كدت الحكومة السودانية أنها "لن تفرط في وحدة وسلامة أراضيها"، وجددت على لسان وزير الإعلام، الناطق الرسمي باسمها، عبد الله علي مسار، أن "العدوان على منطقة هجليج السودانية النفطية، عملٌ مدبرٌ، القصدُ منه التضييق على السودان وخنقه، من خلال تعطيل إنتاج البترول في المنطقة". وفيما حملت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، الحكومة السودانية مسؤولية التصعيد". دعا مجلس الأمن الدولي الدولتين إلى إظهار "ضبط النفس بأقصى درجاته".
وأعلن مسار، في تصريحات خاصة إلى "العرب اليوم"، أن "أيادٍ خفية تحاول العبثَ بأمن السودان"، مشيرًا إلى أن "الحديث عن عرقلة الخرطوم لعملية ترسيم الحدود لا يصدقه عقل، ولا يقبله منطق".
فيما أكد وزير الدفاع السوداني، عبد الرحيم محمد حسين، "سيطرة الجيش على هجليج"، معلنًا أن "العدوان جعل الحكومة تعيد النظر في اتفاقاتها الأخيرة، مع دولة الجنوب، خاصة فيما يتعلق باتفاق الحريات الأربع".
إلى ذلك، وصل وزير النفط السوداني، عوض الجاز، صباح الأربعاء، إلى المنطقة البترولية (هجليج)، يرافقه عددٌ من الوزراء، ووالي جنوب كردفان، وعددٌ من كبار ضباط هيئة القيادة والعمليات السودانية.
وأكد الجاز، في لقاء مع العاملين في شركات وحقول النفط، أن "الحكومة السودانية ملتزمة بتوفير الحماية والأمن" لهم، وأن "العدوان الأخير كان بهدف زرع حالة من الخوف في نفوسهم، ليغادروا العمل في منطقة هجليج". وتأتي زيارة وزير النفط للوقوف على الأوضاع الأمنية، وتفقد سير العمل بحقول النفط، والاطمئنان على العاملين بالشركات العاملة.
من ناحية أخرى، أعرب مجلس الأمن الدولي عن "قلقه العميق" حيال الاشتباكات التي اندلعت في المنطقة الحدودية ما بين السودان وجنوب السودان، محذراً من أن المعارك التي اندلعت تهدد بـ"إعادة إشعال الحرب" بين الجانبين، وتضر بالوضع الإنساني للسكان.
ودعا أعضاء مجلس الأمن الخرطوم وجوبا، لإظهار "ضبط النفس بأقصى درجاته"، والمحافظة على العملية السلمية، والمفاوضات بينهما، لحل القضايا الخلافية، بما في ذلك النفط، والصراع على الحدود والجنسية، ومنطقة إبيي الغنية بالنفط.
وشدد الأعضاءُ على وجوب أن يحترم كلاً من السودان والجنوب "روح اتفاقية التفاهم"، التي عُقِدَت بينهما، في العاشر من شباط الماضي، والتي تنص على التعاون، ومنع الأعمال العدائية.
كما طالبهما (مجلس الأمن) بوقف العمليات العسكرية، وإنهاء الخطوات الرامية إلى زعزعة أمن واستقرار أي طرف، بما في ذلك دعم كل جانب لمجموعات مسلحة معادية للجانب الآخر، تخطط للإطاحة بنظامه.
وكان المندوب الدائم للسودان بالأمم المتحدة، دفع الله الحاج علي، لدى مخاطبته المنبر الإعلامي بالأمم المتحدة، عقب صدور البيان الصحافي لمجلس الأمن، بشأن التطورات الأخيرة على الحدود في منطقة هجليج, قد قال: إن "البيان الصحافي خاطب الدولتين معاً، وحثهما على ممارسة ضبط النفس، والعمل على تسوية القضايا العالقة بالطرق السلمية".
وأشار دفع الله، إلى أن "البيان الصحافي أرسل رسالةً قوية، إلى تجمع الحركات المتمردة (تحالف الجبهة الثورية)، الهادفة لإسقاط الحكومة بالقوة، وتضم مجموعات مسلحة، بأن تنأى بنفسها عن خيار العمل العسكري، إضافة إلى العدول عن هدفها المعلن، وهو إسقاط الحكومة عن طريق القوة".
وأضاف أن "البيان طالب بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين، في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان"، موضحًا أن "البيان أشار إلى أن الهجوم الأخير الذي قامت به قوات الحركة الشعبية في منطقة هجليج، بصورة لا ترضي السودان، وطموح الحكومة، وكان يجب أن تكون رسالة المجلس أكثر صراحة وقوة".
وأكد السفير السوداني أن "حكومة السودان قد مارست ضبط النفس كثيراً، مع حكومة جنوب السودان وتجاوزاتها"، مضيفاً بأن "موقف حكومة السودان هو ضرورة التسوية السياسية السلمية، للقضايا المتبقية بين الدولتين، وأنه متى ما أثبتت دولة جنوب السودان حسن نواياها، فإن السودان مستعد لذلك".
وقال دفع الله، إن "التسلل والهجوم الأخير، الذي قامت به قوات دولة جنوب السودان، هو خيرُ شاهدٍ على أنهم كانوا يضمرون شراً، في الوقت الذي استقبل فيه السودان وفدَهم في الخرطوم بحسن نية". وأضاف أن "القوات المسلحة السودانية قد ردتهم على أعقابهم، وهي قادرة على قطع كل يد تمتد إلى السودان، وقادرة على طرد كل من يتسلل عبر حدودها".
ووصف "ما قامت به القوات المسلحة السودانية بأنه كان رداً عملياً على الإعلان الخادع الذي صدر، وبكل أسف من رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، عندما زعم بأن قواتهم تسيطر على منطقة هجليج، وأنها تتبع لجمهورية جنوب السودان".
وفي رده على إدعاءات القصف الجوي، ذكر دفع الله، أن "السودان، ومنذ توقيع اتفاقية السلام الشامل، قبل حوالي سبعة أعوام تقريباً، التزم بجميع بنودها، ولم تعبر قواته المسلحة الحدود الدولية، معتدية على أراضي دولة جنوب السودان، ولم تنفذ أي قصف جوي هناك، وأن مثل هذه الإدعاءات هي ذرائع تكررها حكومة جنوب السودان، لصرف الأنظار عن هجومهم الأخير، في منطقة هجليج".
من ناحيتها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن "واشنطن تبذل مساعيها للتهدئة بين الجانبين"، وعلقت على "أهمية وجوب انعقاد اجتماع قمة بين الرئيس السوداني، عمر البشير، ورئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، لحسم التفاهم حول قضيتي المناطق النفطية الحدودية، والمواطنة، وهما قضيتان يتعيّن الاتفاق عليهما، لتطبيق اتفاق السلام الشامل، الذي أنجز في العام 2005".
وأعربت كلينتون، عن "القلق الشديد حيال تصعيد المواجهات العسكرية، بين شمال وجنوب السودان"، وحملت "الحكومة السودانية مسؤولية هذا التصعيد"، وقالت إن "الجزء الأكبر من المسؤولية يقع على الخرطوم، بسبب استخدامها الأسلحة الثقيلة، والقصف الجوي الذي يشنه طيرانها، الأمر الذي يدل على عدم تناسب قوتها مع الجنوب".
على صعيد متصل، قال البيت الأبيض، الثلاثاء، إن "الولايات المتحدة قلقة بشأن القتال على الحدود بين السودان وجنوب السودان"، داعيًا "الجانبين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
وأضاف البيت الأبيض في بيانٍ له: "لا يمكن للسودان وجنوب السودان تجنب المزيد من القتال، وتحقيق التعاون الاقتصادي الحيوي، والتعايش في سلام، إلا من خلال الاتصال المباشر، والتفاوض بشأن القضايا الأساسية، المتعلقة بالأمن وإدارة الحدود، في جنوب كردفان والنيل الأزرق وإبيي".
وتابع البيان: "وجميعها مناطق تعيش حالة من الاحتقان حاليًا، حيث تقود الحركة الشعبية عملاً مسلحًا ضد الحكومة، في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، أما إبيي فيدور الجدل حاليًا حول تبعيتها للسودان أو لدولة جنوب السودان".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك