الموصل ستعود حرّة، و"داعش" سيُهزم ويتشتّت. تتنافس كل القوى على المشاركة في تحرير الموصل. وزير الدفاع الأميركي يزور بغداد لمواكبة تحرير المدينة، ولعل ذلك يتم قبل الانتخابات الرئاسية وفي أقصى الأحوال وأقسى الظروف قبل مغادرة باراك أوباما البيت الأبيض فيُسجل لنفسه انتصاراً له في الشرق الأوسط الذي خذله عندما أهمله خصوصاً في سوريا. والجنرال قاسم سليماني في الميدان يُنسِّق مباشرة أو بالوكالة عبر العراقيين المواجهات والمعارك.
هزيمة «داعش» لن تكون نهائية مع تحرير الموصل. لا يزال الكثير، عسكرياً وسياسياً واجتماعياً وفكرياً ودينياً، حتى اقتلاع «داعش» و»القاعدة»، وكل الفكر الأصولي سواء كان سنّياً أو شيعياً، الطارئ والحديث منه. ما زال على العراقيين الكثير من الجهود والدماء قبل أن يروا العراق الذي ذهب ولن يعود كما كان. المشكلة الأكبر أنه يوجد قرار غير مُعلن ولكن الميادين تعيشه وتؤكده،وهو قذف كل هذا الإرهاب الأسود باتجاه سوريا عبر فتح ممرات مرئيّة ومعروفة وتحت المتابعة. في قلب هذا التوجُّه عدم حسم واشنطن قرارها في سوريا وحولها خصوصاً ما يتعلق بمصير الرئيس بشار الأسد.
خطر «داعش» سيتصاعد وينمو وينتشر على جبهات بعيدة. الاٍرهاب الذي ينضج على نار الحقد والعيش على وقع الهزيمة والإلغاء يكون أكثر سواداً ودموية. مواجهة هذا الاٍرهاب ستكون مهمة الرئيس الأميركي القادم الذي كما تشير كل الإحصاءات أنه سيكون من نصيب المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون. والبداية ستكون حُكماً من السؤال المركزي: ما هو القرار حول مصير الأسد؟.
"داعش" أرهب العالم، ولكنه قبل ذلك أفسد المجتمعات العربية وأساء إلى الإسلام باسم الإسلام. فقط مشاهد «أفغنة» المجتمعات التي اقتحمها واحتلها، تكفي لتقدير حجم الكارثة لا بل الكوارث. إلغاء المرأة والتعليم الحديث، خصوصاً لأجيال من الأطفال، بحيث أن الخطوة الأولى هي في «سرقة» الطفولة من الأولاد إناثاً وذكوراً. فالطفل يُوجَّه نحو السلاح والتحوُّل الى آلة مقاتلة، والفتاة تُحوَّل بـ«الشودرة» الى امرأة عملها خدمة الرجل بكل نزواته والعمل المنزلي، ويتم تغييب السؤال اليومي إذا كانت الأم جاهلة وحبيسة المنزل وفي أحسن الأحوال حبيسة قواعد - قيود فماذا ستُعطي وكيف ستُربِّي؟ واختيار ما يناسب فكره الأسود من الشريعة، والأسوأ أن المجتمعات التي لم يحتلها دفعها سواء كانت سنّية أو شيعية نحو المزيد من الانغلاق على نفسها باسم الدفاع المشروع، بينما كان وما زال مدخلاً لمشروع مُعقَّد من الانتحار الجماعي عبر الخروج من العالم والابتعاد عن المستقبل الذي يُصاغ وينمو بالعلم وبشروط العقل.
عندما يستيقظ العقل في العالمين العربي والإسلامي، ويدحر «داعش»، ليس فقط عسكرياً وتنظيمياً وإنما فكرياً، يكون العالم قد تجاوزهما كثيراً. رغم ذلك أن يتم ذلك ولو متأخراً أفضل بكثير من أن لا يتم. بعيداً عن إجازات العلم والتحضيرات لغزو كوكب المشتري، فإن العالم يشهد غزواً ناعماً يغيّر وجهه. هذا الغزو الناعم يتجسَّد في صعود المرأة وتقدمها بسرعة نحو تسلّم مسؤولية إدارة العالم عبر المشاركة القوية والمتقدمة في سلطات بلادها، إلى درجة أن أهم عواصم القرار فتحت ذراعيها أمام المرأة. تأكيداً لذلك فإن هذا التقدّم يتبلور في:
[ واشنطن عاصمة العالم حتى الآن، تستعد كما تؤشر جميع الاستطلاعات لانتخاب أول امرأة في تاريخها رئيسة للولايات المتحدة الأميركية لتُكمل بذلك عملية التغيير الكبير مع انتخاب باراك أوباما أول رئيس أسود لها. هيلاري متى انتُخبت ستفتح مساراً لا عودة عنه كما سيحصل مع أوباما الأسود في تحويل الاستثناء إلى قاعدة. هيلاري كلينتون قالت من سنوات إن «النهوض بالمرأة مسألة تتعلق بالأمن القومي«. ولا شك أن نجاح كلينتون في واشنطن سيُسرِّع عملية التغيير في العالم. تماماً كما كان نجاح مارغريت تاتشر في لندن بداية لتحوّلات عالمية في النظرة إلى المرأة خصوصاً وأنها كانت «المرأة الحديدية».
[ في ألمانيا انجيلا ميركل تحكم ألمانيا الحديدية «بيد من فولاذ « وتبدو وكأنها ستتشارك مع هيلاري في إدارة العالم وخصوصاً «أوروبا المريضة».
[ لندن سلّمت «مفاتيح» ما تبقى من «الامبراطورية «الى تيريزا ماي وهي كما يبدو على طريق لعب دور المرأة الحديدية في ظل أزمة تهدد بتفكيك الامبراطورية البريطانية.
[ هذه عواصم القرار في العالم الغربي أولاً والعالم ثانياً، قد تنضم باريس لهم عاجلاً أو آجلاً، حالياً سيغولين روايال التي فشلت في الانتخابات الرئاسية أمام نيكولا ساركوزي قد تصبح مرشّحة الإنقاذ للحزب الاشتراكي بعد أن أصبح الرئيس الحالي فرنسوا هولاند عبئاً على الحزب ولا يبدو أنه قادر على اجتياز الدورة الأولى من الانتخابات مما يفتح الباب أمام ماري لوبن المرأة التي تُخيف فرنسا ومعها أوروبا لأنها زعيمة اليمين المتطرّف.
[ يوجد الكثير من النساء المسؤولات وقد سبقت كل هذه النساء الحاكمات انديرا غاندي المتميزة والعالمية في الهند. إلى ذلك فإن أهم موقعين ماليين في العالم تديرهما: كريستينا لاغارد، المدير التنفيذي لصندوق البنك الدولي، وجانيت بالين، رئيسة المجلس الاحتياطي الفيدرالى في الولايات المتحدة الأميركية.
يُقال إن النساء في السلطة زائد التعاون في ما بينهن يحقق قدراً أكبر من النتائج بسبب الثقة والمرونة والمسؤولية، وأن ذلك يعود إلى ميل المرأة للبحث في حل وليس لتعقيد المشاكل«.
"لننتظر ونرى" كما يقول المثل.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك