يُفتتح الأسبوع الطالع في بيروت على إحياء الذكرى الأولى لانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ليُختتم في 5 تشرين الثاني المقبل بالزيارة البالغة الأهمية التي يقوم بها للكويت، في محطةٍ تكتسب أبعاداً ذات صلة بتكريس العلاقات "فوق العادية" بين البلدين وتأكيد تَجاوُز بعض الملفات التي أرختْ بثقلها عليها وكادتْ أن تضعها في دائرة تَأزُّم غير مسبوق.
وما بين هاتين المحطتيْن، تستمرّ "اليوميات" اللبنانية غارقة في محاولة إيصال "سفينة" الانتخابات النيابية إلى "برّ الأمان" عبر السعي الى إنهاء الخلافات المستحكمة حول بعض النقاط اللوجستية ذات الصلة بجوانب من آليات الانتخاب، في موازاة "إدارة الظهر" للمناخ الخارجي الذي يضع التصدي لـ"حزب الله" كـ"خط هجوم" أوّل على إيران ونفوذها المتعدد الساحة والذي تخلّت واشنطن بإزائه عن سياسية دفْع القارب من الخلف لتتولى قيادة هذه المعركة ذات الصلة برسْم التوازنات الجديدة في المنطقة.
وإذا كانت ذكرى "سنة أولى" على عهد عون ستشهد إطلالة للأخير على اللبنانيين مساء غد في حوارٍ مفتوحٍ ومباشرٍ عبر محطات التلفزيون متضمّنةً "جرْدة" لما تَحقق منذ 31 تشرين الاول 2016 مع إطلالةٍ على التحديات الداخلية والخارجية التي يواجهها لبنان، فإن حرْص رئيس الجمهورية على افتتاح السنة الثانية من ولايته بزيارة الكويت يعكس، حسب مصادر مطّلعة في بيروت، رغبته في ظهورٍ خارجي بعنوانٍ جامِع تشكّله الكويت التي لطالما كانت أشبه بـ"خيمة" للوحدة الوطنية في لبنان ونقطة التقاء داخلي.
ويَترافق طيّ السنة الأولى من عهد عون مع استحقاقٍ داهمٍ يتمثّل في تَصاعُد المواجهة الأميركية - الإيرانية وسط مؤشراتٍ على تَمدُّد رقْعة هذه المواجهة، التي يشكّل "حزب الله" الهدف الأوّل لها، والمَخاوف من تَحمّل الدولة اللبنانية أثماناً باهظة فيها، بدءاً من مشاريع القوانين التي أقرّها مجلس النواب الأميركي قبل أيام وليس انتهاءً بالمناخ عن تَشدُّدٍ مماثل حيال الحزب من دول عدة في المنطقة ولا سيما السعودية، بما يجعل بيروت وكأنها بين "فكّيْ كماشةِ" واقعٍ داخلي محكومٍ بـ"واقعية سياسية" تعبّر عنها التسوية التي كانت أفضت الى إنهاء الفراغ الرئاسي والتي يعني أي مساس بها "انفجاراً كبيراً"، ووضعٍ خارجي ضاغط يصعب إيجاد "الترياق" لملاقاته باستراتيجيةٍ توفّر بين مقتضيات تفادي عزْل لبنان - الدولة وبين ضرورات الحفاظ على "العازل" الذي يقي البلاد شرّ انهيار الاستقرار.
وفي حين وصل الى بيروت امس وفد من الكونغرس الاميركي في زيارة يلتقي في خلالها عدداً من المسؤولين ولن يغيب عنها المسار المتشدّد حيال "حزب الله"، استوقف المصادر المطلعة كلام الناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت في مقابلة تلفزيونية أكدت فيها أن واشنطن تتصدى مع حلفائها العرب للهلال الإيراني في المنطقة، لافتة إلى وجود "إجماع على خطورة النفوذ الإيراني في المنطقة... وحلفاؤنا وشركاؤنا العرب يتوافقون مع الولايات المتحدة على ذلك... نريد وقف هذا النفوذ المزعزع للاستقرار".
وإذا كانت مواقف ناورت تعطي المزيد من الإشارات إلى أن واشنطن ماضية في قرار استهداف "حزب الله" بوصْفه الذراع الأبرز لإيران في المنطقة، فإن المصادر المطلعة ترى أن لبنان الرسمي بتغاضيه عن الاندفاعة الأميركية يبدو أقرب إلى الراغب في "الاحتماء من العاصفة"، ولكن بنوافذ مشرّعة، نتيجة وجود عنصر الجذب للرياح الساخنة في "قلب البيت"، أي "حزب الله" الذي يركن بدوره في هذه المرحلة إلى التسوية السياسية في محاولة لتشكيل "خط دفاع" داخلي يتلقى عنه، أو أقلّه معه، "الصدمات".
ولاحظت هذه المصادر اضطرار "حزب الله" إلى إصدار موقف توضيحي للكلام الذي كان نُقل عن الرئيس الإيراني حسن روحاني حول أنّه "لا يمكن اليوم اتّخاذ إجراء حاسم في العراق وسوريا ولبنان وشمال افريقيا ومنطقة الخليج من دون إيران ورأيها"، وهو الموقف الذي قوبل بسيلٍ من الاعتراضات الداخلية، وسط خشية من مَخاطر تظهير لبنان في لحظة "الانقضاض" على إيران على أنه "ساقط بالكامل" في حضنها.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك