* مقدمة نشرة أخبار "تلفزيون لبنان":
ومن الواضح أن مرحلة جديدة ستبدأ ظهر غد في قلب المعركة الديمقراطية، وفي خلط الأوراق السياسية في البلد بين الموالاة والمعارضة، انطلاقا من الإقتراع، ثم المشاورات في القصر الجمهوري لتكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، بحسب ما هو مرجح.
وعندها تكون المرحلة الصعبة في التأليف أو المرحلة التسووية في قيام حكومة كل لبنان، لترسيخ الإستقرار الأمني، وإطلاق عجلة العمل في السلطتين التنفيذية والتشريعية على أمل أن يكون كل ذلك في خدمة لبنان واللبنانيين.
ووسط فرحة قسم كبير من اللبنانيين بالإنتخاب الرئاسي، حزن لدى كل اللبنانيين على غياب أبو مجد الذي شيع جثمانه اليوم.
الاثنين الأبيض سيدخل العماد عون القصر رئيسا، بعدما أخرج منه بالقوة ذات تشرين من العام 1990، فهل سيتمكن من وقف التدهور واعادة التألق إلى الجمهورية؟.
في العملاني إذا لم يتمكن عون من حصد الاجماع النيابي، الا ان ما رفد به من دعم نوعي أجبر خصومه على اللجوء إلى الأوراق البيض، والمعطيات المتقاطعة تؤشر إلى امكانية ان يفوز عون بالرئاسة بأكثرية مريحة ومن الجولة الأولى.
عسل الرئاسة سيتبدد سريعا عند الشروع في تأليف الحكومة، خط الدفاع الثاني الذي انكفأ إليه خصوم عون متوعدين بتحويله إلى كابوس.
تزامنا، أحد أسود سبق الاثنين الأبيض، لقد ودع اللبنانيون فنانهم الأول ملحم بركات إلى مثواه الأخير.
إذا ساعات فاصلة عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية. الاستعدادات اكتملت ما بين ساحة النجمة وقصر بعبدا، وخطابا رئيس المجلس والرئيس المنتخب باتا جاهزين.
حسم اسم الرئيس لا يلغي السؤال: هل يحسم الانتخاب من الدورة الأولى أم الثانية؟. وحده الثابت أن الكرسي الرئاسي سيطلق الشغور غدا ويكون العماد عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية.
لكن ماذا بعد الرئاسة؟، هل تطول فترة التأليف الحكومي؟.
الاجتماعات مفتوحة، والرئيس نبيه بري سيراقب من دون أن يتدخل، لا في تدوير زوايا المقاعد ولا البيان الوزاري، سيستمع في عين التينة لما سيطرح عليه "العدس بترابو وكل شي بحسابو"، قال رئيس المجلس. ما يعني أن كل شيء مرهون بأوانه.
أما أوان الحلول في المنطقة فلم يحن، بانتظار عهد دولي جديد يدشنه الأميركيون في انتخابات الرئاسة بعد أسبوع. واللافت ارتفاع حظوظ دونالد ترامب مجددا وتقليصه الفارق مع هيلاري كلينتون، فهل تحمل تلك الانتخابات مفاجآت؟.
غدا تعود الحركة إلى قصر بعبدا، مدفوعة بتفاهمات وتفهمات سياسية على انتخاب العماد ميشال عون الرئيس الثالث عشر للجمهورية.
وفق الدستور، تكون الكلمة غدا للمجلس النيابي، الذي يلتئم في صورة جامعة طال انتظارها. هناك، تنضج الطبخة اللبنانية للرئاسة، وما بعد ذلك يفتح القوسان لمرحلة طويلة، يوضع خلالها الطقم السياسي تحت مجهر الاختبار في الاستحقاقات العالقة والملفات المعقدة التي توارثتها العهود والحكومات.
غدا سيكون المشهد وطنيا وفق جميع المراقبين، والاحتفالات التي جهز لها "التيار الوطني" في جميع المناطق، أراد ان تكون اشارة واضحة إلى حجم التمثيل المسيحي للرئيس الجديد الذي ترأس تكتلا نيابيا هو الأوسع مسيحيا أيضا منذ العام 2005.
ربما، ملامح جلسة الانتخاب واضحة للجميع بأصواتها ومواقفها وقواعدها، لكن الأمل يبقى بأن يكون مستقبل اللبنانيين أقل غموضا. فهل سينجح ساسة لبنان باتفاقات عابرة للمراحل المقبلة، كما تفاهموا على تخطي الاستحقاق الرئاسي؟.
غدا حين ينتصف النهار، سوف ينصف بعض من استحقاقات شهدائنا. وحين تصير الشمس عمودا في السماء سيكونون جوقا فوق يهللون لعماد جمهوريتهم، وحين يخرج اسمه من صندوق المجلس رئيسا، ستتكسر صناديق الموت وتتفتح نوافذنا وأبوابنا والقلوب على رحاب الحياة والخير والسلام.
في الفترة القليلة الفاصلة عن لحظة الحلم، صارت كل الترتيبات منجزة لا بل محفوظة على الصدور، صدور قلوب الملايين. الثانية عشر ظهرا يدخل النواب قاعة مجلسهم، دورة واحدة مرجحة كافية، بعدها خطاب القسم الذي كتبه فخامة الرئيس على مراحل عدة، وطيلة فترات زمنية مختلفة. بعد الخطاب ينطلق فخامته إلى حيث يقلب التاريخ من 13 تشرين إلى 31 منه، ليشتعل لبنان فرحا واحتفالات ستستمر حتى الليل، وتمتد على مساحة الوطن. وستكون الotv المحطة التي كانت وظلت على صورته ومثاله، كما قال لها: انت الأول، حاضرة لتغطية كل لحظة من يوم العرس الرئاسي التاريخي الطويل.
تبقى غصة واحدة، انه عشية عودة أبي المجد إلى بيت شعبه، يعود أبو مجد إلى بيت الله، ملحم بركات يا من أعطيتنا الفرح نصف قرن، سنظل نذكرك بفرح، نستحضرك بمجد ولو ودعناك اليوم بكل البركات.
أما غدا، وما لم تحدث مفاجآت، فصفحة تطوى وصفحة تفتح،الشغور يطوي صفحة دامت عامين وخمسة أشهر، وعهد رئاسي جديد يفتح صفحة جديدة وفريدة. فالعماد ميشال عون الذي غادر قصر بعبدا منذ 26 عاما، وكان رئيسا لحكومة انتقالية ووزيرا لخمس وزارات هي الدفاع والداخلية والخارجية والاعلام والتربية وقائدا للجيش، يعود إليه رئيسا للجمهورية بموجب دستور الطائف، فيجري استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس الحكومة الذي يضع جدول أعمال مجلس الوزراء بالتشاور مع رئيس الجمهورية الذي إذا حضر جلسة مجلس الوزراء يترأسها.
كثيرة هي الأمور التي تغيرت بين الدخول الأول إلى قصر بعبدا في 22 أيلول 1988، وبين 31 تشرين الأول 2016، 28 عاما تغير فيها دستور لبنان، كان فيه 30 ألف عسكري سوري فبات فيه مليونا نازح سوري. كانت سوريا البلد الأكثر استقرارا في المنطقة، فأصبحت البلد الأكثر اشتعالا. كان الدين العام في لبنان مليار دولار فأصبح نحو 70 مليار دولار.
لبنان 1988 غير لبنان 2016، فهل العماد عون هو نفسه بين التاريخين؟. من السابق لأوانه الاجابة، ولكن ما سيتبدل حكما هو التسمية من دولة الرئيس إلى فخامة الرئيس.
صحت كلمات أغنية الراحل الكبير ملحم بركات، فغافل محبيه على امتداد لبنان والعالم العربي. رحل أبو مجد بصمت الكبار ليوارى في الثرى في كفرشيما، وليبقى خالدا في قلوب محبيه.
في وداعه الحاشد في كنيسة مار نقولا الأشرفية، كان الكلام المعبر والبكاء المؤثر.
اللبنانيون الذين بكوا في وداع الموسيقار الكبير، سيعيشون غدا لحظة فرح كبير من خلال جلسة الانتخاب التاريخية التي سيشهدها البرلمان بانتخاب النائب ميشال عون رئيسا للجمهورية، بعد فراغ في موقع الرئاسة على مدى عامين ونصف.
الجلسة التي اكتملت تحضيراتها وتفصلنا عنها ساعات قليلة، ستنقل لبنان إلى حيز جديد، فترفع من جهوزية المؤسسات الدستورية في مواجهة حرائق المنطقة، وتبني مستقبلا أفضل للبنانيين على المستويات الاقصادية والانمائية.
الانتخابات الرئاسية التي سيعيشها اللبنانيون غدا، ترجمة لفعل الايمان بالديمقراطية، عاشه تيار "المستقبل" في انتخابات على مستوى المندوبين، تحضيرا للمؤتمر العام المقرر أواخر الشهر المقبل. ففي الطريق إلى المؤتمر العام، منسقيات بيروت والمناطق، أنجزت انتخابات المندوبين، في وقت أكد الرئيس الحريري على إنحيازه للشباب في هذا الإستحقاق، وعلى وصفه اليوم بالديمقراطي والحضاري.
غدا يوم للجنرال، إثنين عون الممتلئ صوتا، والحاصد ما يربو على الفوز من الدورة الأولى. غدا نودع جنرال الرابية لنستقبل جنرال الرئاسة، بعد سنتين وثمانية أشهر من فخامة الفراغ الذي زرع العشب على بوابات بعبدا. كل الاستعدادات اكتملت لإعلان سد الشغور وصعود ميشال عون إلى الكرسي الأولى، ودخوله بعد خطاب القسم إلى قصر بعبدا سيدا منتخبا هذه المرة، وليس رئيسا لحكومة متشظية ومشطورة بين شرق وغرب، بل رئاسة إلى كل اللبنانيين، اتخذ عون شعارا لها بأن يكون "بي الكل".
وفي خط سير الغد، احتفالات سيارة بدأت من الليلة. على أن تفتتح الجلسة منتصف نهار الاثنين بحضور دبلوماسي، إضافة إلى عائلة العماد.
لبنان الذي يودع فراغه في مراسم فرح، سار اليوم بمراسم حزينة ألقت السلام الأخير على ملحم بركات، الذي وقفت ألحانه من بعده ترثيه وتأخذ بخاطر الناس. ملحم الذي كان يصرخ للأيام ويغني "على مهلك يا أحد" لم يمهله الأحد، وأعلنه راحلا إلى كفرشيما في مشوار وطني وشعبي. مجده صديق الدرب الشاعر نزار فرنسيس بأبيات انتزعت العبرات من عيون الناس. ناداه نزار من قلب الكنيسة: "قوم يا ملحم قوم هيدي مش إلك.. ليش الغفا.. نبض الحياة بيسألك"، فكنا أمام قصيدة ترنو إلى لحن الملك.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك