كتبت صحيفة "النهار": فجّر النائب ايلي كيروز قنبلة صوتية الثلثاء الماضي عندما طالب الحكومة بالغاء البرقية المنقولة 303 التي تصدر عن مديرية المخابرات في الجيش، وسأل وزيري الدفاع والعدل عن اجراءات الغائها، وهو ما أوصت به لجنة الادارة والعدل قبل أكثر من شهرين.
كيروز رمى حجرا في مياه راكدة منذ عقود على هذا الصعيد، عندما أشار الى ان هذا النوع من البرقيات يشكل "ممارسة غير قانونية"، باعتبار انها "نوع من بلاغات البحث والتحري في حق مدنيين، لكنها لا تسقط اطلاقا بانقضاء أي مهلة، بل تبقى لسنوات خلافا لما تنص عليه المادة 24 من قانون أصول المحاكمات الجزائية".
فما هي حقيقة البرقية 303؟ والى اي حيثية قانونية تستند؟ وما الذي يميزها عن الانواع الاخرى من البرقيات؟ ولماذا تلتصق بالشخص المطلوب بموجبها، وترافقه كظله مدى سنوات عمره، وتقيّده كوثاق سلبه حرياته؟
هذه الأسئلة وجهتها "النهار" الى وزير الدفاع فايز غصن الذي آثر عدم الخوض في سجال مع أي نائب، مفضلا الابتعاد عن إثارة هذا النوع من المواضيع الحساسة جدا، وهو الرأي المطابق تماما لآراء كثير من المعنيين، وابرزهم قيادة الجيش التي اكتفت بعدم التعليق "نظرا الى حساسية الموضوع".
بعد مراجعة عدد من اصحاب الشأن والمتابعين لفهم سبب الحساسية في البرقية 303، تبين لنا ان هذا النوع من البرقيات محصور بالمطلوبين بجرائم العمالة دائماً، والارهاب في بعض حالاته، حصرا دون سواهما من الجرائم الاخرى. وباعتبار ان هاتين الجريمتين تمسّان بالأمن القومي، فإن بقاء هذا النوع من الاشارات على سجل الشخص المطلوب بهما، ولا سيما بجرائم العمالة، مرتبط بضرورة إبقائه تحت المراقبة الدائمة، اي ما يصطلح على تسميته "الاخضاع"، لكي لا ينزلق مجددا ويعود الى ممارسة جرائمه السابقة.
وبالتالي فإن المطلوب بجرائم عادية، أياً تكن، تشطب البلاغات عن سجله بمجرد توقيفه وتسليمه الى القضاء، اما المطلوب بهذين الجرمين فلا تشطب البرقية 303 الصادرة في حقه الا في حالات محدّدة منها تقدّمه بطلب معلّل للنيابة العامة العسكرية في هذا الصدد، واذا حصل على موافقة القضاء العسكري يتم شطبها.
في البحث عن الاساس القانوني للبرقية 303 سألنا ممثل نقابة المحامين في المحكمة العسكرية، والمحامي المتخصص بالقضايا المطروحة امام المحاكم العسكرية صليبا الحاج الذي عرِّفها بأنها "برقية متعلقة بجرائم التعامل مع العدو حصرا، وليس لها أي أساس قانوني او مسوغ شرعي".
وقال: "عندما يتم توقيف أي مطلوب بموجب أي مذكرة، يفترض تنفيذها في حقه، وبالتالي شطبها، لكن ما يحصل في البرقية 303 تحديدا انها لا تشطب نهائيا، وتبقى عالقة في سجل المطلوب بموجبها حتى ولو تم استجوابه وترك حرا، ولو بُرِّئ من التهمة الموجهة اليه، ولو أُدين ونفذ عقوبته وخرج من السجن، ولو سقط الحكم عنه بمرور الزمن، تبقى هذه البرقية تلازمه وتعوق كل حياته، والمشكلة تكمن في مفاعليها، إذ أن المطلوب بموجبها، محروم إصدار سجل عدلي، وبالتالي هو محروم الحصول على جواز سفر، ولا يستطيع ان يسافر، وكلما دخل مخفراً يتم توقيفه، وهناك اشخاص ممن أنزلت على سجلاتهم هذه البرقية منذ 12 و13 عاما، ولم تشطب، ولا يمكن شطبها الا من مديرية المخابرات، ولم يحدث أن شُطِبت برقيات منها منذ مدة طويلة، باستثناء من صدرت في حقهم أحكام جنحية صغيرة كجرم"دخول بلاد العدو دون اذن من الحكومة اللبنانية". اما في ما يتعلق ببقية الجرائم كالتجند والتعامل، فلا تشطب".
وعن جرائم الارهاب المرتبطة بالبرقية 303 كشف الحاج ان "ثمة ملفات محددة حصرا من جرائم الارهاب موضوعة تحت الاخضاع بموجب هذه البرقية وليس كل الجرائم الارهابية. وهذه البرقيات كانت تسمى الاخضاع، أي وضع المتهم تحت المراقبة الامنية، لكن ذلك يجب ألا يخنقه او يجرده من حقوقه وحرياته بشكل غير مباشر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك