في خطوة غير تقليدية، أبلغ مصرف لبنان منذ 10 أيام، المصارف اللبنانية، عبر الهاتف، وليس من خلال كتاب رسمي، بالتوقف عن منح كافة القروض المدعومة فوراً، أكانت سكنية أم انتاجية بما فيها قروض مؤسسة "كفالات".
أثارت هذه الخطوة بلبلة عارمة خصوصاً ان التوقف عن استقبال طلبات القروض المدعومة يبدأ عادةً في 15 تشرين الثاني ويستمرّ لغاية 15 شباط. كما ان تبليغ المصارف عبر الهاتف، أوحى بأن هناك شيئاً طارئاً قد حصل أو قطبة مخفيّة لم يعلن عنها، رغم ان حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان قد صرّح ان رزمة العام 2017 البالغة 1500 مليار ليرة لبنانية قد استنفدت، وانه سيصدر تعميماً جديداً يتعلّق برزمة أخرى تخصّص فيها القروض السكنية بالليرة اللبنانية وباقي القروض بالدولار بفائدة أقلّ من فائدة ليبور.
كما وأبلغ مصرف لبنان المصارف انه في صدد تحضير آلية جديدة للقروض المدعومة، وسيعلن عنها خلال أسبوعين، يمكن بعد ذلك المباشرة مجدداً بتلقي طلبات القروض المدعومة. لكنّ هذه الآلية لم تبصر النور لغاية اليوم، ومازالت القروض المدعومة معلّقة، وما زال المواطنون يتساءلون حول الاسباب؟
في هذا الاطار، شرح مصدر مصرفي لـ"الجمهورية" ان عملية الهندسة المالية التي قام بها مصرف لبنان في العام 2016 من أجل تعزيز موجوداته بالعملات الأجنبية، أسفرت عن فائض كبير في السيولة بالليرة اللبنانية لدى المصارف. واوضح ان هذا الفائض كانت تستوعبه الدولة من خلال سندات الخزينة، إلا انها لم تعد بحاجة الى ذلك اليوم، لان صندوق الخزينة في مصرف لبنان يبلغ 35 ألف مليار ليرة لبنانية.
وقال: لذلك، قام مصرف لبنان بتحفيز المصارف على الاقراض بالليرة اللبنانية، ولكن فوائد الاقتراض بالليرة أعلى بكثير من فوائد الاقتراض بالدولار، وبالتالي لم تنجح المصارف في التخلّص من فائض السيولة بالليرة، لان الطلب على الاقتراض بالدولار استمرّ، كون اقتصاد لبنان مدولر وبالتالي فان كافة العمليات التجارية داخلياً وخارجياً تتم بالدولار.
من هنا، أدّت زيادة الطلب على الدولار، الى أزمة لدى المصارف اللبنانية التي لم تعد تملك سيولة بالدولار الاميركي، وقد وصل الحدّ ببعض المصارف الى رفع الفائدة على الودائع بالدولار الى 7 في المئة واكثر من اجل استقطاب العملة الصعبة.
من جهته، رأى مصدر مصرفي آخر لـ"الجمهورية" ان السبب وراء وقف مصرف لبنان القروض المدعومة، "انه ببساطة لم يعد لدى المصارف سيولة بالدولار الاميركي"، مؤكداً ان "الامر ليس بالأزمة كما يصوّره البعض، وان لا خطر على الليرة كما يُروَّج له".
واشار الى ان مصرف لبنان سيضع آلية جديدة للقروض المدعومة، معتبراً انه يجب هذه المرّة تحديد نوعية القروض التي يجب منحها بالليرة اللبنانية كالقروض السكنية والاستهلاكية والشخصية، والقروض التي يجب منحها بالدولار كالقروض التجارية والرأسمال الاستثماري، "لأنه في لبنان لا نملك ثقافة الاقتراض بالليرة اللبنانية، وبالتالي يجب السعي لتنمية هذه الثقافة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك