لفت مصدر لبناني واسع الاطلاع واكب ملف الكهرباء لصحيفة "السفير" إلى إن "الإيرانيين عرضوا عبر شركة "مبنا" الإيرانية الخاصة المشهورة ببناء محطات توليد الطاقة الكهربائية وذات الصيت العالمي، بناء محطتي إنتاج في دير عمار في الشمال والزهراني في الجنوب، بناء على دراسات جاهزة قدمها الجانب اللبناني، تنتج كل واحدة منهما 484 ميغاوات (الإجمالي يكون 968 ميغاوات)، على أن يبدأ التنفيذ من لحظة التوقيع، وخلال 12 شهراً يسلم الإيرانيون المحطة الأولى، و24 شهراً المحطة الثانية، مع فترة سماح لا تتجاوز أربعة أشهر، تحسباً لأي أمر طارئ عند أي من الجانبين، ونترك للحكومة اللبنانية أن تختار الأماكن، وأن تحدد طريقة الدفع، سواء عبر قرض ميسّر فائدة بسيطة جدا، يتضمن فترة سماح أو بطريقة الـ (B O T)، أي أن يستثمر القطاع الخاص بعد الترخيص له من الجهة الحكومية المختصة، وهو يتولى الدفع والتحصيل، وعندما يسدد السعر، تصبح المحطات ملك الدولة".
واشار الى ان "العرض الإيراني تضمن أسعاراً قيل للجانب اللبناني حينذاك إنها الأرخص عالمياً ولا تتجاوز سعر الكلفة بقرش واحد".
وأكد وسيط لبناني شارك في الصياغة التفصيلية للعرض إن "الإيرانيين طلبوا 450 مليون دولار أميركي لقاء تركيب كل محطة، وهم أضافوا إلى ذلك، التعهد بصيانة المحطتين لمدة خمس سنوات اي ان كلفة الصيانة تصل عادة إلى مئات الملايين من الدولارات.. والدليل هو العرض الذي وافقت عليه وزارة الطاقة لصيانة معملي البداوي والزهراني!"، مضيفا ان "الايرانيين قدموا تعهدا بأن تكون معدات المحطتين ألمانية شركة "سيمنس" مع كفالة زمنية طويلة، وقدموا تسهيلات لا تعرّض لبنان لأي مساءلة أو إحراج في ضوء العقوبات الدولية المفروضة على ايران منها اعتماد الدفع بالليرة اللبنانية".
ولفت الى ان "الإيرانيين لم يكتفوا بذلك، بل أضافوا أنهم على استعداد لتقديم عرض لبناء معمل ثالث تحسباً للاحتياجات اللبنانية المستقبلية، وفي الوقت نفسه، قدموا عرضاً لاستجرار الطاقة من إيران عبر الخط الذي سيصل إلى العراق وسوريا، وأبلغوا الجانب اللبناني أن واقع شبكات التوزيع اللبنانية الحالية، لا يمكنه أن يستوعب أكثر من 50 ميغاوات يستطيع الايرانيون توفيرها خلال شهر أو شهرين حداً أقصى من لحظة التوقيع وهم مستعدون لتكليف شركة إيرانية بأن تتولى عملية إصلاح الشبكات وتأهيلها وتحسينها حتى تصبح قادرة في المرحلة الأولى على تحمل حوالي 200 ميغاوات عبر خطوط الجر، وهذا يعني تقديم حوالي 1200 ميغاوات تفيض بذلك احتياجات لبنان ويصبح بمقدوره أن يوفر الكهرباء لمدة أربع وعشرين ساعة لكل مواطنيه".
وقبل يومين من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان في منتصف تشرين الأول 2010، زار وزير الطاقة الايرانية بيروت واجتمع برئيس الحكومة السابق سعد الحريري ووزير الطاقة جبران باسيل وكبار المسؤولين اللبنانيين، وأطلعهم على تفاصيل العرض الايراني وتم توقيع اتفاق بين البلدين، يشمل إقامة محطتين واستجرار الطاقة الكهربائية والتنقيب عن النفط في البحر وإقامة سدود ومشاريع تتعلق بالمياه الخ. واشترط الجانب اللبناني إقراره في مجلس الوزراء وفي مرحلة ثانية في مجلس النواب"، مشيرا الى ان "الايرانيين لم يكتفوا بذلك، بل أبدوا عند التوقيع استعدادهم لتجاوز الروتين الاداري والقانوني في لبنان، عبر الايعاز للشركة الايرانية بأن تباشر العمل فوراً من أجل كسب عامل الوقت، لكن الجانب اللبناني رد طالباً التريث حتى إنجاز الصيغة القانونية، ولو أن اللبنانيين قبلوا العرض الايراني لكنا قد انتهينا من تركيب أول محطة ولما كان أحد يتحدث في موضوع البواخر وغيرها".
وأشارت المصادر الى أن "إقامة نوع كهذا من المعامل يحتاج عادة الى حوالي أربعة أعوام، لكن الايرانيين تعهدوا بالعمل 24 ساعة يوميا لإنجازه ضمن المهلة المحددة سنة، خاصة أن شركة "مبنا"، صاحبة تجربة عريقة، وهناك نماذج ناجحة، سواء في ايران أو أفغانستان أو العراق أو سوريا بنت الشركة محطات وصل إنتاجها الى عتبة الثلاثين ألف ميغاوات".
ورأت المصادر أن الايرانيين قدموا هذا العرض لان "وفوداً لبنانية عدة زارت طهران وسألت عن الهدف من التسهيلات الايرانية وكان الجواب مقتضباً هذه تعليمات القيادة والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد"، مشيرة الى ان "الايرانيين فاتحوا بعض اللبنانيين في بعض المراحل أننا مستعدون ليس للقبول بسعر الكلفة، بل أكثر من ذلك، وصولا الى تقديم نوع من الهبة، لكن المهم في الأمر، هل هناك قرار سياسي بقبول مشروع كهذا تقدمه الحكومة الايرانية أم لا؟"، مضيفة "اذا كان سعد الحريري قد أعطى الضوء الأخضر لهذا المشروع، فإن كل المشاورات التي جرت بين طهران وبيروت، وآخرها مع رئيسي الجمهورية ميشال سليمان مع أحد مستشاريه المعنيين بالملف والحكومة نجيب ميقاتي، أظهرت أن الجانب اللبناني كان مرحّباً به ولكن عندما كنا نصل الى آليات الترجمة، تعود الأمور الى نقطة الصفر".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك