الحياة
تترقب القوى السياسية اللبنانية آثار الزلزال السياسي الذي أحدثته استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري المفاجئة ظهر أمس، وارتداداته على الصعيدين الداخلي والإقليمي، والذي أسقط التسوية السياسية التي قادت إلى انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، ونزَع الغطاء الرسمي الذي يمثله الحريري عن "حزب الله" كعضو في الائتلاف الحكومي عندما اعتبر أنه من "ذراع إيران"، وكذلك لما وصفه بـ "تدخلات إيران في الشؤون الداخلية للبلدان العربية في لبنان وسورية والعراق والبحرين واليمن".
وإذ انسحب الحريري من "المخاطرة السياسية الكبرى" التي أعلن خوضها في 20 تشرين الأول عام 2016، حين قبل بدعم ترشيح عون للرئاسة، دخل لبنان مرحلة جديدة من الصراع السياسي المفتوح على كل الاحتمالات، مع أبعادها الإقليمية.
فكتاب الاستقالة الذي أذاعه الحريري من السعودية توجّه إلى "إيران وأتباعها" قائلاً: "إنهم خاسرون في تدخلاتهم في شؤون الأمة العربية".
وذكرت قناة "العربية" عصر أمس، أن "مخططي اغتيال الحريري عطّلوا أبراج المراقبة التي يستعملها في تنقلاته، قبل أيام"، إلا أن "الحياة" علمت من مصادر مطلعة أن "جهات غربية رفيعة المستوى وموثوقة، نقلت إلى الحريري تحذيراً عبر قنوات مباشرة بوجود مخطط لاغتياله".
وفي المقابل، نفت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في بيان أن تكون المعلومات عن هذه المحاولة قد صدرت عنها.
وأعقبت الاستقالة تغريدة لوزير الدولة لشؤون الخليج العربي في الخارجية السعودية ثامر السبهان، قال فيها: "أيدي الغدر والعدوان يجب أن تُبتر".
وجاءت استقالة الحريري غداة لقائه مستشار المرشد الإيراني علي أكبر ولايتي في بيروت أول من أمس، والذي أشاد بالحريري وقال إن طهران "تدعم وتحمي استقلال لبنان وقوته وشعبه وحكومته"... وإن الانتصارات في لبنان وسورية والعراق هي لمحور المقاومة.
وكانت الاستقالة مفاجئة حتى لأعضاء الحلقة الضيقة المقربة من الحريري، الذين لم يكن من اتصلت بهم "الحياة" قبل ساعة من بث "العربية" تلاوة الحريري نصها المكتوب، على علم بها، وكذلك بعض حلفائه، والرئيس عون الذي صدر بيان عن مكتبه الإعلامي أفاد بأنه تلقى اتصالاً من رئيس الحكومة "الموجود خارج لبنان وأعلمه بالاستقالة"، وبأنه ينتظر عودته للاطلاع منه على ظروفها "ليُبنى على الشيء مقتضاه".
وعلمت "الحياة" أن الحريري اتصل بعون بعد إذاعته الاستقالة.
وفي هذه الظروف الحرجة، تبلغ وزراء في الوفد الذي كان مقرراً أن يرافق الرئيس عون في زيارة رسمية إلى الكويت، بأن الزيارة تأجلت.
وانشغل الوسطان السياسي والإعلامي بردود الفعل على الحدث - المنعطف، وتحوّل مادة ندوات بث تلفزيوني مباشر شملت ما بعد الاستقالة، وسط قلق من تداعياتها، ومصير التفاهم بينه وبين عون، فأيّده الرئيس السابق ميشال سليمان وحلفاء الحريري السابقين من قوى 14 آذار، فيما تريّث رموز 8 آذار وحلفاء "حزب الله" في الكلام. إلا أن بياناً صدر عن الخارجية الإيرانية اعتبر أن الخطوة "ستثير التوتر في لبنان والمنطقة".