ثمة إجماعٌ في بيروت "المشدودة الأعصاب" تحت وطأة أزمة سياسية عاصفة منذ نحو شهر، على أن لبنان على موعد في الأسبوع الطالع مع "محطة مفصلية" بالغة الأهمية في تحديد ملامح المرحلة المقبلة، على المستوى الداخلي لجهة ترميم التسوية السياسية، وعلى مستوى علاقات لبنان الإقليمية، وخصوصاً مع دول الخليج وفي مقدمها السعودية.
فالأزمة التي انفجرت مع تقديم رئيس الحكومة سعد الحريري استقالة "اضطرارية" من الرياض، ومن ثم تَريُّثه في تقديمها بعد عودته إلى بيروت ربطاً بالمساعي لإيجاد مخرج إجماعي ينأى بلبنان عن التدخل في النزاعات الإقليمية ويُلْزِم "حزب الله" ضمناً بها، تتّجه نحو "اللمْلمة" عبر "إعلان نيات" يصدر عن الحكومة في هذا الشأن ويفتح الطريق أمام عودة الحريري عن استقالته.
وبدا ان الكلام عن أزمة استقالة الحريري ينطوي على مسألتين في غاية الحساسية هما: مصير الأدوار العسكرية والأمنية لـ "حزب الله" في الساحات الإقليمية، لا سيما في اليمن وسوريا، ومآل العلاقات المأزومة بين لبنان والسعودية، خصوصاً في ضوء تحميل الرياض الحكومة في بيروت مسؤولية "سلوك" الحزب كأحد مكوّناتها وربما الأكثر نفوذاً فيها.
وتشكل المظاهر الفعلية للأزمة اختباراً لما ستؤول إليه المساعي في بيروت التي تروّج بتفاؤلٍ لقرب الإعلان عن مانفيست حكومي عنوانه "النأي بالنفس" عن أزمات المنطقة، وسط تباين التقديرات حيال الاستجابة العملية لـ "حزب الله" وإستعداده للعودة من ساحات القتال في المنطقة التي تتعاظم المواجهة السعودية - الإيرانية فوق خطوط تماسها.
وتُسابِق حركة الاتصالات لإنضاج "النأي بالنفس" الأسئلة حول طبيعته وضماناته وأثمانه المتبادلة. فالرئيس الحريري يلتقي وزير الخارجية جبران باسيل في باريس في الـ"ويك اند" ووزير الداخلية نهاد المشنوق أجرى "مراجعة" لحصيلة المشاورات مع رئيس البرلمان نبيه بري.
وفي موازاة ذلك، كان الطريق الى طيّ صفحة الاستقالة يشهد صخباً على "جبهتيْن":
● الأولى عكستْ حساسية موقف الحريري الساعي الى المواءمة بين صون الاستقرار الداخلي بما يحفظ علاقات لبنان مع الدول العربية، وبين تفادي أي "انزلاقاتٍ" يمكن ان ترتدّ عليه سلباً ضمن بيئته التي "بايعته" بعد عودته زعيماً أوحد، ولا سيما في ظل وجود أصوات من صلب قوى 14 آذار ما زالتْ تعترض على أصْل التسوية السياسية كما على "النسخة الجديدة" منها.
وفي هذا السياق يمكن قراءة "الضوضاء" التي شهدتها بيروت على خلفية كلام الحريري لمجلة "باري ماتش" حول أن "حزب الله" لديه أسلحة ولكنه لا يستخدمها على الأراضي اللبنانية" وما أثاره هذا الموقف من "هبّة" منتقِدة على مواقع التواصل الاجتماعي استحضرتْ كل المحطات التي استُعمل فيها هذا السلاح لقلْب الموازين في لبنان".
● والجبهة الثانية هي ما تعتبره دوائر سياسية محاولة من "حزب الله" وحلفائه لاستخدام "الخط الأحمر" الدولي المرسوم حول استقرار لبنان لتطويع القوى المناهِضة له وجعْل أي استنهاضٍ لحالة معترضة على سلاحه وأدواره من خارج حدود التسوية "المُرمَّمة" بمثابة "مؤامرة فتنة".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك