ذكرت صحيفة "الراي" الكويتية أن اول مهمة خارجية للوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان شكّلت بعد تعيينه في منصبه الجديد، استحوذتْ على اهتمام كبير وسط سيناريوين لتوقيت "العودة" السعودية الى لبنان بعد نحو عام من شبه الانكفاء او الانسحاب من الملف اللبناني على وقع تأزُّم العلاقات بين البلدين منذ أن اتخذ وزير الخارجية جبران باسيل موقف النأي بالنفس عن قرار لوزراء الخارجية العرب يستنكر الاعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران.
السيناريو الأول، لم يُسقِط أن يكون إعلان الرياض إعادة لبنان الى جدول اهتماماتها من بوابة الانتخابات الرئاسية والمرحلة الجديدة التي تفتحها على صعيد الحكومة وعناوين أخرى، يؤشر الى مواكبة مسبقة من السعودية لمجمل المسار الذي أفضى الى سير الرئيس سعد الحريري بالعماد ميشال عون، وذلك من ضمن تفاهم غير مباشر عبر عواصم دولية مع ايران، بما يكرّر تجربة "المهادنة" التي عبّرت عنها حكومة الرئيس تمام سلام في الاستحقاق الرئاسي، على قاعدة أن يكون رئيس الجمهورية من "8 آذار" ورئيس الوزراء من "14 آذار" (الحريري).
اما السيناريو الثاني، فيشير الى أنه في ظلّ صعوبة تصوُّر حصول التقاء سعودي - ايراني ولو "بالواسطة" في غمرة الاشتباك الكبير بينهما في المنطقة، يشي توقيت زيارة السبهان - المكلّف الملف اللبناني منذ فترة والمعروف بمواقفه البالغة التشدد حيال طهران - في لحظة ضمان بلوغ التسوية الرئاسية خواتيمها، بأن الرياض اختارتْ الاستحقاق الرئاسي لتوجيه رسالة برسم الخارج لا سيما ايران بأن لبنان "ليس متروكاً" وبأن التسوية في اتجاه عون، الذي كان على مدى نحو 29 شهراً مرشح "حزب الله" الرسمي، لا تعني "استسلاماً" وبأن عنصر عودة التوازن الى المشهد اللبناني الذي يشكّله الدور السعودي عاد.
ولاحظت الاوساط السياسية عبر "الراي" الكويتية أن السعودية من خلال بروز الرئيس سعد الحريري كصاحب الكلمة الفصل في فتح الطريق امام انتخاب العماد ميشال عون ضمَن للمملكة أن تكون شريكاً في اختيار الرئيس اللبناني، مع مفارقة أن هناك "حصة" في "عون الرئيس" لكل من الحريري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وأنه سيفوز بغالبية أصوات قوى "14 آذار"، مقابل حصوله على دعم "حزب الله" لوحده تقريباً من قوى "8 آذار" إذ يتصدّر رئيس البرلمان نبيه بري حركة المعترضين على وصول "الجنرال" الى بعبدا من دون سلّة ضمانات تتصل بمرحلة ما بعد الانتخاب على صعيد الحكومة وقانون الانتخابات النيابية خصوصاً، وهي الضمانات التي كانت "حزب الله" نفذ عملية عسكرية العام 2008 للحصول عليها.
واذ توقفت الاوساط نفسها عند أن الحريري بخطوته بدعم عون ضمَن مبدئياً عودة الحليف السعودي الى رئاسة الحكومة، اعتبرت أن الانتخاب في ذاته وما بعده سيكون محكوماً بشدّ حبال، وسط سباقٍ بين محاولة عون ضمان الفوز بالدورة الاولى أي بـ 86 صوتاً وايضاً منع تسرُّب أي أصوات أو تطيير النصاب كما غمز البعض امس، في حال الانتقال الى الدورة الثانية (وهذا مرجّح)، فيما يحاول خصوم "الجنرال"، حشْد أصواتٍ واستقطاب المتردّدين ومَن سيصوّتون بالأوراق البيض للدفع نحو معركة "على المنخار" تكون نتيجتها كفيلة بإخراج عون "متعباً" من المنازلة ليبدأ عهده بـ "وهن".
وفي حين حسم حزب "الكتائب اللبنانية" قراره بعدم التصويت لعون من دون أن يكشف وجهة أصوات نوابه الخمسة، مع ملاحظة ان عدد المعترضين على "الجنرال" من ضمن كتلة الحريري قد ينحصر بأربعة او خمسة.
وفي موازاة ذلك، لم تبرز إشارات الى ان مسار ما بعد الاستحقاق الرئاسي سيكون سهلاً، بل ان تعقيداته يرجح ان تكون أكبر بعد "العودة السعودية" الى لبنان، وسط توقعات بأن "حزب الله" سيدعم بري في "دفتر شروطه" المتصل بالحكومة تكليفاً للحريري وتشكيلاً (حصصاً وبياناً وزارياً)، وهو ما سيضع زعيم "المستقبل" والرئيس الجديد للجمهورية أمام محك فعلي لكيفية ضمان انطلاقة منتجة للعهد الذي "تكمن" له ملفات عدة والذي وجد نفسه اول من امس مع "رسالة" من خلال إضراب اتحادات النقل البري الذي اعتُبر "إنذاراً" مبكراً من بري الى ما يمكن ان يحسم مساره في "المعارضة" وسط بروز تلميح الى أن الإمعان في إدارة الظهر لشروط رئيس البرلمان قد يقابل بـ "القمصان الخضر" في إشارة الى اللون الأخضر لعلم حركة "أمل".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك