على وقع مواقف سعودية "نارية" من "حزب الله"، وصل رئيس الحكومة سعد الحريري أمس الى الرياض في "زيارة عمل"، استهلّها باجتماع مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جرى خلاله استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدات الأوضاع الإقليمية، كما أعلن مكتبه الاعلامي واستكملها اليوم بـ"لقاء طويل مع معالي الصديق ثامر السبهان"، وفق ما قال الحريري نفسه عبر "تويتر".
في تفاصيل مشاورات الحريري في المملكة، حضرت ممارساتُ "حزب الله" من جهة، والموقف اللبناني الرسمي منها من جهة ثانية، طبقا رئيسيا على طاولة البحث، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ"المركزية"، مشيرة الى ان زيارة الحريري للمملكة هذه المرة ترتدي أهمية "خاصة"، حتى ان يمكن وصفها بـ"المفصلية" كونها تأتي بعد أن قرّرت الرياض طي صفحة "المهادنة" و"المسايرة"، ونقلَت مواجهتها مع "حزب الله" من مستوى التصويب عليه، الى مستوى مطالبة الحكومة بكسر "صمتها" حيال ما يفعله، وهو ما جاء على لسان وزير الدولة الخليجي لشؤون الخليج ثامر السبهان، وقد دفعت هذه المواقف نحو تحليلات سياسية وصحافية كثيرة اليوم اعتبرت أن الحريري سيتبلّغ من القيادة السعودية موقفا قويا تدعوه فيه الى "قلب الطاولة" على "الحزب" والخروج من الحكومة. غير ان مصادر وزارية تقول لـ"المركزية" إن هذه القراءات غير دقيقة. فالرسالة التي ستوجهها الرياض الى رئيس الحكومة تنص مبدئيا على التالي: التسوية التي أرست العهد الجديد وأوصلت العماد ميشال عون الى الرئاسة الاولى والحريري الى الرئاسة الثالثة، وساهمت الرياض في طبخها، مهددة جديا اليوم وهي ليست بخير، حتى يمكن الاعتبار انها "تنازع". فهي كانت تقول بالنأي بالنفس وبحياد لبنان عن صراع المحاور في المنطقة وبوقوفه في موقع وسطي على مسافة واحدة من جانبي الكباش، الا ان هذا التفاهم يتم انتهاكه اليوم، اذ باتت التسوية تجنح لصالح طرف على حسب آخر، وتحديدا لصالح الطرف الايراني، وسط غضّ طرف "مدوٍّ" من قبل بعض "أهل" التسوية". من هنا، لا بد من تعويمها مجددا واعادة "دوزنتها" وتصويب الخلل الذي أصابها، وإلا فإن المملكة ستجد نفسها بحلّ منها أيضا".
"هو جرس إنذار سيسمعه الحريري في الرياض، وسيتكفّل بنقل "أصدائه" الى المعنيين في لبنان علّها تلقى آذانا صاغية"، تضيف المصادر، قبل ان تطمئن الى ان "حتى لو استمر الوضع اللبناني على ما هو عليه اليوم، فإن الرياض لن تقدم على أي خطوة تهز الاستقرار الداخلي، وهي لم تعمد يوما الى خطوات من هذا النوع، وبالتالي فإنها لن تطلب من الحريري لا الاستقالة من الحكومة ولا وضع حد لتفاهمه مع التيار الوطني الحر"، وكان السبهان واضحا حين قال أمس "المسألة ليست تطيير الحكومة بل يجب تطيير حزب الله"، واليوم بعد لقائه الحريري "اتفقنا على كثير من الامور التي تهم الشعب اللبناني الصالح وبإذن الله القادم افضل".
وفي موازاة الدعوة الى "صيانة التسوية"، لا بد ان تكون المملكة طلبت من رئيس الحكومة ومن الفريق السياسي المقرّب منها في لبنان، الاستعداد للمرحلة المقبلة التي ستهبّ فيها الرياح من كل حدب وصوب على "حزب الله"، ولا سيما من الولايات المتحدة وربما أيضا الاتحاد الاوروبي، ومن الدول الخليجية، بهدف تطويقه. وقد بات تقليم اظافره مسألة حتمية في رأي المملكة، أكان اقتصاديا وماليا وربما أيضا عسكريا، وقد دلت مواقف السبهان امس الى مدى تأكد الرياض من حصول هذا التطويق قريبا حين قال "كما قضينا على داعش والقاعدة سنقضي على الجسم السرطاني الموجود في لبنان ونحن قادرون لاننا منطق عقل وحكمة وسلام والآتي سيكون مذهلاً بكلّ تأكيد".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك