إلى جانب انشغالها بمتابعة شؤون وشجون المنطقة الملتهبة عن قرب، في السياسة كما في الميدان، عادت المملكة العربية السعودية بقوة إلى المشهد اللبناني عن طريق دعوة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل إلى المملكة حيث التقيا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في زيارتين منفصلتين حُملتا كثيرا من التفسيرات والتأويلات نظرا إلى التبدلات الكبيرة التي طرأت أخيرا على المشهد السياسي اللبناني، وقادت بعض المتشائمين إلى التعبير عن "مخاوف جدية" على صمود التسوية السياسية العريضة التي أطلقت العهد وسمحت بتشكيل الحكومة.
غير أن مصادر سياسية مطلعة تلفت عبر "المركزية" إلى أن الدعوات السعودية يجب أن توضع في إطارها الاقليمي الواسع، وإن كان البعض اندفع إلى تحليل أبعادها المحلية حصراً، لا سيما في ما يخص الكلام عن محاولات لإعادة إحياء تحالف 14 آذار.
وتشير المصادر في هذا السياق، إلى أن المملكة منشغلة اليوم بفتح صفحات جديدة من العلاقة مع روسيا، وهو ما جسدته بوضوح زيارة العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو والتي وصفها الاعلام العالمي بـ"التاريخية"، مشيرة إلى أن الاستفتاء الأخير على انفصال اقليم كردستان عن العراق، وما تبعه من ترد في العلاقات بين أربيل وبغداد تبدو اليوم في صلب اهتمامات الرياض.
غير أن المصادر تؤكد أن على رغم هذه الصورة، فإن الحرص الذي تبديه الرياض تجاه لبنان، لم يتراجع، بدليل أنها لا تزال تتابع المجريات المحلية وتغيّراتها الكبيرة، وتطلع على آراء الموالين كما المعارضين، في محاولة لإرساء بعض التوازن على الساحة السياسية اللبنانية، لافتة إلى أن "العمل على ميزان معتدل في لبنان، لا يعني بأي شكل من الأشكال إعادة إحياء الاصطفاف التقليدي بين 8 و14 آذار، وهو ما ألمح إليه رئيس الكتائب في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، حيث أكد أن لقاءه وولي العهد السعودي لم يتطرق إلى ملف 14 آذار، بل خصص للإطلاع على رأي الكتائب بوصفه الحزب المعارض الوحيد في لبنان اليوم.
تبعا لذلك، تفيد أوساط قريبة من المعارضة "المركزية" بأن معظم القوى المصنّفة في هذه الخانة تفضّل ترقب المجريات السياسية وتهدئة نبرة الخطابات، من دون أن يفوتها الاستمرار في رفع صوت المطالبة بصون السيادة، وخوض المعارك المعيشية لحفظ حقوق الناس في عيش كريم".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك