إستضاف مركز الدروس الجامعية في لبنان الشمالي - جامعة القديس يوسف مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار في محاضرة بعنوان" مكانة العقل في الإسلام" بدعوة من البروفسور سليم دكاش اليسوعي رئيس جامعة القديس يوسف والدكتور سابا قيصر زريق رئيس الهيئة الإدارية لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية في باكورة المحاضرات في القاعة التي انشأتها المؤسسة في مركز الجامعة في طرابلس وتضمنت مكتبة وقاعة محاضرات.
وحضر اللقاء النائب نضال طعمة، رئيس جامعة المدينةالوزير السابق سامي منقارة، راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جودة، الأرشمندريت كاستانيوس عيناتي ممثلا راعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت إفرام كرياكوس، الأب مارك سيزلك ممثلا رئيس الجامعة البروفسور الأب سليم دكاش، رئيس دائرة أوقاف طرابلس الشيخ عبد الرزاق إسلامبولي، ولفيف من رجال الدين.
كما حضر اللقاء نائب رئيس المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة، رئيس مجلس إدارة مياه لبنان الشمالي الدكتور خالد عبيد، الأمينة العامة للجنة الوطنية لليونيسكو الدكتورة زهيدة درويش جبور، رئيس جامعة العزم الدكتور فريد شعبان، ألامين العام للإتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة، رئيس جمعية متخرجي جامعة بيروت العربية أحمد سنكري، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجد، رئيس رابطة الجامعيين غسان حسامي، رئيس المجلس الإقتصادي العالمي في الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم انطوان منسى، مديرة قطاع التنمية الإجتماعية في مركز الصفدي سميرة بغدادي، وعن "لقاء الأحد" كل من الدكتور الشيخ ماجد الدرويش،العميد الدكتور أحمد العلمي، الدكتور لامع ميقاتي، الدكتور معتصم علم الدين، ومحمود طالب، وحشد من المهتمين.
وبعد النشيد الوطني اللبناني ونشيد الفيحاء، ألقت مديرة مركز الدروس الجامعية في لبنان الشمالي فاديا علم الجميل كلمة ترحيبية ونوهت بإفتتاح القاعة وتدشينها بمحاضرة يلقيها المفتي الشعار وتناولت سيرته الذاتية وعلومه ومشاركاته في مؤتمرات عربية ودولية، كما تناولت السيرة الذاتية للدكتور سابا زريق وعلومه وشهاداته وعضويته في مؤسسات علمية وثقافية وحقوقية.
ثم تحدث الدكتور سابا زريق فقال:"عندما عكفت على تحرير هذه الكلمة رأيت البحث في مصادر إسلامية عن نظرتها إلى العقل، هذا المكون الأساسي لكيان كل منا، فوجدت فيها كنوزا يا ليت الوقت المتاح لي يسمح بالإستشهاد بها كلها، ولا شك أن عقل محاضرنا ( المفتي الشعار) قد فطم على الإنفتاح فتفيأنا مظلته في أيامنا الصعاب ليقينا جمر الشرور الداهمة.
وقال: "بالأمس باركتم يا صاحب السماحة هذه القاعة وتتكرمون اليوم بتصدر فعالياتها لإتحافنا بمكونات علمكم الواسع حول العقل، ذلك النور الروحاني الذي يتحكم بمسيراتنا ومصائرنا، فإن رجح رجحنا وإن إنحرف إنحرفنا".
ثم تحدث المفتي الشعار في موضوع " العقل ومكانته في الإسلام" ملقيا الصور بإيجاز غير مخل وبيان دون إطناب عن أن البشرية مجتمعة لم ترتق بالعقل إلى المنزلة التي خصه الإسلام بها دون مبالغة ودون إفراط أو تفريط، وأورد الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تشير إلى منزلة العقل ودوره، وتناول عدة نقاط منها تعريف العقل كأحد مصادر التشريع والأدلة ودوره في النقل"، وقال:"ان الله تعالى قد جعل العقل والرشد معيارا للتصرف بالمال ونهيه عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال، فالمعيار هو العقل وحسن التصرف".
أضاف: "لا بد من البيان أن كلمة عقل لم ترد في القرآن الكريم إلآ في فعل ماض او مضارع، وأورد تصريفات مادة "عقل" التي وردت في القرآن الكريم للدلالة على أن العقل ليس إسما لذات، وإنما هو صيغة لحدث تم في الماضي ويتم في الحاضر والمستقبل ويطلب من الإنسان أن يقوم به، فهو عملية تفكير يجب أن تستمر، فإذا تعطلت حل محلها الرجس على الذين لا يعقلون، فالذي يتوقف عن التفكير إنما يعلق به الرجس وهو القذر الفاسد المستنكر الذي يغطي على جوهر الإنسان ويشوب حقيقته، وأورد ما يقول الجرجاني في كتابه "التعريفات".
وأورد ما يقوله العلماء وما ذكروه من تفسيرات في هذا المجال، مشيرا "إلى ما قاله جماهير أهل العلم بأن العقل جوهر مضيىء خلقه الله تعالى في الدماغ وجعل نوره في القلب"، وقال: "نعم العقل جوهر الإنسان وبدونه يفقد الإنسان ميزاته، إنه صفة ينتقل بها الإنسان من العلم بالضروريات إلى العلم بالنظريات، وهو متوقف على سلامة آلاته التي هي الحواس والتي يطلق عليها البعض بأنها منافذ التفكير، إنه مناط التكليف. ومن ثم فإن الشرائع موجهة إليه في الأساس ومنوطا به في الأداء، فإذا سقط العقل سقط التكليف".
وتابع: "إذا قلت بوضوح ودون تردد بأن مصادر التشريع النقل والعقل، ربما ينشأ شيىء من الإستغراب أو ردات فعل متفاوتة، لكن إذا ذكرت بأن مصادر التشريع هي الكتاب (القرآن والسنة النبوية الصحيحة) ثم القياس الإجماع إستراحة النفوس وهدأت، والحقيقة أن الأولى عين الثانية، لأن النقل هو الكتاب والسنة، ولأن العقل هو في القياس وكذلك تحقيق المصالح المرسلة ودرء المفاسد وسد الذرائع، بل لا بد من القلب بأن النقل الذي هو الكتاب والسنة لا بد فيهما من إعمال العقل لإستنباط الأحكام ومعرفة القطعي منها من الظني والمطلق من المقيد والخاص من العام والناسخ من المنسوخ وغيرها. مبينا مهمة العقل ودوره في كل منها".
وقال: "إن التشريع الإسلامي قائم على قواعد عامة ثابتة لا تتغير، نصوص محكمة قطعية الدلالة لا إجتهاد فيها، أحكام أخرى وهي الجانب الأوسع، معللة بعلة تدور معها الأحكام حيث تدور، ولذلك قالوا: حيثما وجدت المصلحة فثم شرع الله وإدراك المصالح بحد ذاته جهد عقلي ومعرفة مقتضيات العصر والزمن والمكان والإنسان جهد عقلي آخر لا يتأتى إلآ ممن إستوعب عموم الشريعة ومقاصدها فضلا عن إدراكه لما هو معلوم من الدين بالضرورة.
وختم مبينا "ما يقوله الإمام إبن القيم في المسائل التي تغيرت أحكامها بتغير عللها الناتجة من تغير أزمنتها وأحوالها، فنجد دور العقل الذي تناط به مهمة معرفة علل التشريع وحكمه ومقاصده ومعرفة المصالح المتغيرة بتغير الأزمنة حتى أن القياس والإستصحاب والإستحسان والإستصلاح كلها مصادر عقلية للتشريع تأتي بعد الكتاب والسنة".
وفي ختام اللقاء سلمت مديرة مركز الدروس فاديا علم المفتي الشعار موسوعة وضعها الأب كميل حشيمة اليسوعي اللغوي والأديب والمؤرخ مقدمة من رئيس الجامعة البروفسور سليم دكاش اليسوعي الذي تعذر عليه الحضور للمشاركة في اللقاء.
وأعقب ذلك كوكتيل.