إعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "مقاربة موضوع مسيحيي الشرق ليست دقيقة أو صحيحة".
وعن العلاقات ما بين المسلمين والمسيحيين وسط النزاعات التي تضرب المنطقة، قال: "نعاني اليوم من مشكلة تعايش بين مختلف مكونات المجتمعات لا بين المسيحيين والمسلمين فقط. هناك أزمة تعايش ما بين المسيحيين والمسيحيين والمسلمين والمسلمين وبين عدد من المسيحيين وعدد من المسلمين. لترميم هذه العلاقات لا بد من ترميم الوضع ككل في سوريا من خلال الانتقال من النظام القائم الآن في سوريا إلى آخر تعددي ديمقراطي حر".
وعن لقاء البابا فرنسيس وشيخ الأزهر والمطالبة بإعادة النظر في الخطاب الديني التطرفي، قال جعجع: "أعتقد أنه خلال الأعوام القليلة السابقة تم إصدار وإعلان ما يكفي من الفتاوى للجم الفكر التكفيري. أما الترجمة العملية للقاء البابا والأزهر وإعلانهما المشترك فتكون من خلال طرح القضية كما طرحناها الآن أي عدم القول إن المسيحيين يعانون مشكلة في الشرق بل هناك مشكلة في الشرق ما بين التطرف والاعتدال تلقي بظلالها على الجميع ومن بينهم المسيحيين. أعتقد أن المسلمين المعتدلين يفتشون عن شريك في المواجهات الكبيرة التي يخوضونها ضد التطرف. وجود شريك يشجعهم ويحثهم على إعادة النظر في العديد من المفاهيم التي يجب أن يعاد النظر بها لإبعاد الأجيال الجديدة عن التفسيرات المغلوطة للقرآن أو لبعض ما جاء على ألسنة الصحابة. الحل يكمن في التعاون بين كل الجماعات المعتدلة لتقف بوجه التطرف.سنة لبنان مثلا يخوضون حربا كبيرة ضد الإرهاب لذا لا يجب أن نعزل أنفسنا كمسيحيين عن هذه الحرب. يجب أن ندخل في قلب الصراع لنقوي أكثر موقف المعتدلين".
وتحدث جعجع عن مرحلة الحرب اللبنانية، وقال ردا على سؤال عما إذا كان حمل المسيحيين للسلاح نابعا من تعصب أم لا: "أن يسيء الآخرون فهمنا بهذه الطريقة أمر خطر فنحن لم نحمل السلاح إنطلاقا من تعصب ديني معين. في تلك المرحلة كان هناك نظام قائم في لبنان وبطبيعة الحال من الممكن للمواطنين أن يعارضوه أو أن يتوافقوا معه ولكن من غير الممكن ومن غير المقبول أن تقود إنقلابا عسكريا على الدولة. وهذا ما فعلته مجموعات مسلحة غير لبنانية آنذاك. كانت هذه الجماعات تريد الإستيلاء على الدولة بقوة السلاح وأن تحول لبنان إلى قاعدة ينطلق منها الصراع في الشرق الأوسط. وهذا ما لم نقبله أبدا. لماذا حمل معظم اللبنانيون السلاح برأيكم؟ الإجابة واضحة فلقد رأوا أن مناطقهم وبيوتهم باتت ترزح تحت خطر الاجتياح. لو لم يحمل اللبنانيون السلاح لكانت قوات الاجتياح استولت على عدد كبير من المناطق اللبنانية. ألم يقل أحد القادة الفلسطينيين ان طريق القدس تمر بمنطقة جونية؟ إذا، إنطلاقا من حق الدفاع المشروع عن الذات حملنا السلاح وليس إنطلاقا من تعصب ديني معين".
أضاف: "أعتقد أن الخطأ الكبير الذي ارتكب بحق الوطن خلال عامي 1975 و1976 هو فرار البعض من لبنان ومغادرتهم لأرضهم في وقت كان اللبنانيون يتعرضون للذبح في أكثر من منطقة وكانت الدولة على شفير الإنهيار بهدف قيام دولة أخرى لا علاقة لها بلبنان. دولة مرتبطة بصراع الشرق الأوسط. إذا، أخلاقيا برأيكم، من ثبت أكثر بأرضه ووطنيته؟ هل من ترك كل شيء وحمل السلاح للدفاع عن مناطقه وبلداته وشعبه أم من ترك البلاد وتوجه إلى العاصمة الفرنسية او أي بلد أوروبي آخر وافتخر بالقول إن يديه ليست ملطخة بالدماء؟ مغادرة هؤلاء للبنان كانت أكبر جريمة حصلت بحق البلد. تعرضنا لوابل من الانتقادات من قبل الكثيرين ممن كانوا معارضين لمشروعنا وحتى ممن ادعوا أنهم معنا في الخندق عينه ليتبين لاحقا أنهم خونة. تواجد عدد من هؤلاء في الخارج ساهم بترويج هذه الصورة المغلوطة للقوات اللبنانية وربطها ببث الخراب والفساد".
وعن برنامج "القوات" لمكافحة الفساد، قال: "المبادئ المسيحية هي الدافع الأساسي لمكافحة الفساد. لا يمكن أن نسكت على الفساد من أي نوع كان. أما الخطط التي وضعناها فهي ببساطة أن نبقي أعيننا مفتوحة على كل ما قد يحدث في مجلس الوزراء ونتوقف عند أي أمر قد تفوح منه رائحة الفساد. نتحقق منه وإن تأكدنا من عدم نزاهته نواجهه حتى النهاية. مثال على ذلك ما قام به وزراء القوات اللبنانية في الحكومة الحالية. هل سمعتم بتاريخ لبنان أن عمل أحد الوزراء على طرد موظفين من وزارته؟ خلال شهرين أقدم وزير الشؤون الإجتماعية على صرف 400 موظف كذلك الأمر في وزارة الإعلام حيث صرف الوزير ملحم الرياشي 100 موظف كانوا لا يقدمون أي خدمة للوزارة. هذا ولا نغيب عن مراقبة المناقصات التي قد تحصل في البلد".
وتابع: "نحن لسنا في حالة صراع مع أحد. نحن في حالة صراع مع الوضع المتردي في الإدارة اللبنانية. نتمنى الحصول على مساعدة كل من يرغب بمد يد العون في هذا المجال. كذلك نرحب بأي طرف يخوض هذا الصراع مع الفساد حتى ولو لم يكن يرغب بضم جهوده لجهودنا. ولكن لكي نصل إلى نتيجة لا بد من تجمع القوى التي تسعى إلى الهدف نفسه".
أما عن أيام السجن وايمانه المسيحي، فقال جعجع: "حياتي في السجن لم تكن فارغة أبدا فقد أمضيت معظم الوقت في ممارسة الأسرار والصلوات والتأملات. ظنوا أنهم وضعوني في السجن إلا أني كنت أتخيل نفسي في المحبسة مع القديس شربل وكنت أتصرف من هذا المنطلق. عشت حياة مسيحية غنية وشيقة لدرجة أني وبعد مرور سنتين على سجني كنت أخاف أن يتم إطلاق سراحي لمدى عمق الحالة التي كنت أعيشها. كنت أحصل على سر الإفخارستيا مرة في الشهر دون أن أتمكن من ممارسة سر الإعتراف. كنت أتأمل الذبيحة الإلهية بمفردي وأتناول القربان الذي كان الكاهن يتركه لي خلال زيارته الشهرية. أمضيت ساعات في قراءات سير حياة القديسين كالقديس شربل وسانت اليزابيت للثالوث، وكتب روحية والكتاب المقدس".
أضاف: "أنا مع إبعاد الكنيسة عن السياسية والسياسة عن الكنيسة ولكن أشجع تطبيق الفكر الديني والأخلاق الدينية التي ترسخ المبادئ أثناء ممارسة السياسة. كم جميل أن نعيش وفي ذهننا عبارة الأخ إسطفان نعمة "الله يراني".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك