قُضِي الأمر. سعد الحريري حسم قراره النهائي بعد جولة مشاورات داخلية وخارجية، ستجعله يعلن قبل نهاية الأسبوع الحالي بالفم الملآن: نعم لميشال عون.
لا يكترث الرجل لرتل الملاحظات والتحفظات التي يسجلها فريقه النيابي، ولا يعطي أهمية بالغة لجبهة الاعتراض القائمة في بيته الداخلي، لأن ما بين يديه من معطيات وتطمينات تجعله يكمل استدارته الى الرابية... واثق الخطوات. أقله هكذا أبلغ نوابه أمس.
ولذا، من انتظر صدور بيان "كتلة المستقبل" بعد اجتماعها الأسبوعي، ليبني على الشيء مقتضاه، لم يفز. فما حصل على الطاولة التي ترأسها الحريري، مرة جديدة، لا يشبه أبداً ما تمّ التعبير عنه في البيان المقتضب الذب بدا وكأنه مكتوب في أول ايام الشغور الرئاسي وليس بعد أكثر من سنتين ونصف، وفي لحظات مصيرية قد تحمل البلاد من ضفّة إلى أخرى.
ترأس رئيس الحكومة السابق اجتماع كتلته النيابية على وقع تحذير الرئيس نبيه بري بلسان وزير المال علي حسن خليل من "العودة الى ميثاق 1943 والثنائية المارونية السنية"، قبل أن يحسم التكهنات حول خلفيات التصعيد من جانب الرئاسة الثانية ويؤكد "لن نمشي مع العماد عون وسنصوت ضده وننتقل الى المعارضة".
ومع ذلك، بدا الحريري حاسماً في قراره، ليعيد فتح باب النقاش مع النواب حول خيار رئيس "تكتل التغيير والاصلاح"، وهذه المرة لإقناعهم به وليس العكس، فكان أن استعرض بعض الحاضرين سلسلة مآخذهم على هذا الخيار، ورد الحريري بالتأكيد أنه واثق من خطواته ومن أداء الجنرال في المرحلة المقبلة، وأنّ النقاش سيبقى مفتوحاً معهم لحملهم الى ضفته، والأهم من ذلك تأكيد حصوله على ضمانات مقابل السير بهذا الخيار السياسي الكبير!
لا بل أكثر من ذلك، زاد الحريري أن السعودية غير ممانعة لخيار ترئيس ميشال عون، وبالتالي هو يتعامل مع هذه المعادلة على أنها "ضوء أخضر".
عملياً، لم يصل الحريري الى اتفاق مع كتلته، ويفترض أن يستمر النقاش في الكتلة، حتى لو صدر الإعلان الرسمي بتبني ترشيح رئيس "تكتل التغيير والاصلاح"، ولكن بشكل منفرد حيث يفترض أن يلتقي زعيم "تيار المستقبل" نوابه في لقاءات ثنائية لتذليل كل العقبات أمام انتخاب ميشال عون.
ولهذا يرفض أكثر من نائب حسم خياره في التصويت منذ الآن، ولكن الأكيد أنّ الرئيس فؤاد السنيورة والنائب أحمد فتفت، كما تقول المعلومات، لن يصوتا لمصلحة رئيس "تكتل التغيير والإصلاح"، وهما رفضا الصيغة التي عرضها الحريري بأن يحضر "الجنرال" إلى "بيت الوسط" وأن يتم اعلان ترشيحه بحضور جميع أعضاء الكتلة.
في بيانها، رأت كتلة المستقبل النيابية ان الاولوية في هذه الفترة الحرجة والطويلة والخطيرة من الشغور الرئاسي، "هي لانتخاب رئيس للجمهورية وفقا للدستور والتزاما به وتنفيذا لمواده باعتبار ان الدستور هو الوثيقة الدستورية الوحيدة التي توافق عليها اللبنانيون ولم يعد بالتالي وجود لاي قواعد اخرى تعتمد من خارجه".
واعتبرت أن "المهمة المركزية والاساسية للنواب والقوى السياسية الآن هي العمل لانتخاب رئيس للجمهورية وفقا لأحكام الدستور. وبالتوازي مع ذلك، ينبغي الحرص على تفعيل عمل المؤسسات الدستورية، وتحديداً مجلس النواب ومجلس الوزراء لكي يصار إلى معالجة القضايا والمسائل الملحّة والضرورية بفعالية"، مؤكدة أنّ "كل تأخير في انتخاب رئيس الجمهورية وكل عرقلة لعمل المؤسسات الدستورية وتحديداً لعمل مجلس النواب ومجلس الوزراء، يعرض البلاد إلى مفاقمة الاخطار الراهنة والمحتملة على كل المستويات الوطنية والسياسية والامنية والمالية والاقتصادية".
(كلير شكر - السفير)
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك