تشكّل المدرسة، الواجهة الاولى لمستقبل الإنسان، فيها لا يدرك العلم فحسب، إنما يتعلّم الاحترام وما رافقه من اسس السلوكيات.
بيدنا نرسلهم إليها، فالعلم سلاحهم الأقوى، هو الذي سيشكل ورقتهم الأقوى في الحياة، ويبعدهم عن آفات المجتمع وأخطاره. لكن، ماذا لو حصل ما لم نكن نتوقعه؟ ماذا لو عادوا في المساء، عكس ما كانوا عليه في الصباح، شكلا ومضمونا؟
في الماضي كان الأهل يقولون لأساتذة المدرسة "خدوا اللحم واعطونا العضام"، معلنين ضوءا أخضر، يخوّل هؤلاء ان يطلقوا العنان لكلّ الوحوش التي في داخلهم، في حال لم يستوعب التلميذ، أو إذا شاغب، أو تصرّف بشكل غير لائق. اما اليوم، فتغيّرت الظروف واساليب التفكير، بات ضرب الطفل جرما، يعرّيه من حقوقه وأوّلها بأن لا يتعرض لايذاء نفسي أو جسدي، كما يعرّي الاستاذ من المفاهيم المرتبطة به حصرا وعلى رأسها، "تربية الاجيال". كذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي، باتت عائقا مهما امام اي تخطٍّ للمسموح به، خصوصا أن كلّ شيء بات يُنشر بالصور، والفيديو، من داخل الصف أحيانا.
غير أن استثناءات تحصل بين الآونة والاخرى، فنسمع عن تعنيف لطفل في مدرسة، أو عقاب لا يمتّ إلى الانسانية بصلة. وما حصل في مدرسة الغزالة في منطقة ابي سمرا في طرابلس، يندرج في إطارها، رغم انه تخطى حدود الضرب والشكاوى... إلى أبعد من ذلك.
فقد تعرّض أحد التلامذة ويدعى ابراهيم سعد الدين للضرب من قبل معلّمته لانه كان يتكلّم أثناء الحصّة، حيث عمدت الى ضربه بالمسطرة على رأسه، فجرحت رقبته، كما يظهر في الصورة المرفقة.
وقد روى الوالد علي سعد الدين في حديث لموقع mtv الالكتروني، انه توجّه، على اثر هذه الحادثة إلى المدرسة، وسأل المدير والناظر عن الموضوع، ولمّا حصل على الاسم الكامل للمعلّمة، اتصل بالوزارة وأطلعها على تفاصيل ما حصل، غير انه فوجئ حينما طالعته المسؤولة بأن عشرات الشكاوى ترد من الاهالي ضدّ هذه المدرسة، بسبب سوء المعاملة التي يتعرض لها التلاميذ من قبل عدد من الاساتذة.
ولفت سعد الدين إلى انه تلقى وعدا من الوزارة بفتح تحقيق في هذا الموضوع، غير أن ما حصل في اليوم التالي، كان الأفظع. إذ، وبحسب قوله، استدعى مدير المدرسة إبنه في الصباح الباكر، واحتجزه في مكتبه، حيث انهال عليه بالتوبيخ والصراخ، ولم يسمح له بتناول الطعام طوال اليوم، وقام بتهديده، كما فعل مع جميع التلاميذ، بأنه سيُطرد من المدرسة في حال توجيه أي اتهام لأي استاذ.
يروي الوالد بحرقة، ما يعانيه ولده، ويضيف: "هذا هو واقع المدارس الرسمية في بلادنا"، مشيرا الى انه عندما نشر ما حصل على صفحته على "فايسبوك" تلقى دعما كبيرا من أهالي التلاميذ الذين شاركوه قصصا مشابهة حصلت معهم.
ومن هنا، رسالة إلى الأوصياء على "ابناء المستقبل": بكلّ كلمة وفعل، إنما أنتم تنحتون أجيالا ستؤتمن على أرضنا وحقوقنا وواجباتنا، فحذار مما أنتم فاعلون، أوليس "العلم في الصغر كالنقش على الحجر؟".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك