قد يلفت نظرك اذا كنت من خارج المنطقة زائرا الى منطقة البقاع السهول المترامية المزروعة بالحشيشة او القنب الهندي في منطقة شرقي وغربي بعلبك وصولا الى البقاع الشمالي واقاصي جرود الهرمل وعلى جنبات الطرقات الدولية والرئيسية وعند مداخل القرى انه المشهد غير المألوف من بعيد اذا كنت زائرا اما اذا كنت من ابناء المنطقة فالمشهد امامك اكثر من سوريالي واعتيادي في عز مواسم الحصاد وانت ترى الكل منهمك في تجميع محاصيله تسابقا مع المطر، لان المواسم بحاجة الى تنشيف وتجفيف تحت اشعة شمس تشرين قبل مرحلة التصنيع في شهري كانون الاول والثاني لقد غزت نبتة الحشيش او القنب الهندي سهول منطقة بعلبك الهرمل ليس حبا بالخروج عن القانون يقول رئيس بلدية مجدلون ورئيس نقابة مزارعي البطاطا في محافظة بعلبك الهرمل طلال خير الدين، بل بسبب كساد مواسمهم الزراعية واملا بالتشريع، واقدم البقاعيون على زراعة الاف من الدونمات بعد تعثر مواسم البطاطا والتفاح عن العامين الماضي والحالي فبرادات البقاع لم تعد تستوعب بعد اكثر من مئة وخمسين طن من البطاطا وبعدما اقصت البطاطا التفاح واحتلت مكانه في البرادات بسبب كساد المواسم وعدم تصريف الانتاج الى الدول العربية بسبب الحروب واقفال طرقات "الترانزيت" والاعتماد على النقل الخارجي في العبارات البحرية، وهو الاعلى كلفة من الانتاج غير اللبناني في الاسواق كل ذلك دفع المزارع اللبناني الى زراعة الحشيشة كونه الاقل كلفة وجهد رغم التضييق الخارجي على تصريفه الى الدول العربية والاوروبية ناهيك عن ان جميع الطرقات البرية مقطوعة من لبنان الى العالم الخارجي.
فالحشيشة كلفتها بسيطة جداً ولا تحتاج الى رأس مال بحيث لا تتعدى كلفة الدونم الواحد مائتي الف ليرة لبنانية، يضيف خير الدين الذي اشار الى ان هناك مساحات مزروعة معظمها في غرب بعلبك تقدّر بخمسة عشر الف دونم، اي ما يوازي انتاج ثلاثين الف قنطار من العروق الخضراء بما يعني انتاج تسعة الاف اوقية من الحشيشة تصنف على ابواب الف وباء وجيم. والاوقية هي الف ومائتي غرام.
ويضيف خير الدين الحشيشة هذا العام تعاني من سوء التصريف الى الدول الاوروبية ومصر بسبب الوضع السيئ للبحر واقفال معظم الطرقات البرية، ويشير الى ان سعر الاوقية لا يتجاوز المائتي دولار اميركي ولكن البحث خلف زراعتها يعود الى تدني كلفتها وهذا احد الاسباب، اما السبب الثاني الذي يدفع المزارع الى زراعتها، هي الخسائر والانهيارات المالية التي يتعرض لها مزارعو البطاطا والتفاح الذين لجأوا الى اقتلاع اشجارهم وزرعوها بالحشيشة فجميع المزارعين البقاعيين يناشدون الحكومة اللبنانية بتشريعها لان التشريع يرفع الاسعار لفائدتها الطبية ويتوقع المزارع في حال التشريع ان ترتفع الاسعار من مائتي دولار الى ستمئة دولار اميركي.
ويختم خير الدين ان الحشيشة غير مضرة وضررها اقل من ضرر الدخان وهي مانعة لمرض السكري وتستخدم في عمليات البنج والتخدير ومسكنات الالم وبما تعرف بالادوية المورفينية.
المزارع وائل عمر قال لم ازرع الحشيشة هذا العام فمزارع الحشيشة يعيش على اعصابه وكل ما تراه في هذا السهل هو بسبب لامبالاة الدولة وعدم اهتمامها وطالب الدولة بتشريعها، فالتشريع يرفع الاسعار ويطمئن المزارع ويحميه من الخسائر، فخسائر البطاطا هذا العام كانت باهظة جدا فالخسارة عن كل دونم تجاوزت هذا العام الست مئة الف ليرة فأولاد عمي باعوا عشرين دونما من اراضيهم في سهل عين السوداء بعشرة الاف دولار للدونم بسبب خسارة البطاطا علي عرار راى ان زراعة الحشيشة تعود الى الحرمان المزمن الذي تسببت به الدولة ومعاملتها باللامبالة لابناء المنطقة، فمنطقة بعلبك الهرمل منطقة زراعية بامتياز وكل المواسم الزراعية مصيرها الهلاك والكساد والخسائر، وعدم اعتماد سياسة زراعية اوصلنا الى ما نحن فيه اليوم حيث تنتشر هذه الزراعة وبكثافة، واضاف حتى الحشيشة لم تعد تجد اسواق للتصريف وقد تلفت نفسها بنفسها بسبب تدني اسعارها وللاسف ان ما اوصل المنطقة الى هذه الحال هي سياسة الدولة وابقائها على الحرمان، ومنذ عهد الانتداب وما زالت مناطقنا محرومة كونها من الاطراف، واضاف من هنا كان حرصنا على قانون العفو لاهلنا وناسنا فتجار الحشيشة الدولة تعرفهم وهم لا يتجاوزوا العشرين شخصا فيما مذكرات التوقيف تتجاوز الخمسة وثلاثين الفا والمطلوب اليوم قانون عفو وبعدها ليتضاعف جرم من يخطئ، وختم على الدولة تأمين الزراعات واعتماد روزنامة زراعية تخدم المزارع بفتح اسواق جديدة تضمن تصريف الانتاج الى الدول العربية والاوروبية.
المواطن محمد هزيمة اكد ان الحشيشة هي افة دخيلة على المجتمع دخلت الى لبنان وتحديدا الى منطقة البقاع عام 1907 عن طريق مزارع لبناني قام بتهريب بذورها من تركيا بعصا مجوفة واصبحت دخيلة على المجتمع والمنطقة لكننا لا نستطيع ان ننكر دورها لانها كانت عنصر مساعد من اجل صراع البقاء وصمود الاهالي وتشبثهم بأرضهم فكانت حل لمشكلة اقلها بمنع الكساد وتصريف الانتاج.
واضاف هذه القضية لا تلقى العلاج اللازم او الرعاية اللازمة والمعالجة الجدية من الدولة كما حصل منذ العام 1992 لما سمي بالزراعات البديلة كانت نوع من الهزل ما يؤشر عدم التعاطي الجدي مع المنطقة بأكملها، وللاسف حتى تاريخه لم تشهد المنطقة اي تطور ايجابي، لا بل كانت جميع المعطيات والعناصر سلبية دائمة وتمادٍ فاضح وسوء في التعاطي، فيما كانت الازمة تكبر وتكبر ككرة الثلج حتى اصبح العجز صفة ملازمة للسلطات، واشار الى ان نبتة الحشيش او القنب الهندي صنفت دولياً بإطار النباتات الطبية ومعظم الدول عملت على تنظيمها للاستفادة منها بإطار شرعي وقانوني وقد اضيفت لها بعض الزراعات التي تدخل في الاطار عينه، ويلفت هنا الى ان الزراعات الممنوعة قد غابت واندثرت نهائيا عن سهل البقاع في العام 1991 ومع برامج الامم المتحدة للتنمية والبرامج البديلة الغير جدية والمتعثرة عادت الحشيشة لتطل برأسها من جديد مع كل موسم زراعي الا ان الدولة والاجهزة الامنية كانت تعمل على اتلافها وملاحقة زارعيها لكن وبسبب الفوضى والحروب في محيط المنطقة اطل بهذه الزراعة من جديد خصوصا، في العام الماضي وهذا العام بعد تعثر الزراعة وكساد المواسم وارتفاع نبرة وتصريحات السياسيين ونبرتهم العالية بتشريع الحشيشة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك