عاد الهدوء الحذر إلى مدينة سبها الليبية، الأربعاء، عقب توقف الاشتباكات التي أسفرت عن سقوط 44 قتيلاً وجرح أكثر من 20 منذ الثلاثاء، بعدما سيطرت قوات من الصاعقة التابعة للجيش الليبي على الأوضاع في المدينة (750 كم جنوب)، وفيما هدد زعيم قبيلة "التبو" عيسى عبد المجيد منصور، بالانفصال عن ليبيا، وإعلان دولة مستقلة على غرار جنوب السودان، متعللاً بسوء الأوضاع الأمنية في سبها، قال مندوب قبائل الطوارق في بنغازي إن "طائرة تابعة للجيش الوطني الليبي قامت بقصف مخيمات الطوارق الواقعة بعيدًا عن مراكز القتال، كما قامت بتوجيه ضرباتها لكتيبة الطوارق التي رفضت المشاركة في الاشتباكات".
وقال شهود إن "الأوضاع الأمنية باتت أفضل من اليومين الماضيين، وأن الحياة دبت جزئيًا في عدد من الشوارع الرئيسية في المدينة، وأن الثوار أحكموا سيطرتهم على المدينة، التي شهدت على مدى ثلاثة أيام اشتباكات أدت إلى مقتل وجرح العشرات من أفراد قبيلة التبو، ويترقب سكان المدينة وصول تعزيزات من ثوار المدن الأخرى والإمداد الطبي لمعالجة عشرات الجرحى"،مشيرين إلى "وصول بعض الجرحى على متن طائرة إلى العاصمة طرابلس، بعد أن عجز مستشفى المدينة عن توفير الخدمة الطبية لهم".
وذكرت مصادر إعلامية، أن لجنة أمنية توجهت من طرابلس إلى سبها، في محاولة لإعادة ترتيب الأوضاع هناك وإعادتها إلى وضعها الطبيعي، فيما قال مسؤولون محليون في سبها إن "اندلاع الاشتباكات في مدينتهم لا علاقة لها بأي نزاع قبلي، ويعيدون أسبابها إلى تصرفات فردية حسبت على قبيلة التبو، بعدما أقدم أحد أفرادها على قتل موظف في شركة الكهرباء وحاول سرقة سيارته".
وفيما أكد مدير الأمن الوطني في مدينة سبها العقيد محمد أبو سيف، أن "الاشتباكات تجددت، الأربعاء، وامتدت من محور واحد إلى ثلاثة محاور، مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وجرح أكثر من عشرين آخرين"، قال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في المدينة أحمد ضو بوقراصة، إن "التبو يعملون وفق أجندة خاصة، وهي إعلان دولة منفصلة في الجنوب الليبي، وهناك من يقوم بدعمهم، من أتباع النظام السابق بالأموال والأسلحة"، لافتًا إلى أنهم "يملكون الأسلحة الثقيلة من الهاون، والجراد وسيارات الدفع الرباعي التي تحمل الرشاشات الثقيلة".
وقال زعيم قبيلة "التبو"، عيسى عبد المجيد منصور، لصحيفة "قورينا الجديدة" الإلكترونية"، إن "السلطات تستخدم الطائرات العسكرية، والدبابات لقصف مواقع التبو جنوب مدينة سبها، وقد سقط حوالي 40 قتيلاً من أبناء القبيلة"، وأدان ما وصفه بخطة "تطهير عرقي" لاستهداف قبيلته, مهددًا بالانفصال عن ليبيا، مهددًا بإعادة تنشيط "جبهة التبو لإنقاذ ليبيا"، التي كانت تعارض النظام السابق، لحماية القبيلة من التطهير العرقي، قائلاً "إذا دعت الحاجة سنطالب بتدخل دولي، وإنشاء دولة منفصلة على غرار جنوب السودان".
وأشار منصور، إلى أن "المجلس الوطني الانتقالي، ونظام العقيد الراحل معمر القذافي لا يختلفان", متهمًا "الانتقالي" بوضع "خطة للقضاء على أبناء التبو"، قائلا:" يجب حماية أبناء التبو والأقليات الأخرى"، مؤكدًا أن "المشكلة تحولت من نزاع قبلي إلى نزاع عرقي، وأن الهجمات تستهدف أي شخص بشرته سوداء".
من جانبه، أكد مدير الأمن الوطني في مدينة سبها العقيد محمد أبو سيف، أن "ما يجري في المدينة من اشتباكات مسلحة، اندلعت الثلاثاء، وتجددت الأربعاء، ليست لها أي أبعاد أو دوافع قبلية، وأن الاشتباكات تعود أسبابها إلى مجموعة مارقة عن القانون، لا تمثل أي قبيلة، تقوم بالاستيلاء على الأموال وسيارات المواطنين بالقوة"، مشيرًا إلى أن "تلك المجموعة اقتحمت الثلاثاء، المجلس العسكري في سبها، وقامت بسرقة المبلغ المالي المخصص لدفع مرتبات الثوار، وقد تم اتخاذ إجراء أمني لمطاردتها وملاحقتها، وأن الاشتباكات تجددت، رغم توقفها مساء الثلاثاء، وامتدت من محور واحد إلى ثلاثة محاور، مما أدى إلى مقتل 4 أشخاص، وجرح أكثر من عشرين آخرين".
وأكد أبو يوسف، أن "هناك لجان تصالح تعمل على تهدئة الوضع، غير أن هناك أمورًا خارجة عن أرادتها، وأن التبو أنفسهم استنكروا وانتقدوا ما تقوم به تلك المجموعة، ويسعون لتحقيق الصلح، ووقف إراقة الدماء بين الجانبين، وأن كتائب الثوار اتحدت مع بعضها، وتمكنت من دحر تلك المجموعة خارج مدينة سبها بـ10 كيلومترات تقريبًا، وحررت عدد من المعسكرات التي كانت استولت عليها تلك المجموعة الممولة من قبل من لديهم مصلحة في عدم استقرار ليبيا وتحقيق أمنها"، قائلاً "لا نستبعد أن يكون وراؤهم أزلام النظام المنهار، المقيمين في النيجر ومالي"، مشيرًا إلى أنه "رغم ما تشهده مدينة سبها من أوضاع حاليًا إلا أنها لم تتلق حتى هذه اللحظة أي دعم أو مساندة، وبخاصة على المستوى الطبي والإسعاف السريع، فمستشفى سبها في حالة مأساوية، وتفتقر إلى الأدوية والتجهيزات اللازمة، وأصبحت قدرتها الاستيعابية لا تتوافق والأوضاع الميدانية الجارية في المدينة".
من جانبه، استنكر مندوب قبائل الطوارق في بنغازي أحمد التارقي، الأحداث الواقعة في مدينة سبها، مؤكدًا "عدم مشاركتهم فيها بأي نوع من الأنواع إلا فيما يصب فى صالح وقف نزيف الدم الأخوي القائم بين أبناء الليبيين".
وأعلن التارقي خلال اتصال هاتفي لـ"العرب اليوم"، سعي قبيلته فى اليومين الماضيين، إلى "إيقاف القتال بين التبو وأولاد سليمان الذي حل بالفعل، وتم انسحاب التبو من بعض الأماكن، ولكن للأسف تفاجأوا بتكرار تبادل إطلاق النار بين الجانبين، مما جعلهم يشعرون بعدم مكانتهم الاجتماعية في المنطقة، وأن الطوارق ابتعدوا بعائلاتهم متجهين إلى مزارع مطرفة عن المدينة، نظرًا لوصول القذائف إلى مخيماتهم في سبها، وأن طائرة تابعة للجيش الوطني الليبي أتت من مدينة بنغازي، قامت بقصف مخيمات الطوارق الواقعة بعيدًا عن مراكز القتال، كما قامت بتوجيه ضرباتها لكتيبة الطوارق التي رفضت المشاركة في الاشتباكات".
وأكد مندوب الطوارق على "وجود مؤامرة وأجندة لا نعلم من أين أتت، تحاول إشعال الفتنة وحرب عرقية فى جنوب ليبيا، لأغراض لا نعرف نحن من المستفيد منها، متمنيين من الله أن يوفق المجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية إلى حقائق الأمور الجارية والقضاء على الفتنة فى مهدها"، مشيرًا إلى أن "هناك أخبار بخصوص كتيبة من مدينة الزاوية تنوي دخول المنطقة لقتل كل ما يواجهها أو يحمل السلاح ضدها".
في السياق نفسه، قال الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في سبها أحمد ضو بوقراصة:" إن ما يحدث في سبها هو ذات السيناريو الذي حدث في مدينة الكفرة خلال الفترة الماضية، والأوضاع سيئة للغاية، حيث هاجم عدد من أفراد (التبو) المدينة بالأسلحة الثقيلة".
وأوضح بوقراصة، خلال اتصال هاتفي بصحيفة "قورينا الجديدة"، أن "التبو مدعومين ببعض الأفارقة من الدول المجاورة، دخلوا لمدينة سبها قادمين من مدينة مرزق، وقد تمكن ثوار المدينة من أسر عدد منهم"، مشددًا على أنه "نظرًا للانفلات الأمني في ليبيا، ولضعف المجلس والحكومة فإن (التبو) يعملون وفق أجندة خاصة بهم، وهي إعلان دولة منفصلة في الجنوب الليبي"، قائلاً "هناك من يقوم بدعمهم، من أتباع النظام السابق بالأموال والأسلحة، حيث يملكون الأسلحة الثقيلة من الهاون، والجراد وسيارات الدفع الرباعي التي تحمل الرشاشات الثقيلة".
في السياق ذاته، ذكر الطيار في قاعدة بنينا الجوية محمد أمبية القديري، أن "آمر قوات الصاعقة في مدينة بنغازي، ونيس بوخمادة، وصل الثلاثاء، إلى المدينة جوًا عن طريق طائر عسكرية لحل النزاع القائم بين الجانبين"، مشيرًا إلى أن" بوخمادة توجه بقوة عسكرية قوامها نحو 70 من قوات الصاعقة التابعة للجيش الوطني، وأنه سوف تكون عدة رحلات للمدينة من أجل دعم الأهالي والسكان للحفاظ على الأمن".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك