في المرسوم رقم 786 الذي وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الخميس الماضي وفُتحت بموجبه دورة استثنائية لمجلس النواب تمتد من 7 حزيران الجاري الى 20 منه ضمنا، حددّت بعبدا برنامجَ العقد العتيد حيث خصصته "حصرا لاقرار قانون جديد لانتخاب أعضاء مجلس النواب" وفق ما جاء حرفياً في المادة الثانية من المرسوم.
خطوة "الحصر" هذه استوقفت أكثر من مراقب حيث اعتبر معظمهم أنها كانت مدروسة من قبل رئيس الجمهورية وهدفها واضح: قطع الطريق امام امكانية طرح مشروع قانون التمديد الذي تقدم به النائب نقولا فتوش، على التصويت، خصوصا انه كان متصدرا جدول أعمال الجلسات التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري قبيل انتهاء الدورة العادية للمجلس. فالعماد عون، من خلال تحديده مهمة البرلمان بـ"اقرار قانون الانتخاب"، فقط لا غير، أراد اسقاط خيار التمديد الى غير رجعة، على ان يكون تقنيا فقط ويقرّ من ضمن مشروع القانون الانتخابي الجديد الذي سيحال الى ساحة النجمة من السراي بعد أن يُنهي مجلس الوزراء درسَه، وهو الامر المتوقع في الأيام القليلة المقبلة وربما في الجلسة الحكومية المقررة الأربعاء في قصر بعبدا.
أما من الناحية الدستورية، فتشير مصادر نيابية - قانونية عبر "المركزية" الى ان تحديد رئيس الجمهورية برنامج العقد الاستثنائي، أمر سليم وصحيح ولا غبار عليه. فالمادة 33 من الدستور، تنص على أن "لرئيس الجمهورية، بالاتفاق مع رئيس الحكومة أن يدعو مجلس النواب إلى عقود استثنائية بمرسوم يحدد افتتاحها واختتامها وبرنامجها. وعلى رئيس الجمهورية، دعوة المجلس إلى عقود استثنائية إذا طلبت ذلك الأكثرية المطلقة من مجموع أعضائه"، موضحة ان "في كلتا الحالتين، يجب على رئيس الجمهورية تحديد وقت افتتاحها وانتهائها والأهم من ذلك المواضيع التي سببت فتح الدورة الاستثنائية". وتعتبر المصادر ان بعض الاجتهادات تقول اذا انتهى المجلس من مناقشة المواضيع التي دعي لأجلها في مرسوم الدورة، يمكنه ان ينظر في مسائل اخرى، لكن الأصح انه ولو انهى البحث في الموضوع المحدد في المرسوم، يبقى المجلس مقيدا ولا يستطيع النظر في أي قضايا أخرى، ذلك ان غالبا ما يكون افتتاح دورة استثنائية مخصصا لمواضيع طارئة ومستعجلة، فيما التشريع العادي يمكن أن ينتظر انطلاق العقد العادي"...
في الموازاة، لا تستبعد مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" أن يكون "حجر" حصر برنامج الدورة الاستثنائية، أصاب في الواقع "عصفورين": التمديد أولهما، اما الثاني فايصال رسالة من بعبدا الى الرئيس بري تبلغه فيها ان لا يمكن تخطي صلاحياتها او موقعها خصوصا بعد ان وجه الاخير دعوة الى مجلس النواب للانعقاد في 5 الجاري، قبل حتى ان يوقّع رئيس الجمهورية مرسوم فتح الدورة، مستندا في ذلك الى اجتهادات دستورية لم تعد صالحة بعد "الطائف" بحسب المصادر. ومع ان بري تلقّف الاجراء الرئاسي بمرونة وقد أرجأ جلسة اليوم الى 12 حزيران، تقول المصادر ان رغم الايجابية التي طبعت الاجتماع الثلاثي الذي ضمه الى رئيسي الجمهورية والحكومة الخميس، لا تزال أجواء عين التينة - الرابية غير صافية والكيمياء المفقودة بين رئيس المجلس ووزير الخارجية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل تخرج غالبا الى العلن، وقد ظهرت أخيرا في المواقف العالية السقف التي صوب من خلالها باسيل على بري من دون ان يسميه، حين قال امس "زعيم التيار الذي أصبح رئيسا للبلد استخدم صلاحياته، وقال للمجلس ان لديك دورة استثنائية حصرا من 7 إلى 20 حزيران فقط لاقرار قانون انتخاب، لأن في هذا البلد توازنا وتعاونا بين السلطات فقط لخير ولمصلحة الناس". وهنا، تكشف المصادر عن مساع يبذلها بعض الاطراف لجمع الرجلين وترطيب الاجواء بينهما، تبقى معرفة ما اذا كانت ستنجح أم لا...
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك