ليست المرة الأولى التي يقف فيها خصوم "القوات" لستريدا جعجع بالمرصاد. سابقاً، ومع بداية زمن المصالحات، سُجّل لـ "البرتقالي"الخرق الأول على وقع التحضير لـ "تفاهم معراب".
حينها، لم تكن الأمور قد نضجت بعد.
لنضع العقدة التاريخية بين "القوات" و"المردة" جانباً. اللعب على وترها من قبل جهات معيّنة ولأهداف معيّنة، أصبح ورقة منتهية الصلاحية.
خرج "الكتائب" من الحكومة فدخل "القوات" بثلاثة وزراء. في هذه الحالة، فن الممكن يكمن في "المعارضة من الداخل" حيث لا إرادة للخروج.
خرج سليمان فرنجية من جلسة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، حاصداً"وفاء" 36 صوتاً "أبيض". من هذه الأصوات من يفضّل نجل طوني فرنجية على سواه رغم المسافات السياسية الشاسعة معه، فيما الملتزم ملتزم.
لا يُذكر أن حمل "المردة" يوماً "همّ" الدخول إلى الحكومة، أو عدد ممثليه على مقاعدها. مكانه جاهزٌ دائماً في وزارةٍ أو أكثر (في الأيام الآتية)، كان راضياًعلى العهود أم لا.
في المحصّلة، معارضتان مسيحيّتان "من الداخل". كل منهما يغرّد وفق نشأته في قضايا السيادة والسياسة الخارجية... لكل منهما "معشره" في النهاية، لكن للمصالحين عند مسيحيي لبنان "شطارتهم" متى دعت الضرورة.
ساد الرأي أن ما صدر عن النائب ستريدا جعجع خلال جلسة "عائلية" في سيدني "خطيئة في غير أوانها". إلا أن أوساطاً "مندفعة" في هذا الملف تأمل "المفاجآت" ما بعد انتهاء جولة جعجع الخارجية، عندما تقول إنّ ما حصل سيعجّل اللقاء بين المرشحين الرئاسيّين.
لم يسبق لجعجع وفرنجية أن اجتمعا ثنائياً أو أن اعتليا منبراً مشتركاً. الماضي وضع فاصلاً عالياً بينهما من دون أن يحصل تعارفاً بالحد الأدنى. قد تجد لهما معاً صورتين أو ثلاثة بالحد الأقصى. "من بعيد لبعيد"، تظهرت علاقة "معنوية" بين القطبين: جعجع خصص لها هامشاً حساساً ومنح الوقت للوقت، وفرنجية نجح في تجاوز ذاته فسامح ولم ينسَ.
خرج "الحكيم" من سجنه الصغير، راق له السكن على إحدى تلال كسروان، عمل لإعادة "القوات" على السكة مسيحياً ووطنياً، وكان له ٨ نواب في آخر جولة. الـ "بك" شغل السلطة، لم يخرج من حدود زغرتا بين مقره وقصر جده الرئيس، وضع ثقته بالعماد ميشال عون فمنحه فرصة "التمدد" لسنوات، لم يوسّع دائرة معركته واقتنع بثلاثة نواب.
"هذا اللقاء في حين حصوله سيكسر محظورات عديدة في السياسة". تكتفي الأوساط بهذا التوقع ذي الإشارات الإنتخابية والرئاسية، وتترك "الرسائل" لتصل إلى المعنيين. إذ ما تسرب من مصالحة ١٨ كانون الثاني بعد سنتين لم يقع عبثاً، بل ليجد مكانه "حيث يجب أن يكون".
في بنشعي، هناك من يستجمع أخطاء الآخرين في جعبته ويفكر جيداً بعيداًعن الضجيج. وفي معراب، هناك من يقرأ كل حرف بتأنٍّ ويعيد حساباته في أكثر من اتجاه بعيداً عن السرعة والتسرع. تتوقف الإثارة هنا عند توقيت الحدث، وتتضاعف الإثارة عند عنوان الحدث، هوية المبادر، الضيف والمستضيف، كلام الوجوه والأيدي المصافِحة... ناهيك عن الصدى الذي سيحرّك المواقف والتغريدات والأهم: "الأحاسيس". هنا، سينفتح المجال للمقارنة بين مصالحة وأخرى، بين "بروتوكولات" وأخرى، وضمنياً بين "نوايا" وأخرى!
حتى في النهار، صار "الصوت يودي" من بشري إلى البترون، ومن زغرتا إلى أرجاء جبل لبنان. كسروان تنتظر جواباً، وجبيل، ومن قال إن المتن وبعبدا لم يُكتب لهما "سيناريو"؟
يُقال إن "جبلين لا يلتقيان". طبعاً إن أراد الأول أن يزايد على الثاني صعوداً لملامسة سحاب السماء، وقد يأتي "الدرس" من جبل ثالث "لم تهزه الرياح بعد". بالتأكيد أن خطوة كهذه تُعتبر "ضربة"، فمن سيكون "المعلّم"؟
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك