طالب رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الحكومة "باحالة موازنة ٢٠١٨ في موعدها، وبحد اقصى قبل نهاية الشهر الحالي، لنمارس رقابتنا البرلمانية قبل فواة والاوان، فلن نرتاح في لجنة المال قبل تحقيق اهدافنا حتى النهاية"، وقال "الموازنة في موعدها الدستوري ستمنحنا فرصة اكبر للرقابة والاصلاح لان الاسباب التي اعطيت للعودة عن بعض الاعتمادات المخفّضة كانت ان هناك مبالغ انفقت".
واعتبر كنعان ان "الحكم استمرارية والتزام الحكومة ليس التزام اشخاص بل مؤسسات ورقابتنا ستستمر كائنا من كان في الحكومة وسنكمل بلجنة المال بالوتيرة نفسها".
وقال كنعان في مؤتمر صحافي عقده في المجلس النيابي " لقد قاربنا مكامن هدر لم يدخلها احد من قبل، من الجمعيات والابنية المؤجرة وسواها ، وفي العام ٢٠١٨ لا مبرر لعدم الغوص بها اكثر".
واستهل كنعان المؤتمر بالقول " مبروك للبنانيين الموازنة، بعد ١٢ عاماً على غيابها، والشكر الكبير لفخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، اذ انه ولولا الممر الآمن الذي امنه لاقرار هذه الموازنة، لكان الوضع مختلفاً تماماً، ولكنا لا نزال نفتّش على وسيلة كانت الى اليوم صعبة، اذا لم نقل مستحيلة".
اضاف " والشكر ايضاً لرئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل وفريق العمل الذي رافقني على مدى ٤ اشهر، وللجنة المال والموازنة بكل اعضائها، لاسيما من واظب من بينهم على حضور الجلسات والمشاركة بالنقاشات التي حصلت".
وتابع كنعان: "ضوي شمعة مرة افضل من لعن العتمة الف مرة" هو عنوان المؤتمر الصحافي اليوم، وهذه الشمعة ستكون اكبر في العام ٢٠١٨، في ضوء التأكيدات والالتزامات من الحكومة والهيئة العامة ووزارة المال، وستضيء على اصحاب النوايا الحسنة الذين ينتظرون الاصلاح والرقابة والوفر ووقف الهدر، وستزعج بضوئها وحجمها كل من لا يريد هذا الاصلاح".
وقال كنعان" السؤال الاساس الذي طرح في الامس، ماذا عن الوفر الذي تحدثنا عنه، والذي تقلّص في الجلسة. وانا واياكم قد نكون قد اخطأنا سوياً بالتسرع في تقييم سلبي لما حصل امس. فلم يكن خافياً عليّ ابداً، اننا كنا امام حرب شرسة، والجمعيات في جزء كبير منها هي كناية عن تمويل سياسي، والاكيد ايضاً كما قلت بالامس، ان للكثير من الجمعيات ملائكتها الموجودة في السياسة وفي السلطة، ولكن ما حصل اكبر من مجرد رقم".
وقال " للذين يسألون عن الوفر اقول، ان الوفر كان بالرقابة التي بدأت للمرة الاولى منذ عقود من الزمن، من خلال وضع حد للاستدانة التي كانت قبل الضوابط التي وضعت في المادة ٥، بلا سقوف، بحيث كان بمقدور الحكومة ان تستدين سنوياً لتسديد العجز الذي تحققه، لا الذي ارتقبته بالموازنة. ولا تجاوزات بعد اليوم في قيد الهبات وادخالها حساب الخزينة، بدل الحسابات الخاصة واخضاعها للرقابة حسب الاصول، وهو نضال استمر منذ العام ٢٠١٠ لانجاز هذا التعديل الاساسي".
واشار كنعان الى ان "فقد حكي عن اكثر من ٥ مليار دولار من العام ١٩٩٣ وحتى اليوم تم انفاقها من دون قيدها حسب الاصول، وتعمل وزارة المال منذ فترة طويلة لاعادة احصائها وتحديد جهة انفاقها. اما اليوم، فقد تغيّر الوضع، وهذا سينعكس ايجاباً على مالية الدولة".
ولفت كنعان الى ان "الوفر ايضاً بتعديل الية تحويل الاعتمادات الاستثنائية التي كانت تحوّل سابقا من دون احترام الاصول، ومن دون العودة في بعض الاحيان الى المجلس النيابي، وهذا سينعكس على الاحتياطي وحجمه، اذ انه بوجود موازنة، لا مجال لتوزيع الاحتياط بحسب القاعدة الاثني عشرية، وقد اعلن وزير المال ذلك امس في الهيئة العامة، وتعهد بتخفيض الاحتياطي من ١٣٨٨ مليار، الى حدود ٦٠٠ او ٧٠٠ مليار في موازنة ٢٠١٨، انسجاما مع توصيات لجنة المال".
وتابع كنعان" الوفر كذلك بالقروض الاستثمارية من مصرف لبنان، ولطالما سمعنا عن تشجيع الصناعة والزراعة والسياحة، واليوم رصد من خلال المادة ١٠ في الموازنة ٢٠٠ مليار لهذه القطاعات، يتم توزيعها ضمن الية يضعها مجلس الوزراء بالتعاون مع مصرف لبنان، ما يعني ان الامور اصبحت واضحة المعايير والاليات".
اضاف " اما قوانين البرامج التي كان يتم ادخال اكثر من٤٠ منها بآلاف المليارات في الموازنة، من دون دراسة جدوى او تفاصيل انفاقها ويبدأ الصرف احياناً قبل اقرار الموازنة . فهل يجوز ان تبقى كذلك؟ واوليس من باب الوفر الكبير ان تأتي قوانين البرامج بشكل مستقل الى المجلس النيابي لمناقشتها ودرسها ومراقبة انفاقها بحسب الاصول، كما التزمت الحكومة امام المجلس النيابي بالامس. هذا ما تحقق، وهو شامل واساسي، ويختلف عن ما يقوم به البعض، من مقاربات مجتزأة لملفات موسمية ومحدودة، ويذكرنا بمظاهرات بعض الدول حيث يردد من هو في آخر التظاهرة جملة لا علاقة لها بالموضوع. فالرقابة الفعلية تعني الدخول الى كل التلزيمات والصناديق لوضع حدود للانفاق. والاصلاح تحقق على هذا الصعيد في هذه الموازنة، فقد بات بمقدور النائب الجدّي، المعارض وغير المعارض، ممن يريد المراقبة، ان يقوم بذلك. اما الوفر "فما طار" كما قال البعض، بل تحقق، وقد خفضنا على سبيل المثال ١٥١ مليار ونصف من الاتصالات، من خلال اقتراح وموافقة الوزارة، والمطلوب رؤية النصف الممتلىء من الكوب، لا سيما اننا نأتي من بعيد، والعمل الرقابي سيستمر في العام ٢٠١٨ في الوتيرة نفسها، وبقدرة اكبر على التحقيق".
اما على صعيد الضرائب فقال كنعان " لا ضرائب عشوائية في الموازنة او خارجها، من دون عدالة اجتماعية، ورؤية شاملة، وهو ما اقر اليوم، ولم يكن ممكناً في السابق، في ضوء الحاجة الى تمويل سلسلة الرتب والرواتب. فقد ارسي نهج جديد، واي تعديل لاجراءات ضريبية يجب ان يأتي في شكل مستقل الى المجلس النيابي لدرسه وتبيان العدالة الاجتماعية والخدمات التي تقدم للمواطن مقابل اخضاعه للضريبة، وما اذا كانت الظروف الاقتصادية تسمح. وفي موازنة العام ٢٠١٨ التي ستأتي، في وقت قريب، باتت هذه الخطوات واقعاً".
واعتبر كنعان ان اتفاقاً حصل يتعلّق بموازنة العام ٢٠١٨ ، من ضمنه اخراج قوانين البرامج من الموازنة، والتدقيق باعتمادات الجمعيات سيكون اكبر ، فما قمنا به على هذا الصعيد في موازنة ٢٠١٧، شكّل رسالة حازمة للحكومة، ولكل الوزارات، للتعاون مع وزارة المال واجهزة الرقابة، لان لا اعذار في العام ٢٠١٨ ، اذ لا انفاق مسبق، لا في الجمعيات او الاحتياطي او اي انفاق آخر، فقد باتت لدينا موازنة واضحة السقوف المالية والضوابط".
واوضح كنعان ان الرقابة التي مارستها لجنة المال والموازنة على مدى ٤ اشهر ستكون اقصر واقسى وبامكانيات اكبر في درس واقرار موازنة العام ٢٠١٨".
وتطرّق كنعان الى مسألة قطع الحساب فقال " للاسف، كثيرون ممن يتطرقون الى هذه المسألة ليسوا على اطلاع كافٍ عليها، وانا من اكتشف هذه المسألة في نقاش موازنة العام ٢٠١٠ في لجنة المال، واعرف كل تفاصيلها، واتمنى على كل من يثير هذه المسألة ان يضطلع على وقائع القضية والقوانين التي ترعاها".
اضاف " فمشكلة قطع الحساب هي لدى ديوان المحاسبة، ولا يمكن الموافقة على الحسابات المالية في المجلس النيابي فقط عن العام ٢٠١٥ كما اقترح البعض. ولو ان ذلك يجوز لكانت حلّت مشكلة الحسابات منذ العام ١٩٩٣. فعلى اثر احالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مشروع الموازنة، ومشروع قطع الحساب في العام ٢٠١٢، صدر تقرير ديوان المحاسبة من ١٢ صفحة يعدد المخالفات الموجودة بفعل عدم وجود موازين دخول صحيحة، وقروض وهبات ذهبت الى حسابات خاصة، وتجاوزات اخرى، عاد وتطرق اليها وزير المال علي حسن خليل في كتابه الذي احاله الى الحكومة مؤخراً، ليطلب فترة سنة لانجاز الحسابات".
واوضح كنعان ان هذا هو ما لم نتنازل عنه ولم نقم بتسوية عليه، اي لم نوافق على حسابات مالية غير سليمة وغير مدققة بحجة ضرورة اقرار الموازنة، واعتراضي في الهيئة العامة جاء على ما طرحه بعض الزملاء المعارضين والذي يشكل بالنسبة لنا اكثر من تسوية على المال العام، اي على ال١١ مليار وكل الحسابات المالية منذ العام ١٩٩٣ وحتى اليوم".
اضاف "بالامس، لم يقر المجلس النيابي قطع الحساب، قبل اقرار الموازنة، الا انها الطريقة الوحيدة لعدم القيام بتسوية على المال العام، وابراء ذمة الحكومات المتعاقبة من دون وجه حق. وقد اعطيت مهلة زمنية نهائية لتقديم الحسابات، وبقي الملف المالي مفتوحاً، الى حين ارسال الحكومة صيغة نهائية، ليبنى على الشيء مقتضاه".
واعتبر كنعان ان "ما حصل هو افضل الممكن، لناحية تأمين اقرار الموازنة، وعدم اخضاع الحسابات المالية مرة اخرى للتسوية".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك