من لا يتذكر لقاء السبت في الرابية عندما كانت المجموعة السياسية "البقرادونية" و"الفرزلية" الطابع وكل من جان عزيز وسليم جريصاتي وحبيب افرام وعبدالله بوحبيب طبعاً الى جانب الوزير جبران باسيل مهندس اللقاء تتحلق حول ميشال عون على الشرفة في الرابية او في الصالون لمناقشة الملفات السياسية واتخاذ المواقف من الاحداث خصوصاً ان افراد هذه المجموعة من الرقم السياسي والفكري الصعب ويعتز بتجاربهم السياسية وقدراتهم الفكرية والاستراتيجية.
فالخلية في الرابية لها بصماتها في رسم للتيار الوطني الحرّ وان كان افرادها لا يحملون بطاقة ضريبية الكثير من الخيارات السياسية ولها بعض "الفضل" حتى لا يقال الكثير منه في وضع خريطة للتحالفات السياسية وهندسة الانفتاح والمصالحة السياسية مع معراب والمستقبل وصولاً الى ايصال ميشال عون الى قصر بعبدا، فاين اصبحت الخلية وهل فرّقت الرئاسة "رجال العهد" بدل ان تجمعهم وماذا عن ادوارهم اليوم؟
في الشكل اختفت الخلية فلم يعد من اجتماعات دورية، وان كان معظم رجالها من المقربين حتى اليوم الى رئيس الجمهورية، وكما كانت مداولات الخلية سرية وبعيدة عن اعين الفضوليين والاعلام، فان علاقة هذه الشخصيات برئيس الجمهورية هي في الاطار نفسه، وان طرأت عليها تعديلات في مكان الاجتماع او حتى في حصوله، فان كل من جريصاتي وبقرادوني وافرام وعبدالله بو حبيب هم من الشخصيات المقربة من رئيس الجمهورية اليوم مع اختلاف الاطار والمشهد طبعاً، وان اصبح للرئيس في بعبدا اضافات اخرى، وجان عزيز انتقل الى جانب رئيس الجمهورية في قصر بعبدا، وسليم جريصاتي "منظّر الرابية" بات وزيراً. حبيب افرام حامل هموم الاقليات يُجهز نفسه للانتخابات النيابية عن المقعد السرياني في بيروت، كريم بقرادوني "مهندس العهود" كان له الفضل في الكثير من التحولات السياسية للرابية وصولاً الى القصر ايلي الفرزلي الذي كان صاحب الامتياز الاول في الرابية تلقى بعض "الصفعات" او على الاقل لم يحصل على حقوقه كاملة من العهد فلم يدخل جنة الحكومة على امل ان لا تحصل خيبة ما في الانتخابات المقبلة، فيما جبران باسيل لا يزال وزيراً، وعبدالله بو حبيب "سفيراً" دائماً للنيات الحسنة مع رئيس الجمهورية، في حين يتطلع شامل روكز الذي انضم مؤخرا الى تلك الخلية الى المجموعة السياسية التي اطلق عليها معارضوها ومنتقدوها "فلاسفة الرابية" او منظروها دورهم الطليعي في تلك المرحلة «لم ينفخت الدف فيها" بلم تفرّق عشاقها وكما فرط عقد اللقاء المسيحي الذي انشئ وادى دوره وتحلقت المجموعة التي اسسته حول الرئيس في لقاء السبت فان هذه الشخصيات لا تزال مقربة من رئيس الجمهورية وان كان ثمة توزيع ادوار جديد ومختلف في بعبدا عما كان سائداً، فالرئيس اليوم محاط بمجموعة سياسية تضم كوكتيلاً من "الحرس القدامى" ومن الحرس الجدد.
لقاء السبت وفق اوساطه لم يستقل من دوره الى جانب ميشال عون بعدما انتقل الى قصر بعبدا، فالعلاقة مع عون بالنسبة الى اركان المجموعة هي بالاساس شخصية ثم سياسية فاستراتيجية. لا يُنكر هؤلاء ان دورهم "خف وهجه" كثيراً فرئيس الجمهورية من موقعه الرئاسي باتت مسؤولياته أقوى وجرى توزيع الادوار على عدد كبير اضافة الى تكتل الاصلاح والتغيير الذي كان يرأسه عون ثمة وزراء التيار الوطني ونوابه وشخصيات سياسية حزبية وغير حزبية تدور في فلك رئيس الجمهورية، لكن الحق يقال وفق الأوساط فان دور لقاء السبت لا يمكن تجاهله في رسم وصياغة الاحداث وفي ما وصل اليه التيار الوطني الحر الى ما وصل اليه في المعادلة السياسية الراهنة وان كان ميشال عون هو صانع زعامته اولاً وحزبه وتمثيله النيابي والوزاري والشعبي، فرئيس التغيير والاصلاح كان يستمع كل يوم سبت ويراقب ويحلّل ما تحمله اليه المجموعة السياسية الى الرابية لكن القرار السياسي كان يتخذه وحده وبدون استشارة أحد.
هذا ما حدث عندما انجز تفاهم معراب وعند ترشيح سمير جعجع لميشال عون فالفريق الاستشاري لعون تفاجأ في الموعد وان كان يشارك في النقاش والحوار حول المصالحة المسيحية - المسيحية والتفاهم والمصالحة مع تيار المستقبل، لكن خطوات عون كانت تهبط فجأة عليهم.
رجالات الرابية سابقاً هم أنفسهم او بمجملهم اليوم حول الرئيس يطلق عليهم اليوم حرس العهد الجديد، جان عزيز والسفير عبدالله بو حبيب انتقلا بالروح والجسد الى جانب الرئيس الى بعبدا في حين انتقل الوزير جبران باسيل والوزير جريصاتي الى وزاراتهم في حين ان نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزي طارت منه نيابة رئاسة مجلس الوزراء بفعل التسوية الرئاسية وينتظر خطة "الوفاء" من العهد، والعميد المتقاعد شامل روكز يحاول ان يشق طريقه الوعرة في كسروان.
بعد ثلاثة أعوام من بدء اجتماعات الخلية حتى لحظة دخول عون قصر بعبدا يمكن القول ان خلية الرابية لم تتبخر، انما هي حاضرة من خلال الافراد انفسهم الذين ساهموا في صنع الحال الرئاسية. والحالة العونية الحزبية والسياسية وفي تمدد التيار الوطني مناطقياً وداخل الدولة من خلال الوزير جبران باسيل وما خطّته "أنامل" مهندسي لقاءات الرابية وخططهم المستقبلية ذات يوم، وان كانت ثمة شريحة "عونية" كانت ولا تزال تحاول تقديم انجازات وخطوات هؤلاء وقفزت بعيداً عنهم وصارت ربما اقرب الى وجدان وقلب وعقل رئيس الجمهورية اليوم بفعل التحوّلات السياسية والموقع الكبير الذي يشغله عون اليوم في المعادلة السياسية الداخلية وعلى مستوى العلاقة والتعاطي مع التطورات الاقليمية والدولية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك