كتبت صحيفة "اللواء": حتى ساعة متأخرة من ليل امس لم تكن الاتصالات قد توصلت الى مخارج مناسبة لاحتواء التأزم بين الرئيس نجيب ميقاتي ومعه وزراء جبهة النضال الوطني الثلاثة، وبتعاطف الوزراء الرئاسيين الباقين، وقوى 8 آذار، وفي مقدمهم وزراء التكتل العوني، على خلفية بواخر الكهرباء او معامل الانتاج، في وقت بدا فيه رئيس الحكومة اكثر من متمسك بخيار المعامل، في حين كان وزير الطاقة جبران باسيل يمعن في تحديه، ومتوعداً باعلان ما وصفه «بموقف مدوي» قبل ان «يستأذن» رئيس مجلس الوزراء بالذهاب الى هذا الموقف اليوم، وقبل استدعائه الى القصر الجمهوري، في محاولة تردد ليلاً ان الرئيس ميشال سليمان يبذلها لاحتواء عناد التيار العوني الذي يشتبك مع ميقاتي بالكهرباء، ومع الرئيس سليمان في تعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى، حيث جدد وزير العدل شكيب قرطباوي تمسكه بتعيين القاضي طنوس مشلب رئيساً للمجلس المذكور، فيما تتمسك بعبدا مدعومة من بكركي بتعيين القاضية أليس شبطيني في هذا المنصب، على وقع اضراب المحامين في كل قصور العدل، لا سيما في بيروت وطرابلس.
وفي سياق الاضرابات، خرج اصحاب المستشفيات والاطباء والممرضون والممرضات بأثوابهم البيضاء الى ساحة رياض الصلح والشوارع المحيطة بها، حيث وفدوا الى هناك بالباصات ومن المستشفيات التي التقت على الاضراب عن استقبال المرضى المشمولين بالضمان الاجتماعي، في خطوة غير مسبوقة من اجل زيادة بدل المعالجة وانتظام دفعها، كما اشار نقيب الاطباء الدكتور شرف ابو شرف الذي وقف خطيباً في الساحة مطالباً باضافات مالية تسمح باعادة استقبال المرضى وبرفع اجور الممرضين والممرضات، وعلى مقربة من السراي، من دون افادة عن حصول تقدم، في ظل غياب وزيرالصحة علي حسن خليل عن السمع.
وفي موسم الاضرابات هذا، في ظل واقع دولة آخذة بالتحلل، ينفذ المدرسون في التعليم الاساسي والمتعاقدون في التعليم الثانوي اضراباً ليومين ضمن سلة مطالب مالية، او تتعلق بالمباراة المحصورة وغير المفتوحة، في وقت اعلن فيه اصحاب محطات المحروقات في نبرة تصعيدية، انهم سينفذون اضراباً في الاول والثاني والثالث من نيسان ما لم تقر لهم وزارة الطاقة برفع قيمة الجعالة التي يستوفونها عن كل صفيحة بنزين ومازوت وخلافهما.
في هذه الاجواء، قلل الرئيس ميقاتي من احتمال تعرض حكومته لهزة شبيهة بما حدث عندما تعطلت جلسات مجلس الوزراء، او في اقل تقدير بدا مطمئناً الى صمود حكومته في وجه العواصف التي تهب عليها من كل الجهات، معتمداً على حراجة اللحظة، ودعم الثنائي الشيعي خشية الوقوع في الفراغ غير المحمود، والى تفهم لبناني شامل، على المستوى الوطني لصوابية موقفه من موضوع البواخر، وحرص، سواء في المقابلة التلفزيونية مع محطة «الجديد» مساء الاحد، او في لقاءاته مع زواره والاتصالات التي اجريت معه، على التأكيد بأن التقرير الذي رفعه الى مجلس الوزراء السبت والذي تضمن توصية باعتماد خيار انشاء المعامل على خيار البواخر، ليس موجهاً ضد اي فريق سياسي، بل جاء انطلاقاً من دوره كرئيس للحكومة وبعد توافر معطيات جديدة له، مشيراً الى ان النقاش ليس مقفلاً، وان الملاحظات التي اوردها في التقرير تقنية ولا خلفية سياسية لها، وان القرار الاخير يعود لمجلس الوزراء.
واستبعدت اوساط الرئيس ميقاتي، بحسب المعطيات التي تملكها وصول الخلاف حول الكهرباء الى التصويت، لأن الجميع يريد مصلحة الخزينة وتأمين الكهرباء في أفضل الشروط، فيما اشارت معلومات إلى أن الرئيس سليمان دخل على خط المعالجات سواء خلال استقباله أمس الوزير نقولا نحاس، أو عدد من الوزراء اليوم، من بينهم الوزير باسيل، من أجل ابعاد الجلسة الحكومية غداً عن أجواء المشاحنات، وتأمين حدّ أدنى من التوافق، ومن دون اللجوء إلى التصويت، كما دخل على الخط نفسه وزراء في «حزب الله» وحركة «امل»، فيما لفت الانتباه نفي وزير المال محمّد الصفدي وجود خلاف بينه وبين الرئيس ميقاتي الذي كان التقاه قبل يومين في عشاء أقامه وزير الاعلام وليد الداعوق، كما سجل اتصال هاتفي بينهما أمس، في حين حضر الوزير باسيل عصراً إلى السراي «مستأذناً» الرئيس ميقاتي، حسب قوله، في ان يتحدث اليوم في امور شتى من اجل اطلاع الرأي العام على ما يجري على الساحة من امور سياسية وحياتية.
وأشار باسيل إلى انه بعدما قال رئيس الحكومة كلمته سيقول هو ما لديه، عبر مؤتمر صحفي سيعقده اليوم، وعلى الأرجح بعد اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح».
غير أن مصادر مطلعة، رجحت في المقابل، أن لا يكون كلام باسيل تصعيدياً بالضرورة، بل سيكون عبارة عن توضيح لكل المغالطات التي وردت في تقرير ميقاتي، مشيرة إلى انه إذا تأزمت الأمور قد يطالب باسيل بطرح الموضوع على التصويت في جلسة مجلس الوزراء، حيث سيعرض كل فريق وجهة نظره، بحسب ما رجحت قناة OTV مساء امس، نافية أن يكون هناك كباش سياسي بين باسيل وميقاتي.
وفي المقابل، أكّد الوزير غازي العريضي أن الحكومة باقية، لأن لا بديل عنها مع انه انتقد عدم انتاجية الحكومة، في ظل روائح التلوث والفساد التي تفوح وليس ثمة من يحاسب، داعياً إلى فتح مناقصة شاملة وواسعة لمعالجة ملف الكهرباء، وهو ما أكّد عليه أيضاً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، في موقفه الأسبوعي لجريدة «الانباء» الصادرة عن الحزب اليوم، حين دعا إلى الاعداد لمناقصة عالمية وفق دفتر شروط علمي ومدروس، وفتح المجال أمام المنافسة بما فيها القطاع الخاص.
وبحسب تقدير مصادر مطلعة، فانه إذا كانت الحكومة لن تسقط، وفق تأكيد العريضي، الا ان الضربات المتبادلة قد تسقط خيار استئجار البواخر، ومعها خيار بناء المعامل في التعادل السلبي، تستمر أزمة الكهرباء ومعها الظلمة، لا سيما في فصل الصيف، وفق ما أعلن ميقاتي في تقريره.
وذهبت هذه المصادر الى حدّ ترجيح أن لا تتمكن الجلسة الحكومية غداً، من اجراء مقاربة جدية لملف الكهرباء، في ظل جدول الأعمال الفضفاض الذي يتضمن 80 بنداً، بعد إضافة أربعة بنود طارئة، وكلها مهمة، أبرزها ملف الانفاق المالي، في ضوء عرض وزارة المالية للحسابات المالية للاعوام 2006 و2007 و2008 و2009 و2010، إلى جانب موضوع تفعيل قطاع النقل ومعالجة غلاء المحروقات، وطلب وزارة التربية والتعليم العالي تأمين اعتمادت بقيمة 60 مليار ليرة لتغطية بدلات التعاقد في التعليم الأساسي.
وتضمنت البنود الطارئة على جدول الاعمال، بنداً يتعلق بتعيين مفتش عام تربوي بالاحالة، رشح له المفتش العام في ادارة التفتيش المركزي شكيب دويك، والذي يشغل حاليا الوظيفة المذكورة بالوكالة.
يذكر ان جدول الاعمال الذي وزع على الوزراء يوم السبت الماضي وتضمن 76 بنداً، تضمن ثلاثة بنود لتعيين رئيس ادارة الموظفين في مجلس الخدمة المدنية، رشح لها: انطوان جبران، الياس مكاري ويوسف نعوس، وتعيين مدير عام - رئيس فرع الشؤون الوزارية في المديرية العامة لرئاسة مجلس الوزراء رشح لها: منى عواد، ناتالي يارد، وانطوان جبران، وتعيين رئيس ادارة الابحاث والتوجيه في مجلس الخدمة المدنية، رشح لها: ناتالي يارد، منى عواد وحنا العميل، ويلاحظ ان الاسماء تتكرر معظمها في الترشيحات للمراكز الثلاثة.
أما بالنسبة لتعيين رئيس مجلس القضاء الاعلى، فإن اي جديد لم يطرأ، رغم الاضراب الذي نفذه المحامون امس، وتلويح نقابتا بيروت وطرابلس بخطوات تصعيدية، باستثناء اعلان وزير العدل في مؤتمر صحافي انه رفع اسم قاض لتولي رئاسة مجلس القضاء، معرباً عن امله في التوصل الى اتفاق، «لان هذا الموضوع يحتاج إلى مجلس الوزراء، وحتى يمر في المجلس يحتاج الى اتفاق».
ولاحظت مصادر مطلعة ان اعلان قرطباوي جاء بعد الخلوة التي جمعت رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب ميشال عون بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، على هامش القداس الذي اقامه الراعي لمناسبة مرور سنة على توليه سدة البطريركية، وعيد البشارة الذي احتفل به اللبنانيون السبت حيث يرجح ان يكون قد تم تداول الاسم في تلك الخلوة، وحمله قرطباوي معه إلى رئيس الجمهورية الذي سيتوجه الى بغداد الخميس للمشاركة في القمة العربية التي ستعقد في العاصمة العراقية.
وقالت مصادر مطلعة ان زيارة سليمان لبغداد ستكون ليوم واحد، حيث سيحضر افتتاح القمة، وقد تكون له مداخلة ثم يعود إلى بيروت.
يشار إلى ان ممثلي 14 آذار غابوا عن حضور قداس بكركي، كما ان القمة الروحية الاسلامية المسيحية، التي انعقدت بعد القداس، طغى عليها الطابع الفولكلوري، حيث تحفظت مشيخة الموحدين الدروز على عدم ادراج عبارة تسوية إلى الازمة السورية، تدعو إلى حل سياسي سلمي في سوريا انطلاقاً من مبادرة جامعة الدول العربية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك