تتجه الأنظار إلى جلسة الحكومة اليوم لترقب ما سيصدر عنها بشأن ملف الكهرباء الذي يتوقع أن يثير طرحه على الوزراء نقاشات حادة قد تدفع بالأمور إلى المواجهة الحتمية بين الرئيس نجيب ميقاتي وبعض فريقه الوزاري من جهة، وبين وزير الطاقة جبران باسيل مدعوماً من وزراء «التيار الوطني الحر» وحلفائهم في «8 آذار»، وهو ما تخشاه أوساط مراقبة، بالنظر إلى تداعياته المباشرة والخطيرة على الحكومة المنقسمة على نفسها والمحاصرة بالأزمات والإضرابات العمالية، وما يمكن أن يترتب عن هذه المواجهة من انعكاسات قد تهدد الاستقرار العام في البلد، خاصة وأن الاتصالات التي جرت في الساعات الماضية لم تنجح في تقريب المسافات بين الطرفين، وبما يجنب مجلس الوزراء هزة سياسية كبيرة ربما تدفع إلى تفجير الحكومة من الداخل، باعتبار أن الوزراء العونيين ينظرون إلى رفض الرئيس ميقاتي لبواخر الكهرباء، محاولة من جانبه لعرقلة المشروعات التي يتقدمون بها لتنفيذ ما ورد في البيان الوزاري ومعالجة الملفات المطروحة على جدول أعمال مجلس الوزراء، في حين أن الأوساط المقرّبة من رئيس الحكومة تؤكد أنه لن يوافق على مشروع يفوق قدرة الخزينة على تحملها ولا يتمتع بشروط الشفافية المطلوبة، وبالتالي فإنه سيدافع عن مشروعه في ما يتعلق بإنشاء معمل لإنتاج الكهرباء في خلال مدة سنة أو أكثر بقليل، والذي يعتبره أفضل بكثير من مشروع استئجار البواخر الذي تفوق تكلفته حدوداً لا يمكن تحملها، على أن يبقى الخيار الأخير لمجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب من الملف الكهربائي الذي يخشى أن يفاقم الأزمة الحكومية ويزيد من عمق الهوة بين الرئيس ميقاتي والفريق الآخر، سيما وأن مشهد الوضع الحكومي بات في حالة يرثى لها لم تعد تنفع معها كل محاولات الترقيع والتجميل.
ويقول لصحيفة "اللواء" الوزير أحمد كرامي إن كل الاحتمالات تبدو واردة في جلسة الحكومة اليوم، لكن في اعتقادي أنه ليس من مصلحة أي فريق اخذ الأمور إلى مواجهة، لأن وضع البلد لا يحتمل المزيد من التوتر والتصعيد، مستبعداً في المقابل أن يصار إلى سحب بند الكهرباء من جدول الأعمال لأن الوضع لم يعد يحتمل المماطلة والتأجيل في معالجة ملف الكهرباء، خاصة وأن اللبنانيين على أبواب فصل الصيف.
وأشار إلى أن الحل هو بيد مجلس الوزراء الذي سيتخذ القرار المناسب في هذا الإطار والذي يتلاءم مع مصلحة اللبنانيين والبلد ويخفف من الأعباء الملقاة على عاتقهم ويساعد على تنفيس حدة الاحتقان القائمة، لأنه لم يعد جائزاً أن يبقى اللبنانيون أسرى هذه الدوامة المستمرة منذ سنوات.
وعن رأيه بالمشروع الإيراني لتحسين قطاع الكهرباء، وعما إذا كان سيحظى باهتمام مجلس الوزراء وموافقته كبديل من مشروعي الرئيس ميقاتي والوزير باسيل، أكد كرامي أن العرض الإيراني جيد جداً، لكن ربما هناك عقبات فنية قد لا تساعد على قبوله، مشدداً على أنه ينبغي النظر إلى وضع الخزينة في أي مشروع قد يتم تبنيه، سواء في الكهرباء أو غيره،
وكشف أن هناك اتصالات تجري لنزع فتيل هذه الأزمة، بما يجنب مجلس الوزراء أي خضة سياسية ليس أوانها الآن، في ظل التردي الاقتصادي والمعيشي الحاصل وغياب المعالجات الكفيلة بوضع حد للفلتان السائد وعلى أكثر من صعيد.
ويؤكد كرامي أن الحاجة تبدو ضرورية لتعزيز حضور الفريق الوسطي في الحكومة ليشكل الأكثرية القادرة على أخذ البلد إلى المكان الذي يريده أهله، والتي بإمكانها أن تغلب دائماً خيار الاعتدال والتفاهم على ما عداه، لأن في ذلك مصلحة لكل اللبنانيين، بعيداً من التحدي وفرض سياسة الإملاءات والشروط.
وتلفت في المقابل أوساط في «التيار الوطني الحر» إلى أن الكرة أصبحت في ملعب الرئيس ميقاتي الذي عليه البحث في كيفية نزع فتيل الأزمة التي تنذر بمضاعفات خطيرة في حال إصراره على التمسك بمواقفه التي ليست في مصلحة البلد بأي شكل من الأشكال. ولا بد بالتالي أن يعي رئيس الحكومة هذه المخاطر ولا يلعب دوراً سلبياً في تفجير الحكومة وزيادة الشرخ بين اللبنانيين، وتعميق الهوة في ما بينهم بحسابات شخصية بعيدة من المصلحة الوطنية التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك