على وقع سجالات سياسية بين اهل الحكم في مقاربة ملفات حيوية وقضايا حياتية كالتطبيع مع النظام السوري لحلّ ازمة النزوح وخطة الكهرباء وما بينهما من تشكيلات قضائية وتعيينات دبلوماسية وإدارية، يُطفئ عهد الرئيس ميشال عون شمعته الاولى في 31 الجاري حملت انجازات مهمة كما بعض الاخفاقات.
جمع عهد "بي الكل" كما اطلق عليه "التيار الوطني الحر" التناقضات السياسية في حكومة "ربط نزاع" عنونها الرئيس سعد الحريري بحكومة "استعادة الثقة". قوى سياسية متناقضة في الرؤيا الاستراتيجية ومقاربة الملفات عقدت تسوية لا تزال مفاعيلها تظلل العمل السياسي في البلد، وقوامها "معالجة الازمات الحياتية والاساسية للبنانيين المتراكمة منذ سنوات ووضع المسائل الخلافية الاستراتيجية الكبرى على الرفّ كالسلاح غير الشرعي والمشاركة في الحرب السورية، لان سطور حلولها تأتي ضمن التسوية الكبرى لأزمات المنطقة.
وفي جردة حساب من الحليف التقليدي للرئيس عون الذي شكّل الرافعة الاساسية بوصوله الى قصر بعبدا من خلال "تمترسه" خلف ترشيحه منذ اليوم الاول لفتح السباق الرئاسي، يُفنّد وزير الشباب والرياضة محمد فنيش عبر "المركزية" سنة العهد الاولى على قاعدة "كيف كان الوضع قبل 31 تشرين الجاري وكيف اصبح بعده":
-من الناحية الامنية، النتائج كانت ايجابية لا بل "رائعة" وممتازة جداً كانت ذروتها تحرير جرود السلسلة الشرقية من التنظيمات الارهابية، وذلك بعد مماحكات سياسية "يميناً وشمالاً" لم تنته الا بقرار حاسم وجريء من رأس الدولة بإنهاء معضلة الجرود من خلال تكليف الجيش القضاء على الارهابيين بقرار سياسي جامع.
-مالياً، اعاد العهد "وبجرأة" القطار المالي الى سكّة الانتظام بإقراره وللمرّة الاولى بعد 12 عاماً موازنة العام 2017 بعدما كانت القاعدة الاثني عشرية تتحكّم بمالية الدولة، وتستعد الحكومة قريباً لمناقشة موازنة العام المقبل تثبيتاً للاستقرار المالي. وتبقى مسائل مالية اخرى تنتظر البتّ بها، وهذا ان دل الى شيء فالى جرأة رئاسية بحسم ملفات وازمات متراكمة تُرخي بثقلها على البلد وعلى اللبنانيين.
-اقتصادياً، يولي الرئيس عون القطاع اهمية كبرى من خلال وضع رؤية اقتصادية (طرحها وزير الاقتصاد رائد خوري على مجلس الوزراء الاسبوع الفائت) تُحدد مسارات السياسة الجديدة، مع العلم ان المؤشرات الاقتصادية تحسّنت بفضل الادارة الجيّدة للبلد والاستقرار السياسي، فضلاً عن ملف النفط الذي وُضع على السكّة الصحيحة.
-اما الحصاد السياسي فكان وفيراً من خلال تثبيت الاستقرار وترسيخه بالتفاهم بين معظم القوى السياسية، وتجلّى ذلك بادارة الرئيس عون الممتازة لجلسات مجلس الوزراء التي عكست روحية التفاهم القائم التي ساهمت في تذليل العقبات امام الكثير من المسائل والقضايا الشائكة. ولا يمكن ان نغفل هنا "تجاوب" الرئيس الحريري الذي ساهم ايضاً في رفع انتاجية الحكومة.
اما ابرز "الغلال" التي تم حصدها في السنة الاولى للعهد والتي كانت غائبة لسنوات عن مواسم الحصاد، هما وبحسب فنيش "إنجاز الموازنة العامة بعد اثني عشر عاماً على غيابها، وايجاد حلّ لمسألة قطع الحساب، واقرار قانون جديد للانتخاب يعتمد للمرّة الاولى على النظام النسبي مع الصوت التفضيلي الذي خرج من رحم الخلافات السياسية، والانتخابات ستحصل في موعدها بعد حسم بعض التفاصيل المتعلّقة بآلية تطبيق القانون من خلال اجتماعات اللجنة الوزارية المختصة. وهذان الانجازان ما كانا ليتحققا لولا الارادة الصلبة للرئيس عون من دون ان نغفل دور القوى السياسية الاخرى في تحقيقهما.
وبانتظار الخطاب الرئاسي الذي يتوجّه به الرئيس عون الى اللبنانيين عشية إطفائه الشمعة الاولى للعهد واضعاً فيه النقاط على حروف إنجازات تحققت وعلى وعود بإنجاز المزيد في المستقبل، يلفت فنيش الى "ازمة النزوح السوري التي يريد العهد معالجتها وضمّها قريباً الى سجل الانجازات، بحيث بدأ الرئيس عون مقاربتها "بجرأة" ونشاط وفاعلية من خلال الاشارة وبالارقام الى ثقلها الامني والاقتصادي وتداعياتها الاجتماعية على العلاقة بين المجتمع المُضيف اي اللبنانيون، وليس ادل الى ذلك من خطابه في الجمعية العامة للامم المتحدة الشهر الفائت ولقائه اخيراً في قصر بعبدا مع سفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن حيث ابرز المخاطر المتعددة على لبنان جرّاء استمرار ازمة النزوح وعدم ايجاد الحلول المناسبة لها، وهذا الملف يفرض نفسه على معظم القوى السياسية من اجل ايجاد الحلول الناجعة التي تخدم مصلحة البلد بعيداً من اي خلفيات سياسية".
ويختم فنيش "بأن الدور الايجابي لرئيس الجمهورية والروحية التي يُقارب بها الملفات اضافة الى التفاهم السائد بين معظم القوى السياسية كفيلان بأن يكون موسم الحصاد وفيراً على المستويات كافة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك