تؤكد مصادر نيابية بارزة بأن المسار الهادئ الذي ساهم في تقطيع إقرار الموازنة العامة بالرغم من المخالفة الدستورية المتمثلة بعدم قرار قطع الحساب جاء ترجمة لتفاهم رئاسي ترجح المصادر النيابية بأن هناك احتمالات ضئيلة بأن يستمر ويمتد على أكثر من ملف.
وأوضحت المصادر بأن الخطابات الرنانة في مجلس النواب خلال جلسات مناقشة الموازنة العامة وما تخللها من اعتراضات على عمل الحكومة ومن مزايدات شعبوية لأهداف وأبعاد انتخابية، بقيت ضمن السقف المقبول ولم تتجاوز الخطوط الحمراء... ما يعني أن توافق الرؤساء كما جرى على صعيد تمرير الموازنة العامة بعد 12 سنة من الانقطاع وفق التسوية التي قضت بتعليق مسألة قطع الحساب قادر في أي مرحلة في حال توفره على السير قدما بمزيد من الإنجازات في أكثر من ملف وقضية.
واشارت المصادر الى أن هذا المسار يتطلب بطبيعة الحال استمرار التوافق الرئاسي القائم الذي تعتريه بعض النتوءات، والذي يسعى المتضررين منه وهم كثر إلى زعزعته، كما ان هذا التوافق بحد ذاته يمكن وصفه لحد الآن بالهش كون التوافق الرئاسي الموجود لا يمكن فصله عن الخلافات التي بدأت تتمظهر بين أركان السلطة الذين أنتجوا تسوية انتخاب رئيس للجمهورية مقابل تشكيل حكومة برئاسة الرئيس سعد الحريري، ولعل الدليل الساطع على هذا الخلاف هو السجال المتبادل الحاد الذي يدور بين وزير الخارجية المحسوب على رئيس الجمهورية ووزير الداخلية المحسوب على رئيس الحكومة.
ولفتت المصادر المذكورة بأن ما نسمعه في الكواليس السياسية لا يبشر بالخير ويثير القلق خصوصا أن المعلومات المتداولة داخل الأروقة تؤكد بأن تمرير الموازنة الذي أتى نتيجة توافق الرؤساء لا يجوز التعويل عليه كثيرا لرسم صورة وردية للمرحلة المقبلة، خصوصا أن إقرار الموازنة بخلفية تسجيل انجاز بعد 12 سنة عن الانقطاع هو أمر يصب في مصلحة الرؤساء الذين تقاطعت أهدافهم حول مسألة تمرير وإقرار الموازنة العامة، إلا أنه إذا ما نظرنا إلى بقية الملفات لوجدنا أن ما توفر من توافق حول مسألة إقرار الموازنة العامة لن يتوفر لسائر الملفات، لا بل أن بعض القضايا والملفات تحمل في طياتها نوات التسبب بخلافات وصراعات يمكن التكهن ببدايتها، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يتوقع كيف وستنتهي عواقبها على أوضاع البلاد والعباد وشؤون إدارة الدولة.
وتؤكد المصادر عينها،بأن اللقاء الذي حصل في نيويورك بين وزير خارجية لبنان ووزير خارجية سوريا على هامش الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أدى إلى نشوب شعر عميق في التسوية المحلية القائمة بين الرؤساء، وبحسب المعلومات الدقيقة المستقاة من أجواء كواليس الرؤساء فإنه بالرغم من محاولات اصلاح هذا الشعر العميق إلا أن كل هذه المحاولات فشلت لغاية الآن ولم تنجح في تجاوز التداعيات والعواقب الذي تسبب بها لقاء نيويورك بين الوزير جبران باسيل والوزير وليد المعلم.
وختمت المصادر بأن ما فاقم من حدة التوتر الذي زاد من حدة الشعر القائم والذي يكاد يصل إلى حدود الشرخ الواسع بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، هو الخلاف الذي نشب بينهما مجددا بسبب انتخابات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) التي شهدتها العاصمة الفرنسية مؤخرا، والذي شكل مادة سجال جديد علني بين تيار المستقبل والتيار والوطني الحر، وتحديداً أكثر بين المشنوق وباسيل، حيث إن مندوب لبنان لم يصوت للمرشحة المصرية، وهو ما اعتبره النظام المصري طعنة في الظهر وهذا ما دفع الوزير المشنوق إلى توجيه انتقاداته إلى سلوك الوزير باسيل واصفا السياسة الخارجية اللبنانية بالشاردة"... وهذا ما يؤكد بحسب المصادر بأنه يخطئ كثيرا من يظن بأن الخلاف والسجال الدائر بين المشنوق وباسيل هو مجرد خلاف وسجال عابر بين وزيرين حول ملف عابر داخل الحكومة، بل على العكس من ذلك فأن المطلعين عن كثب على هذا الخلاف، يدركون أن هذا الخلاف بين المشنوق وباسيل يعبر بشكل دقيق عن خلاف جوهري وأساسي بين نظرة كل من تيار المستقبل والتيار الوطني الحر إلى السياسة الخارجية للبنان في ظل الظروف التطورات الإقليمية الدقيقة التي تمر بها المنطقة بأسرها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك