خمسة عناوين متفرقة لموقف إيراني واحد يدلّ على سياق استنفاري مأزوم.
الأول: تجرؤ الانقلابيين الحوثيين على توجيه صواريخهم نحو مكة المكرمة بعد أن كانوا أكدوا ميدانياً عدم التزامهم الهدنة الأخيرة وحاولوا تجاوز الحدود مع السعودية من دون أي نجاح يُذكر.
الثاني: اعتبار "قائد" في "الحشد الشعبي" العراقي الحرب في الموصل "ثأراً لدم الحسين من أحفاد يزيد"!
الثالث: الإعلان رسمياً من قِبَل "قائد" آخر في ذلك الحشد عن النيّة إلى التوجّه لدعم الرئيس السوري السابق بشار الأسد "بعد الانتهاء" من نظيره الداعشي المتمترس في ثاني أكبر مدينة عراقية.
الرابع: عودة نوري المالكي إلى تذكير من نسي بخصاله الكثيرة، وأبرزها أنه أنجح فاشل ممكن! وأحد أكبر الفتنويين والمذهبيين الذين اعتمدوا التحريض الرخيص تعويضاً عن خصال سياسية ضحلة.
الخامس: استمرار حيدر العبادي في توجيه "تحذيرات" طنّانة وغير منطقية إلى الأتراك، بالنيابة عن طهران قبل أن تكون باسم "الشرعية" العراقية!
إذا أُضيفت إلى هذا التنويع صورة الجنرال قاسم سليماني في كردستان العراق قبل نحو أسبوع. ثم عودة جنرالات "الحرس الثوري" في طهران إلى اعتماد لغة الفتوحات والانتصارات العابرة للحدود، وتأكيد مناحي الاستفزاز المقصود من ورائها. ثم انكسار الموجات الأولى من الحرب على أحياء حلب الشرقية والتيقن من أكلافها البشرية الفادحة على المهاجمين (قبل بدء المدافعين هجومهم المضاد!)، فإن الصورة الشاملة الممكن تجميعها من كل هذه التفاصيل، تُظهر انكساراً واضحاً يحاول أصحابه تلوينه بعكس حقيقته!
والمفارقة الأوضح هي أن تلك الصورة الانكسارية والمأزومة تعتمد التصعيد في الخارج كلما زاد تأزّم أصحابها في الداخل الإيراني نفسه! وكان هؤلاء (المحافظون) يواجهون "كشف حساب" في مواجهة أخصامهم ويشعرون جدياً أن حصادهم العام ليس كافياً لإبقاء إمساكهم بالسلطة، ولا للاستمرار في تسويق خياراتهم الخلاصية الغارفة من بطن "الثورة" بعد أن تبيّن (عقلياً!) استحالة اعتمادها في عالم مختلف ويضجّ بكل مقوّمات التمنّع!
أي كأن هناك شيئاً مفصلياً قريب الحدوث، داخلياً في إيران وخارجياً في المحيط الملتهب. وذلك يعني تغييراً ذي صبغة "تاريخية" واضحة بعد ثلاثة عقود ونصف العقد من ذلك التغيير (ذي الصبغة التاريخية بدوره) الذي أنهى "دولة الشاه" وجاء بدولة "الولي الفقيه".
ولتلك عواقب يصرّ "حرّاس الثورة" على تظهيرها في مواقع الفتن وساحاتها من اليمن إلى سوريا مروراً بالعراق! علماً أن دلالات تأزّم وضع هؤلاء الخلاصيين هي ذاتها الدالّة على حجم النكبة الضاربة في العمق العربي والإسلامي وحجم البلاء الذي استشرى في كل اتجاه!
وليس أبلغ (والله أعلم) من دلالات التأزيم، سوى الجموح في الجهر وصولاً إلى استعارة عدّة الجنون بكل تفاصيلها. بحيث لا يتورّع صاحب خطاب ديني مثل الانقلابي الحوثي عن توجيه صواريخه (الإيرانية) باتجاه أقدس بقاع المسلمين على الأرض! مثلما لا يتورّع قائد مذهبي يقاتل تحت غطاء جوي أميركي وغربي عام!! عن العودة 1400 عام إلى الخلف! وتحويل "الحرب على الإرهاب" إلى "انتقام من أحفاد القتلة" في كربلاء! مثلما لا يتردد "قائد" مماثل آخر ادّعاء أدوار عظمى في سوريا فيما هو بالكاد يتمكن بقواه الخاصة من "تحرير" قرية عراقية واحدة! مثلما لا يخجل العبادي من تهديد تركيا بـ"حرب هامشية"، فيما حال "جيشه" تشبه كل شيء إلا حال الجيوش في عالم اليوم!.. وكذا الحال، في كل حال، مع سلفه المالكي الذي بزّ كل من سبقه وأطلق صيحات يصل مداها إلى اليمن نفسه مباشرة!
..أزمة مجانين!
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك