كتبت صحيفة "الجريدة" الكويتية: يجمع المراقبون في لبنان على اعتبار الهجوم المزدوج الذي شنه رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" ميشال عون على كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط ليس مجرد موقف فردي صدر عن عون لاعتبارات سياسية وتنافسية وانتخابية، وإنما رسالة سياسية موجهة من "حزب الله" وقوى "8 آذار" الى تحالف سليمان – جنبلاط عبر النائب ميشال عون.
وفي المعلومات التي يتم التداول بها في أوساط سياسية واسعة الإطلاع، فإن العلاقة بين "حزب الله" وجنبلاط تقترب يوما بعد يوما وبسرعة من حدود المواجهة السياسية المكشوفة، خصوصا في ظل المواقف التي سبق لجنبلاط أن عبر عنها مرارا في غضون الأيام القليلة الماضية في شأن الإنتخابات النيابية المقبلة، بما يوحي بأن تحالفه فيها سيكون الى جانب قوى "14 آذار"
.
ويبدو أن "حزب الله" أراد أن يوجه تحذيرا الى جنبلاط من مغبة المضي قدما في سياسة من شأنها أن تقلب الطاولة من جديد على الساحة اللبنانية وتفقد "حزب الله" وقوى "8 آذار" الأكثرية النيابية التي يستندون اليها لتركيب الحكومة الحالية والحافظ عليها. فاختار لتوجيه هذه الرسالة النائب ميشال عون الذي يبدي اهتماما بأن يكون رأس الحربة ضد جنبلاط لاعتبارات انتخابية – مسيحية تعتبر استكمالا لاستراتيجية عون في التموضع في موقع المدافع عن حقوق المسيحيين في مواجهة التحالف السني – الدرزي المتمثل بالعلاقة التي لم تنقطع بين تيار "المستقبل" ورئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط. ووفقاً لقراءة قوى "14 آذار"، فإن المرحلة الراهنة تشبه الى حد بعيد مرحلة ما قبل الإنتخابات النيابية العام 2005 لناحية بوادر التحالفات التي كانت قد بدأت بالظهور منذ مصالحة الجبل العام 2001، عندما دأبت السلطات التي كانت قائمة يومها الى تعطيل بوادر التفاهمات والاتفاقات الوطنية من خلال ما عرف يومها بـ7 آب، عندما تم الاعتداء على الطلاب والناشطين المسيحيين أمام وزارة العدل في بيروت لتحويل الأنظار عن بوادر التفاهم المسيحي الإسلامي وتأليب المسيحيين على شركائهم الذين كانوا يشاركون في الحكومة، وفي مقدمهم الرئيس الراحل رفيق الحريري والنائب وليد جنبلاط.
وفي اعتقاد قيادي بارز في قوى "14 آذار"، فإن مواقف عون الأخيرة من جنبلاط هي عملية 7 آب جديدة سياسية وإعلامية هدفها فك بوادر التحالف بين جنبلاط ومسيحيي "14 آذار" وتيار "المستقبل" وهو تحالف بات في حكم القائم من خلال قول جنبلاط أنه لن يسمح للإنتخابات المقبلة بالغاء مفاعيل ثورة الأرز وانجازاتها، ولن يسمح بأن يتفرد فريق من اللبنانيين بوضع يده على الدولة اللبنانية ومقدراتها.
وتنقل جهات سياسية مطلعة عن قيادي بارز في قوى "8 آذار" تشبيهه موقف جنبلاط الحالي بموقف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع بعد اتفاق الطائف، ويوضح القيادي المذكور وجهة نظره بالقول إن جعجع وافق على اتفاق الطائف وعاد عند التنفيذ لمحاولة الإلتفاف عليه، مما أدى به الى حل حزبه وإدخاله الى السجن ومحاكمته.
وفي نظر بعض قوى "8 آذار"، فإن جنبلاط الذي وافق على التسوية السياسية التي قامت مع "حزب الله" وسوريا بعد اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري يعود اليوم للإلتفاف على هذه التسوية ساعيا الى الخروج منها، ما دفع بالنائب ميشال عون الى تحذيره من الملفات المالية والسياسية التي يمكن أن تتم ملاحقة جنبلاط بها وصولا الى إمكان رفع الحصانة النيابية عنه، على اعتبار أن الغطاء السياسي الذي أعطي لجنبلاط لم يكن سوى نتيجة لتموضعه الجديد في حين أن بقاءه في تموضعه السابق كان من شأنه أن يدفعه ثمن هزيمة خياراته.
وتشير المعلومات الى أن رسائل عون الإعلامية الى جنبلاط أتبعت برسائل سياسية واضحة من "حزب الله" فحواها ضرورة توقف جنبلاط الفوري عن شد عصب القوى المناوئة لـ"حزب الله" انتخابياً، وعدم المضي قدما في التحضير لانتخابات نيابية من شأنها أن تعيد الى قوى "14 آذار" الأكثرية التي خسرتها بفعل موازين القوى التي أسقطت حكومة الرئيس سعد الحريري العام الماضي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك