بعد أن خاب ظنّها بالأداء الحكومي "الذي لم يلاقِ لا تطلعاتها ولا طموحات الشعب اللبناني" وبعد فترة "سماح" تلامس العام، قررت "القوات اللبنانية" تصعيد الموقف ورفعَ السقف في وجه حلفائها قبل الخصوم، فأخرجت من جعبتها ورقة الاستقالة من مجلس الوزراء.
والواقع ان الصدام بينها وبين "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" حول ملف البواخر والذي بلغ أوجه الخميس الماضي، شكّل "القشة التي قصمت ظهر البعير"، دافعا بمعراب الى توجيه انذار عالي النبرة الى من يعنيهم الامر، بأن "هذا الوضع لا يمكن ان يستمر"، خصوصا أنه يأتي بعد "تجاوزات" رافقت التعيينات والتشكيلات وفي ظل "تهميش" تتعرض له الملفات التي تُعنى بها وزارات القوات" في الحكومة، بحسب أوساطها.
واذا كانت الاستقالة لن تحصل "غدا" كما أُشيع في نهاية الاسبوع، فإن فكرتها باتت تراود معراب جديا. وقد أكد رئيس الحزب سمير جعجع اليوم من أوستراليا هذا التوجّه بقوله "ان الاستقالة واردة اذا بلغت الخروقات حدَّ عودة العلاقات مع نظام الأسد واستمرار محاولات تمرير المناقصات المشبوهة"، مشيرا الى ان "لولا وجود القوات لكان الفساد أكل ما تبقى من الدولة بحيث نخوض يومياً معارك كبرى لمحاربة هذه الآفة، وبالتالي ان وجود القوات هو ضرورة لقيام الدولة اللبنانية".
تعقيبا، تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية" إن خطوة "القوات" هدفها ليس الوصول فعلا الى الاستقالة بقدر ما هو ممارسة ضغط على "المستقبل" و"التيار الوطني" لتغيير سلوكهما وكيفية إدارتهما للملفات الداخلية في الحكومة، فنهج الإطباق على كل المراكز الرسمية وتقاسم الحصص فيها بعيدا من الآليات القانونية، لا يجوز السير به قدما، كما ان محاولة فرض خيارات محددة على الدولة اللبنانية وتجاوز الاجهزة الرقابية ودورها ورأيها، لتمرير صفقات مشبوهة، لن ترضى عنه "القوات"، تماما كواقع إبقاء كل القضايا التي لوزاراتها دور فيها، على الرفّ.
هذا التلويح الذي يمكن اعتباره "هزّ عصا"، بحسب المصادر، تتطلّع "القوات" الى ان يفعل فعله "إيجابا" في مسار الامور داخل مجلس الوزراء، وستكون جلساته المقبلة حقل اختبار لكيفية تلقي شركائها في الحكم لرسالتها، ومدى تجاوبهم معها. فاذا أتت ثمارها، كان به، وإلا فان معراب ستجد نفسها مضطرّة للخروج من الحكومة، لأنها لن ترضى ان تكون "شاهد زور"، خصوصا على ابواب انتخابات نيابية حيث يرتفع الحديث داخل الصالونات القواتية عن كلفة بدأ "الحزب" يدفعها من رصيده الشعبي نتيجة إخفاقات الحكومة.
وتؤكد المصادر ان "القوات" حتى الساعة لا تريد قلب الطاولة وهي على دعمها للعهد الذي ساهمت في إرسائه عبر تأييدها ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وتتوقع ان تؤخذ مطالبها في الاعتبار. وتكشف أن رئيس الحكومة سعد الحريري اتصل بـ"الحكيم" في الساعات الماضية واستوضح منه موقف "القوات"، حيث نفى ان يكون وزراء "الحزب" عازمين على الاستقالة الان، غير انه أكد له أن "لا يمكننا ان نستمر على هذه الحال التهميشية"، وقد تواعد الرجلان على الاجتماع فور عودة جعجع من الخارج.
كما يتوقع ان يتوجّه رئيس القوات الى بعبدا قريبا، للاجتماع بالرئيس عون، وربما انضم اليهما ايضا الوزير جبران باسيل والنائب ابراهيم كنعان، على ان تخصص مداولات اللقاء لإعادة "دوزنة" تفاهم معراب وتوضيح الصورة بين طرفيه، خصوصا ان القوات كانت تطمح الى ان تكون شريكة فعلية في الحكم، بينما شريط التطورات حتى الساعة، عشية اطفاء العهد شمعته الاولى، لم يحمل الا إقصاء لمعراب.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك