب الذي يعد بصمود فوق الألم، وبأيام تبرهن تاريخا طويلا من المجد والقدرة على صد العدوان في أي زمن أتى وبأي شكل حل.
في تشابه الصمود، شعب فلسطين يرى نفسه في شعب اليمن من موقع المظلوم ووحدة الظالم، والاثنان يتشاركان معا طعم الصبر والتضحية. وبعد أيام تتم الانتفاضة الثالثة عامها الأول، متوقدة بتضحية بطولية خاضها اليوم الأسير المحرر مصباح أبو صبيح بالسلاح والنار، حاصدا جنديين وخمسة جرحى من الصهاينة قبل استشهاده.
وإذا كانت نتائج الاجتماع منتظرة سريعا، حيث تتضح معها الايجابية من السلبية، وما هو قابل للأخذ والرد تمهيدا للوصول إلى أرضية مشتركة، فإن المشاورات الدائرة على صعيد الملف الرئاسي تسير بدقة في الكواليس، بوتيرة تسعى لأن تكون منتجة في أقرب فرصة. وكان لافتا على هذا الصعيد، الموقف الذي عبر عنه اليوم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، باعلانه ان التفاهم مع تيار "المستقبل" قد أنجز، مترافقا مع طمأنته للحلفاء والمعنيين، بأن "التيار" لا يتنازل أو يزحف من أجل الرئاسة، بل يتفاهم للمصلحة الوطنية. فهل تسهم الأيام المقبلة في نقل الأمور من خانة الرمادية في مقاربة الملفات المطروحة؟. لننتظر ونسمع ونعاين، وما هو اليوم عرضة للتأويل والتحليل، سيكون في الغد، أكثر وضوحا وحسما للجدل.
البطريرك الراعي يطالب الأفرقاء جميعا وحلفاءهم، وحلفاء حلفائهم، لوقف الثنائيات والثلاثيات والحديث عن التفاهمات، لأن كل الشروط مرفوضة، والمطلوب الاعلان عن المواقف، سلبية كانت أم ايجابية، في شكل صريح.
هذا في بكركي، أما في عين التينة فالصورة كذلك واضحة، إما النزول إلى المجلس النيابي بأكثر من مرشح، وإما التفاهمات المسبقة للانتخابات تحصينا لكل العمل السياسي، ونحن ندور في الدوامة نفسها منذ أكثر من سنتين.
الوضع في الاقليم إلى المواجهة المكشوفة، من اليمن إلى سوريا. والحرب الباردة بين واشنطن وموسكو ترتفع حدتها يوما بعد يوم، ما يبعد أكثر فأكثر الحلول المحلية اللبنانية.
فسلة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي يرفضها النائب ميشال عون، والتي طرحت أكثر من علامة استفهام، دفعت الشيخ قاسم إلى التأكيد على هذا التحالف على الرغم من التشكيك المتعدد بأن يكون "حزب الله" جديا في ترشيح عون، وبالتالي جديا في ملء الفراغ.
وفي عز الدعوة إلى التفاهم التي يطلقها "حزب الله"، أكد رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، أن من اعتاد أن يزحف ليكون رئيسا للجمهورية، لن يرانا زاحفين ولا راكعين بل واقفين ورأسنا إلى الأعلى. وقال إن تياره لا يعمل إلا ضمن القانون والدستور.
وبعيدا عن التصريحات التي تدور في حلقة الفراغ، برز اليوم خبر مقتل مسؤول "داعش" في جرد عرسال أبو بكر الرقاوي. ففي المعلومات المستقاة من مصادر أمنية، أن "جبهة النصرة" عملت على تصفية الرقاوي، وهو المسؤول عن أعمال التصفية التي تقوم بها "داعش" في عرسال. وفي المعلومات أيضا، أن الرقاوي هو المسؤول عن قتل عدد من أبناء بلدة عرسال، ومن بينهم قتيبة الحجيري، والمؤهل في قوى الامن الداخلي زاهر عز الدين.
إقليميا، بقيت أصداء إجهاض الفيتو الروسي مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن حلب، تتردد في الأروقة الدولية، فيما أهالي حلب يرزحون تحت وطاة القصف والغارات الجوية الأسدية والروسية.
دخول المملكة في التحقيق، لم يخفف من وطأة الغضب اليمني الذي خرج بتظاهرات حاشدة، تنديدا بمجزرة العصر غير المسبوقة التي لا يضاهيها إلا ما ارتكبته اسرائيل من قانا إلى غزة.
علي عبد الله صالح الخارج حيا من قاعة لم يكن فيها، دعا القوات المسلحة إلى التحرك بإتجاه الحدود السعودية. فيما أطل السيد عبدالملك الحوثي تلفزيونيا هذا المساء مفتتحا خطابه باتهام المملكة.
وفي انتظار التحقيق، فإن "عاصفة الحزم" بدت على غير حسم، وذهبت إلى استجواب نفسها، علما ان الاعلام الغربي كان يقارب المجرزة على انها ضربات جوية، ومن سيحلق فوق اليمن غير طائرات التحالف، إلا إذا استعار الاميركيون أو الاسرائيليون فضاء عربيا حليفا؟.
وفيما يترك التحقيق لنتائجه، فإن الارهاب لم يعد محصورا في بلد واحد، لاسيما بعد ان تتم التسوية على خروج مئات المسلحين بأسلحتهم من حلب، وينتشرون حيث تدعو الحاجة. فالارهاب متى خرج من القمقم سيضرب أينما كان، حيث لا مناطق محظورة عليه حتى تلك التي ربته وكبرته ودعمته بالمال والبنون. إذ إن أنباء التفجيرات الارهابية تسابق القوى الأمنية: عبوات متلاحقة في تركيا، رجل وامرأة انتحاريان في أنقرة، مطاردة في المانيا، ضبط سبعة أرهابيين في الكويت، مقتل احد عشر ارهابيا في بنغلادش، رعب ارهابي في فلوريدا، وغيرها من الملاحق التي تبقي العيون الأمنية على قلق اليوم، فكيف بخروج القدود الحلبية الارهابية.
في لبنان مواويل رئاسية، وعتابا برتقالية الأحد المقبل نحو بيت الشعب، كما أعلن اليوم رئيس "التيار" جبران باسيل، الذي جال في بسكتنا قضاء المتن قائلا: من اعتاد ان يزحف ليكون رئيسا، لن يرانا زاحفين ولا راكعين، بل واقفين ورأسنا إلى الأعلى.
وعلى الرئاسة وسلتها المرفوضة، وجه البطريرك الراعي من جديد ضربة أشبه بالهزة، إلى عين التينة وطاولتها، قائلا إن المواضيع التي طرحت على طاولة الحوار لا يمكن ان تكون ممرا الزاميا لانتخاب الرئيس أو شروطا او قيودا على المرشح أو الرئيس المنتخب، كونها تخالف الدستور. والصفعة الأشمل كانت لجميع الكتل السياسية التي عليها ان تحسم موقفها بوضوح من المرشحين.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك