تدفق ملايين اليمنيين على مراكز الاقتراع، الثلاثاء، لانتخاب المرشح التوافقي والوحيد للرئاسة عبد ربه منصور هادي، مدفوعين برغبة التغيير وإنقاذ اليمن من التفتت والانهيار، وفي ذات الوقت الخلاص من حكم الرئيس علي عبدالله صالح، الذي أمضى في الحكم قرابة 34 عامًا، ولم يخرج منه إلا بتسوية سياسية فرضتها الاحتجاجات الشبابية الشعبية التي اشتعلت ضده في مختلف محافظات ومدن اليمن.
وقالت مصادر محلية إن الانتخابات "سارت في أغلب المدن والمناطق اليمنية بشكل طبيعي، وبمشاركة وصفت بأنها معقولة من الناخبين رجالًا ونساء، ولم تواجه أي مشكلات في ضوء التسهيلات التي قدمتها اللجنة العليا للناخبين، التي حولت اليمن إلى دائرة واحدة، وسمحت لمن بلغ السن القانونية بالاقتراع، بموجب الوثائق الثبوتية التي تؤكد بلوغ السن القانونية، حتى وإن لم يكن ضمن المقيدين في سجلات الانتخابات".
في حين واجهت عملية الاقتراع بعض المشكلات في المحافظات الجنوبية ومحافظة صعدة، حيث تؤكد المصادر المحلية أن الحوثيين منعوا الناخبين من الاقتراع في بعض الدوائر، وبخاصة في مدينة صعدة، الأمر الذي اضطر بعض الناخبين إلى التوجه إلى المراكز الانتخابية في المديريات خارج مدينة صعدة، غير أن المكتب الإعلامي للحوثي نفى إغلاق أي مركز انتخابي في وجه الناخبين.
وشهدت الانتخابات الرئاسية في المحافظات الجنوبية، أعمال عنف ومنع عناصر الحراك الجنوبي المتعصبين للانفصال الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، وقالت مصادر محلية في محافظة عدن إن أعمال عنف ومصادمات وانفجارات وقعت في عدد من أحياء المدينة، وأكدت المصادر نجاة عضو مجلس اللوردات البريطاني البارونة ايما نيكولسن، ووزيرتين يمنيتين هما وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور ووزيرة الدولة جوهرة حسن.
وأوضحت المصادر إن مسلحين، يعتقد أنهم من أتباع الحراك الجنوبي، أطلقوا النار على موكب المسؤولة البريطانية والوزيرتين اليمنيتين، في مدينة عدن، عندما كنّ في مهمة الإاطلاع على سير الانتخابات في المدينة، ما أدى إلى تضرر السيارة التي كانت تستقلها البارونة البريطانية بطلقات عدّة, وقالت المصادر إن أعمال العنف التي شهدتها المدينة أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل بينهم طفل وإصابة آخرين.
وأكدت المصادر إن عناصر الحراك الجنوبي انتشروا في أحياء المدينة ومنعوا الكثير من الناخبين من الوصول إلى مراكز الاقتراع، للمشاركة في انتخاب الرئيس الجديد لليمن، الأمر الذي أثار حالة من الخوف والرعب في أوساط الناخبين الذين لزموا منازلهم تلافيًا للمخاطر التي قد تلحق بهم حال توجهوا إلى مراكز الاقتراع، وحد في الوقت ذاته من تدفق الناخبين للمشاركة في الانتخابات.
وقالت مصادر محلية في محافظة حضرموت، إن الانتخابات جرت بشكل محدود في بعض مراكز مدينة المكلا، نتيجة لأن عناصر الحراك الجنوبي دفعوا بمجاميع من الشباب المسلح، للانتشار في بعض شوارع وأحياء المدينة، وقاموا بإطلاق النار في الهواء لإخافة الناس من التوجه إلى مراكز الاقتراع، وأشارت المصادر إلى أن الكثير من الناس في المدينة لم يغادروا منازلهم أيضًا خوفًا من أعمال العنف التي قد تحدث في المدينة، وقال أحد المواطنين، "ليس هناك ما يستحق أن نضحي من أجله بدمائنا، وإن كنا نرغب في المشاركة في الانتخابات".
وأعلن مصدر مسؤول في غرفة العمليات مقتل جندي وإصابة أربعة ضباط بجروح بليغة "إثر تعرضهم لرصاص جماعات خارجة عن القانون في محافظة حضرموت اليوم". وأوضح المصدر إلى وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" أن 4 ضباط من قيادة المنطقة العسكرية الشرقية "تعرضوا لكمين في مدينة المكلا بمنطقة الغويزي من قبل جماعات خارجة عن القانون، حيث أطلق عليهم النار الكثيف من أسطح المنازل والنوافذ الواقعة بمنطقة الغويزي في حي أكتوبر بالمكلا ما أدى إلى إصابتهم بجروح بعضهم إصابته بليغة".
وأشار المصدر إلى إن الجندي عبد الجبار الهلالي من شرطة النجدة، "استشهد أثناء تأديته للواجب، حين كان يقوم مع زملائه بإزاحة الأحجار من الطريق فإذا به تفاجأ بإطلاق النار عليه أردته قتيلًا، وبين أن الضباط المصابين هم الرائد مجاهد البحري ، الرائد رزق الريمي، الرائد أحمد العمري والمقدم أحمد منصور، وأنه تم إسعافهم وجاري ملاحقة الجناة، وأن بعض المراكز الانتخابية في مديرية الشحر والديس الشرقية بمحافظة حضرموت قد تعرضت للاقتحام والتهديد من قبل عناصر خارجة عن النظام والقانون.
وقالت اللجنة العليا للانتخابات إن عملية الاقتراع جرت بصورة طبيعية في 292 دائرة انتخابية، وإن عملية الإقبال على الاقتراع في ساعاتها الأولى فاقت المتوقع، مع نفاذ بطاقات الاقتراع في بعض المراكز الانتخابية. وقال عضوا اللجنة القاضي سبأ الحجي، وهو مشرف اللجنة الأمنية، والقاضي سهل حمزة، وهو رئيس قطاع الإعلام والتوعية الإعلامية، في مؤتمر صحافي ظهر الثلاثاء، أن "عملية الاقتراع توقفت في 9 دوائر انتخابية منها خمس دوائر في محافظة لحج وثلاث في الضالع ودائرة واحدة في أبين وتم نقلها إلى عواصم المحافظات، وأن الاقتراع جار فيها".
وأوضحا أنه تم تسجيل عدد من الحوادث الأمنية في بعض الدوائر، منها حادثة قنص من منزل مجاور لمركز انتخابي تابع للدائرة "142" استهدف أحد أفراد الأمن المكلفين بحراسة اللجنة، وتم ضبط أربعة من الجناة ويجري التحقيق معهم، وكذا حادثة أخرى في الدائرة "25" ويجري حاليًّا تتبع الجناة.
وكانت عمليات التصويت بالدوائر الانتخابية على مستوى الجمهورية اليمنية في الانتخابات الرئاسية المبكرة لانتخاب الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي. ويتم اختيار منصور لرئاسة الجمهورية اليمنية خلفا للرئيس على عبد الله صالح، وذلك لفترة انتقالية تستمر عامين، وفقا لأحد بنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية اليمنية، ويتم خلالهما إجراء العديد من الإصلاحات السياسية والاقتصادية وإعادة هيكلة قوات الجيش والأمن وغيرها من القضايا.
والرئيس التوافقي المشير عبد ربه منصور هادي من أبناء محافظة "أبين" جنوب اليمن وهو نائب الرئيس اليمني منذ التسعينيات والأمين العام للمؤتمر الشعبي العام (الحزب الذى يرأسه صالح)، ويحظى منصور بتأييد المؤتمر الشعبي، وبثقة القوى السياسية المعارضة.
وكانت اللجان الانتخابية "الرئيسية والفرعية بمختلف المحافظات والدوائر اليمينة" قد فتحت أبوابها أمام الناخبين اليمنيين في الساعة الثامنة صباح الثلاثاء، بعد أن أنهت في ساعة مبكرة إجراءات استلام اللجان والصناديق وأوراق الاقتراع وإغلاقها وختمها وفقا للإجراءات المتبعة واستلام كشوف الناخبين من اللجان الأمنية المعنية بتأمين اللجان.
وقد بدأت عمليات التصويت، وسط اهتمام محلي ودولي واسع وتواجد المراقبين المحليين والدوليين، وتأكيدات من جانب سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن ودول الخليج العربية المعتمدين باليمن بالدعم الكامل لخروج اليمن من أزمته الحالية والانتقال السلمى للسلطة لتحقيق الاستقرار في البلاد.
وشهدت عدة لجان إقبالا متزايدا من الناخبين مع بدء التصويت، وخلت معظم الدوائر في العاصمة صنعاء من مظاهر لحمل السلاح، استجابة للدعوة التي وجهتها السلطات اليمنية للمواطنين.
ويبلغ عدد الناخبين أكثر من 10 ملايين ناخب وناخبة بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية المبكرة وفقا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية وآليتها التنفيذية المزمنة والموقعة من قبل الأطراف السياسية اليمنية فى العاصمة السعودية الرياض خلال نوفمبر الماضي والمدعومة بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2014 للعام 2011.
وكانت اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء أعلنت عن استكمال كافة الترتيبات الأمنية والفنية لاستقبال الناخبين، ومباشرة عملية الاقتراع في هذه الانتخابات التي تعد ثالث انتخابات رئاسية مباشرة تجرى في اليمن.
ويشارك في إدارة الانتخابات 21 لجنة إشرافية و301 لجنة أصلية و28 ألفا و742 لجنة فرعية إلى جانب 732 لجنة فرعية إضافية خصصت لاستقبال الناخبين المتواجدين في غير مواطنهم الانتخابية، وكذا 168 لجنة فرعية إضافية خاصة بالنازحين من أبناء محافظتي صعدة وأبين.
ويصل إجمالي العاملين في كافة اللجان الانتخابية 89 ألفا و892 عضوا، في حين يتولى أكثر من مائة وثلاثة آلاف ضابط وجندي من الجيش والشرطة حماية اللجان والمراكز الانتخابية بما يكفل سير عملية الاقتراع في أجواء آمنة.
ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الجداول الانتخابية عشرة ملايين و243 ألفا و 364 ناخبا، منهم أربعة ملايين و348 ألفا و485 ناخبة.. بينما استحدثت اللجنة العليا للانتخابات في هذه الانتخابات نظاما تقنيا خاصا بهدف ربط لجان الاقتراع بمركز معلومات بيانات الناخبين في المقر الرئيسي للجنة العليا، وذلك بهدف تمكين الناخبين الموجودين في غير مواطنهم الانتخابية من الاقتراع، فضلا عن تسجيل من بلغوا السن القانونية من غير المسجلين في جداول الناخبين وتمكينهم من المشاركة في الإدلاء بأصواتهم في نفس يوم الاقتراع، وذلك استنادًا على وثائق إثبات الهوية الشخصية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك