كتبت صحيفة "النهار": رسمت بداية الأسبوع مشهداً حكومياً وسياسياً متوهجاً لم تقتصر معالمه على الصدمة التي أثارها تقرير رئيس الوزراء نجيب ميقاتي عن ملف استئجار البواخر المولدة للطاقة الكهربائية لدى بعض شركائه في الحكومة ولا سيما منهم "تكتل التغيير والاصلاح" وما تنذر به مفاعيل هذه الصدمة في مجريات جلسة مجلس الوزراء غداً، بل اتسعت هذه المعالم الى تسابق الأزمات التي تحاصر الحكومة كلاً وتكاد تضع مصيرها في مهب المجهول.
فالى تصاعد الاحتقانات داخل الحكومة على خلفية صدام قد ينفجر علناً اليوم عقب اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح" ما لم يستدرك في اللحظة الحاسمة، حاصرت الحكومة أيضاً حمى تصاعدية للاضرابات والاعتصامات النقابية المتنوعة المنذرة بفتح الملفات الاجتماعية على الغارب بعد عاصفة الأمن الغذائي التي لم تحط رحالها بعد.
وبرزت طلائع هذه الحمى أمس مع إضرابات واعتصامات متزامنة، إذ نفذ المحامون إضراباً شاملاً احتجاجاً على التأخير في تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، وأعلن وزير العدل شكيب قرطباوي انه رفع اسم قاض لتولي هذا المنصب الى مجلس الوزراء آملاً في التوصل الى توافق عليه. كما نفذ آلاف العاملين في المستشفيات الخاصة اضراباً واعتصم حشد منهم أمام السرايا مطالبين بتعديل التعرفات الاستشفائية، وتزامن تحركهم مع توقف المستشفيات منذ صباح أمس ولمدة اسبوع عن استقبال المرضى المضمونين على حساب الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتنفذ اليوم الهيئة الادارية لرابطة اساتذة التعليم الثانوي الرسمي اضراباً ليوم واحد في الثانويات الرسمية ودور المعلمين، لاقرار مجموعة مطالب ادارية ومهنية ومالية. وأعلن العاملون في قطاع النفط الاضراب ثلاثة أيام في 2 نيسان و3 و4 منه احتجاجاً على عدم تعديل جدول الأسعار.
في غضون ذلك، بدا مصير جلسة مجلس الوزراء غداً رهناً بنتائج المشاورات والاتصالات الكثيفة التي تجري من أجل استيعاب التباينات وردود الفعل الحادة التي برزت عقب نشر التقرير الذي وضعه ميقاتي، علماً ان الاتجاهات الحاسمة لبوصلة الجلسة ستظهر في مؤتمر صحافي يعقده وزير الطاقة والمياه جبران باسيل عقب اجتماع "تكتل التغيير والاصلاح" في الرابية بعد ظهر اليوم. وكان باسيل لمح الى موقف سيتخذه قبل جلسة مجلس الوزراء عقب لقائه رئيس الوزراء مساء أمس في السرايا.
وعلمت "النهار" ان الرئيس ميقاتي ابلغ زواره أمس انه يحاول بالتشاور مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان التوصل الى صيغة توفر مخرجاً في ملف الكهرباء في جلسة مجلس الوزراء غداً. وفهم ان الرئيس سليمان يضع بدوره كل ثقله في هذا الاطار، ولا بد من انتظار نتائج المشاورات اليوم قبل الحكم على تطور الأمور.
وأكدت مصادر حكومية لـ"النهار" ان "لا تصعيد ولا تصويت" في جلسة مجلس الوزراء على موضوع استئجار البواخر، وان المناقشات مستمرة منذ صباح أمس، موضحة ان الملاحظات التي أوردها ميقاتي في تقريره تقنية ولا خلفية سياسية لها والتقرير ادرج على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسته غداً ويعود الى المجلس ان يقرر في شأن البواخر أو أي خيار آخر. واستبعدت المصادر ان يصل الموقف في مجلس الوزراء الى طرح التصويت "ما دام الجميع يريدون مصلحة الدولة وتأمين الكهرباء باقل كلفة ممكنة".
وسجل في هذا الاطار اتصال بين ميقاتي ووزير المال محمد الصفدي صباح أمس، ثم عقد رئيس الحكومة اجتماعاً مساء مع الوزير باسيل الذي حرص على نفي ارتباط زيارته للسرايا بالكهرباء أو بملفات وزارته، وقال انه "استأذن" ميقاتي بالتحدث قبل جلسة الاربعاء بعدما قال رئيس الحكومة كلمته ووضع تقريره. وأجاب عن سؤال بأن "لا كباش مع الرئيس ميقاتي ولا تحد والسؤال هو هل ان الحكومة تريد حلا لمشكلة الكهرباء أم ابقاء المشكلة قائمة"، ملمحا الى انه سيعلن موقفه من الموضوع اليوم.
وقالت اوساط الرئيس ميقاتي لـ"النهار" إن كل فريق لا يزال متمسكا بوجهة نظره وأن الاتصالات تصب حاليا في اطار التوصل الى الحل الانسب الذي يأخذ في الاعتبار مصلحة الخزينة ويوفر الكهرباء بكلفة أدنى.
وعن امكان اعلان الوزير باسيل موقفا تصعيديا اليوم قالت هذه الاوساط ان لكل وزير ان يدلي برأيه، لكن رئيس الحكومة لن يسكت وسيرد اذا كان ثمة ما يتطلب الرد.
وفيما تجنب معظم وزراء قوى 8 آذار استباق جلسة مجلس الوزراء، أفادت مصادر في هذه القوى أن اتصالات أجريت في عطلة نهاية الاسبوع انتهت الى اقتراح مخرج يقوم على تجميد حلي البواخر والمعامل وعدم توقيف معملي الزوق والجية للصيانة لتجاوز المأزق الحكومي على المستوى السياسي.
وجاء في بعض المعلومات ان ثمة تواصلا بين ميقاتي والعماد ميشال عون عبر رسائل، ولم تستبعد اتصالا شخصيا بين المسؤولين.
ويشار في هذا السياق الى ان ملحقا بجدول أعمال مجلس الوزراء وزع أمس على الوزراء متضمنا أربعة بنود تتعلق بموضوع تفعيل قطاع النقل ومعالجة غلاء المحروقات، وتعيين مفتش عام تربوي بالاصالة هو شكيب دويك الذي يشغل وظيفة مفتش عام في ادارة التفتيش المركزي، وعرض وزارة المال للحسابات المالية للأعوام 2006 و2007 و2008 و2009 و2010، وطلب وزارة التربية والتعليم العالي تأمين اعتمادات بقيمة 60 مليار ليرة لتغطية بدلات التعاقد في التعليم الاساسي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك