ماذا ستحقّق الحكومة خلال 100 يوم؟
لم تخرج الحكومة الى النور نتيجة التوصل الى حل عقد التشكيل التقليدية، وإنما نتيجة تفاهمات خارجية دولية إقليمية فرضت أمرا واقعا على الفرقاء اللبنانيين ولعبت فيها باريس دورا رئيسيا كونها الطرف الخارجي المعني أولا بمسار ومصير «حكومة سيدر».
ومنذ اليوم الأول أحيطت الحكومة الجديدة برعاية إقليمية ودولية ودعم خارجي مباشر تمثل بالزيارات المتتالية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والموفد الملكي السعودي نزار العلولا، ومن ثم الموفد الفرنسي الخاص بيار دوكان، وهذه الزيارات جاءت مرفقة بإشارات مشجعة مثل الاستعداد الإيراني لمساعدة لبنان في أي مجال يريده، والقرار السعودي برفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان، والتوجه الفرنسي الى حصر تداعيات القرار البريطاني بشأن حزب الله في اضيق نطاق ممكن.
ولم تكن «الإحاطة الخارجية» للحكومة العامل الوحيد الذي يبعث على التفاؤل، فما حدث في الداخل من «يقظة عامة» وما صدر من مواقف وإشارات دلت كلها على إدراك لدقة المرحلة وثقل الأزمة الاقتصادية والمالية وضرورة التحرك السريع وتحمل الجميع لمسؤولياتهم، وحرص على استقرار الحكومة وتماسكها وإنتاجيتها.
هناك أولا التسوية الرئاسية التي صمدت وترسخت مع رسوخ ثلاثي الحكم الجديد: «عون ـ الحريري ـ حزب الله»، وهناك ثانيا الفصل الذي أقيم بين السياسة والاقتصاد الى درجة أن أي نقاش جدي لم يجر عند وضع البيان الوزاري وبعده في مسائل أساسية سياسية، مثل العلاقات مع سورية أو سلاح المقاومة أو المحكمة الدولية، وهناك ثالثا الشعور العميق لدى كل القوى والأحزاب بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمالية وحجم الأعباء والمشاكل التي باتت تتقدم على أي مسائل وهواجس أخرى سياسية أو أمنية.
وفي حين يشتد الهاجس المالي، فإن الهاجس الأمني يتراخى الى درجة بدأت عملية إزالة المكعبات الإسمنتية من الشوارع ومن أمام المقرات الرسمية.
ولكن في ظل هذه الرعاية الخارجية وقوة التفاهمات السياسية الداخلية، جاءت انطلاقة الحكومة ضعيفة مرتبكة وغير موفقة، والى حد ما «محبطة»:
1 ـ السجال الحكومي المبكر حول موضوع النازحين السوريين.
وهذا يشكل خرقا لمبدأ تقديم الموضوع الاقتصادي على ما عداه ويعكس تباينا في شأن مقاربة هذا الملف الحساس الذي لا يكفيه عودة النازحين.
فالمشكلة تكمن في كيف تتحقق العودة وبأي شروط ومن ضمن أي ظروف؟!
2 ـ مبادرة حزب الله الى فتح ملف الفساد على مصراعيه والانتقال الى مرحلة الخطوات العملية بتزويد القضاء اللبناني المستندات اللازمة، ولكن ما حصل أن فتح هذا الملف القضائي أدى الى فتح مواجهة سياسية بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يتصرف من خلفية أن هناك استهدافا سياسيا له وعملية تطويع جارية تحت عنوان «محاربة الفساد».
وجاءت ردة فعل المستقبل كبيرة في حجمها وحدتها لدرجة أن محاولات حزب الله لاستيعابها عبر تطمينات وتوضيحات لم تنجح.
3 ـ معركة التعيينات الإدارية التي فتحت في موازاة إطلاق «ورشة سيدر»، وهذه المعركة تدرج أيضا في سياق معركة الأحجام السياسية التي كانت سببا في إطالة أمد تشكيل الحكومة، ويمكن أن تكون سببا في تأخير انطلاقتها الفعلية، ذلك أن الانتخابات النيابية أوجدت واقعا جديدا ينسحب أيضا على التعيينات، بحيث لا يمكن أن تمر بهدوء ولا يمكن أن تكون فقط نتاج تفاهمات ثنائية، في وقت انتقلت الطوائف الى مرحلة الثنائيات وكسرت فيها أحادية الزعامة أو قدر الاستئثار.
4 ـ الدخول «الملتبس» من جانب الحكومة الى الملف المالي الاقتصادي وغير المطابق لمواصفات وشروط المرحلة، فإذا كان الهدف المعلن هو الحد من عجز الموازنة وضبط الدين العام، فإن الخطوات والتوجهات في أول جلسة اقتصادية فعلية صبت في عكس هذه الأهداف، وإذا كان المطلوب والمنتظر البدء بسرعة وقوة في ورشة الإصلاحات الموجعة لتحضير أرضية تنفيذ مقررات «سيدر»، فإن ما لمسه الموفد الفرنسي الخاص بيار دوكان لم يكن مشجعا لناحية عدم وجود جدية لدى المسؤولين اللبنانيين، وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية، والى درجة الشك بقدرة لبنان على الإيفاء بالتزاماته الإصلاحية.
خلاصة كل هذا الوضع «المتشابك والمربك»، أن الحكومة لا تملك ترف الوقت ورفاهية الانتظار، وتقف أمام امتحان «المئة يوم الأولى» وأمام فترة سماح لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
فإذا نجحت في الامتحان ثبتت وأكملت حتى نهاية العهد.. وإذا أخفقت سقطت وكان «السقوط عظيما».
"على عينك يا تاجر" قالت معراب...
رأت مصادر حزب "القوات اللبنانية"، لـ"الأنباء"، أن "المتكلمين عن الاصلاح لا يذهبون الى النهاية في اي قضية، وفي طليعة هؤلاء حزب الله الذي يتحدث عن الاصلاح باستمرار"، وأشادت بالتقاطع الحاصل بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" على هذا الصعيد.
وأكدت الاستعداد لدعم أي خطوة لرئيس الجمهورية في هذا السياق، لكن الثقة العامة بإمكانية معالجة الفساد من قبل من تغاضوا عنه لسنوات، خصوصا انه رغم الضجيج والصراخ ما زالت التلزيمات تجري بالتراضي او ما شابهه، ومخالفة القوانين على عينك يا تاجر.
"انفجرت"... والتسوية مُهدّضدة بالسقوط
لا صوت يعلو في بيروت فوق الضوضاء السياسية التي انفجرتْ على تخوم عنوان مكافحة الفساد الذي تكتمل تباعاً في سياقه عمليتا «الانتشار الهجومي» من «حزب الله» و«التموْضع الدفاعي» من فريق رئيس الوزراء سعد الحريري، وسط بدء تكشُّف الأبعاد السياسية لـ «تدشين» الحزب مرحلة «مقاومة الفساد» بتصويبٍ متعدّد الهدف على الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة وتَوالي التشظيات الداخلية على واقع «المهادنة» التي كانت قائمة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» كما على علاقة الأخير بفريق الرئيس العماد ميشال عون.
وحملتْ الساعات الماضية إشاراتٍ إضافية إلى أن قضية الفساد مرشّحة لأن تتحوّل «كرة ثلج» يُخشى أن يصيب «لهيبُها» التسويةَ السياسية التي كانت جاءت بالعماد عون رئيساً (2016) وأعادت الحريري الى السلطة ثم سمحتْ «نسختُها» الثانية نهاية يناير الماضي بولادة الحكومة الجديدة، في ظلّ خشيةٍ كبيرة لدى أوساط سياسية من أن يطيح هذا المناخ المتشنّج بمحاولات لبنان «استلحاق» فترة الأسابيع المحدَّدة دولياً له لبدء إجراءت إصلاحية «شَرْطية» للاستفادة من مخصصات مؤتمر «سيدر 1» (البالغة نحو 11 مليار دولار) الذي «توعّده» حزب الله بـ «المطاردة» مشروعاً مشروعاً وقرْضاً قرضاً من ضمن قرارٍ بتعزيز «استحكاماته» في الوضع الداخلي من بوابة المال والاقتصاد. فبعدما أحكم سيطرته على الإمرة الاستراتيجية، يتّجه في «طريق العودة» الى الداخل لـ «القبض» على مفاصل إضافية في لعبة السلطة و«مفاتيحها».
ومن أبرز «الإشارات الساخنة»:
* إعلان عون أمام زواره أن «ثمة اندفاعاً ومقاومةً لمعركة الفساد كما لاحظتم، لكننا مصمّمون على ربْح المعركة (...) ولا سيما أن لا حصانة لأحد مهما علا شأنه كما لن يكون فيها تمييز».
* رسْم مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بعد زيارته الحريري «خطاً أحمر» بالعريض أمام أي مساس او استهداف للسنيورة عبر ملف إنفاق الـ 11 مليار دولار إبان حكومتيْه (بين 2006 و2009)، وهو الملف الذي فتحه «حزب الله» ويلاقي عنوان الحسابات المالية للدولة منذ 1993 والذي لا يمكن، بحسب الأوساط السياسية، عدم استشعار محاولة لـ «النفاذ» من خلاله لـ «محاكمةِ» مجمل مرحلة النهوض التي شكّل الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري «رافعتها».
فالمفتي دريان أعلن «أن ملف الفساد يجب ان يعالَج ضمن أطر مؤسسات الدولة، أما موضوع المزايدة في هذا الأمر او النيل السياسي من هذا الملف أو ذاك فهذا أمر مرفوض». وأضاف: «أقول وهذه رسالة واضحة مني، ان دولة الرئيس فؤاد السنيورة هو خط أحمر لأنه رجل دولة بامتياز (...). وفؤاد السنيورة هو قيمة وقامة كبيرة، نعتز ّبها وندافع عنها ضدّ أي افتراء».
وجاء موقفا عون ودريان غداة «انفجار» سجال بـ «الواسطة» بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» على خلفية مقدّمة نشرة أخبار «او تي في» التي أوحت فيها بأن رئيس الحكومة «تخلى» عن السنيورة، معتبرة أنّ الأخير «يخوض معركة استباقية بأسلحة الماضي ورجالات الماضي الغابر (...) وهو يخشى سوء العاقبة وفتْح الأوراق القديمة في عهد الأب بعدما تخلّى عنه الابن وأفرد من النيابة والوزارة ورئاسة الوزارة واستفرد في الفساد من دون سائر العباد (...)».
ورغم ما قيل عن اتصال أجراه رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل بالحريري لتأكيد أن مقدمة «او تي في» هي «اجتهاد الشخصي لا سياسي»، جاء ردّ «المستقبل» صاعِقاً وبأعلى سقْف عبر مقدمة نشرة أخبار تلفزيونه مساء الأحد معلناً «السنيورة اليوم هو تيار المستقبل، وهو الحزب والموقع، وهو رئاسة الحكومة وهو الطائفة التي يمثّلها إذا شئتم»، ومعتبراً ان «ما طالعتنا به أو تي في لا يمكن وصفه إلّا بمحاولاتِ تفرقة رخيصة (...) فؤاد السنيورة كان ولم يزل خطَ الدفاع عن حقوق الدولة وسيادتها ولم يقدم حقوقَ الدولة هدايا مجانية للمحاور الاقليمية. والذي يتطاول على السنيورة يتطاول على الرئيس الحريري وعلى كل ما يمثّله السنيورة في تاريخ الحريرية السياسية. أما الابراء المستحيل، فيمكنهم ان يبلّوه ويشربوا المياه الآسنة التي نشأتْ عنه (...) تقديمٌ لحزب الله أوراق اعتماد جديدة للمعارك السياسية المقبلة. هذا شأنكم».
غضبٌ وانشقاقات كبيرة داخل "داعش"...
شهدت نهاية الاسبوع الماضي تراشقا سياسيا اعلاميا عالي النبرة كادت شظاياه تطال التفاهمات والتسويات السياسية في البلد، لولا استيعابه من قبل المسؤولين وابقائه في اطاره الضيق والمحدود.
الهجوم الذي اتى لافتا من حيث الشكل والتوقيت والمضمون جاء في مقدمة نشرة اخبار تلفزيون OTV العونية مساء يوم السبت الماضي، حيث شنت هجوما عنيفا على الرئيس فؤاد السنيورة ومن خلاله على «تيار المستقبل» فما كان من «المستقبل» الا ان رد في اليوم التالي من شاشته على اخبار الشاشة العونية، مما دفع البعض الى التساؤل عن سبب هجوم اعلام «التيار الوطني الحر» على «المستقبل» والدخول في سجالات سياسية على خلفية اتهامات «حزب الله» للرئيس فؤاد السنيورة في ملفات الفساد والـ11 مليار دولار.
«اللواء» استوضحت مصادر التيار الازرق وكذلك التيار البرتقالي عن سبب هذا التصعيد والسجال السياسي الحاصل، فأكد الطرفان بأنه محدود وهو انتهى عند هذا الحد ، مع التشديد على ان لا خلفيات مدبرة وراء هذا السجال.
مصادر تيار «المستقبل» اكدت ان ما حصل قد حصل، وان الامر لن يتعدى حدوده، واعلنت ان لا خوف لا على التسوية الرئاسية ولا على التضامن الحكومي، وذكرت بما اعلنه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، حيث دعا الى عدم اللعب على وتر الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وأكدت المصادر ان الرئيس الحريري كما الرئيس ميشال عون متفقان علىان هناك فرصة جدية ووحيدة واخيرة للبنان كي يستطيع الخروج من مشاكله الاقتصادية والاجتماعية من خلال تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» ، والعمل على تحضير البرنامج الاقتصادي الاجتماعي من خلال التنسيق بينهما في كل الامور المتعلقة بذلك، واعتبرت المصادر ان هناك قوى سياسية اخرى تسعى ايضا للسعي لتنفيذ كل الاصلاحات المتعلقة بمؤتمر «سيدر»، وترى المصادر ان اي خلاف بين الاطراف السياسية يعرض تنفيذ المقررات الى خطر، وبالتالي فإن الامر ليس من مصلحة احد ولا احد بوارد القيام بذلك.
وحول عودة الحديث عن ملف «الابراء المستحيل» تقول المصادر المستقبلية «عندما تم الحديث في الماضي عنه كان رد المستقبل هو الافتراء في الابراء»، وترى المصادر ان الامر اصبح من الماضي وليس من مصلحة احد العودة اليه، مشيرة الى ان «حزب الله» هو من يتكلم اليوم ولا احد غيره.
وكشفت معلومات المصادر عن اتصال اجراه رئيس التيار الوزير جبران باسيل بالرئيس الحريري واضعاً مقدمة نشرة OTV في إطار الاجتهاد الشخصي لا السياسي، مؤكدا ان التيار لا يتبنى ما ورد فيها، مشددا على وجوب حصر الخلاف ومنع تمدده أو توظيفه سياسياً.
وأكدت المصادر على اهمية الرد العلمي المفند والتقني الواضح من قبل الرئيس السنيورة على كل الاتهامات التي اثيرت ضده.
وحول المواضيع التي ستناقشها كتلة «المستقبل» في اجتماعها الاسبوعي الذي تعقده عصر اليوم، تشير المصادر الى ان كل الملفات والمواضيع مطروحة، ومن حق اي نائب في الكتلة اثارة الموضوع الذي يريده في الاجتماع.
اما مصادر تكتل «لبنان القوي» فتؤكد ان لا تصعيد في المواقف بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، وتعتبر ان ما حصل في اليومين الماضيين هو غيمة صيف عابرة وليس لها اي خلفيات سياسية، وترى ان هناك بعض المواقف السياسية التي تحتاج الى نقاش، وهذا ما يحصل حاليا في اطار النقاش العام بين كافة القوى السياسية للوصول الى نتيجة معينة.
وتشدد المصادر على ان المطلوب هو التضامن الوطني في المرحلة الراهنة، وليس التفرقة والاختلاف، لان مصير لبنان هو على المحك، اضافة الى ان هناك ازمة اقتصادية كبيرة على كل الاطراف السياسية بذل اقصى جهودها من اجل الاستمرار في التوافق، لانه في حال الخروج عن التضامن لا سمح الله سنذهب جميعا الى الهاوية والى انهيار البلد، وهذا الامر يحاول كل الوطنيين تحاشيه، من هنا فإن اي تصعيد لن يكون لصالح ايا كان.
وتشدد المصادر على ان لا خوف على علاقة «المستقبل» بـ«التيار الوطني الحر»، وتعتبر ان كلام «حزب الله» عن الفساد ، ورد الرئيس السنيورة هو امر طبيعي.
وعن موضوع «الابراء المستحيل» تعتبر المصادر انه اذا اردنا اصلاح البلد علينا وقف الفساد وهو له مراحل، ليس هناك شيء اسمه عفا الله عن ما مضى، ولكن علينا معالجة الاولويات المتعلقة بالحاضر وبعد ذلك يمكننا فتح ملفات الفساد الماضية.
وتؤكد المصادر على استمرارها في سياسة محاربة الفساد، ايا يكن الشخص المعني لان ليس هناك من احد فوق رأسه خيمة، ولا يمكن ان تكون مكافحة الفساد وفق عملية انتقائية.
لم تخرج الحكومة الى النور نتيجة التوصل الى حل عقد التشكيل التقليدية، وإنما نتيجة تفاهمات خارجية دولية إقليمية فرضت أمرا واقعا على الفرقاء اللبنانيين ولعبت فيها باريس دورا رئيسيا كونها الطرف الخارجي المعني أولا بمسار ومصير «حكومة سيدر».
ومنذ اليوم الأول أحيطت الحكومة الجديدة برعاية إقليمية ودولية ودعم خارجي مباشر تمثل بالزيارات المتتالية لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، والموفد الملكي السعودي نزار العلولا، ومن ثم الموفد الفرنسي الخاص بيار دوكان، وهذه الزيارات جاءت مرفقة بإشارات مشجعة مثل الاستعداد الإيراني لمساعدة لبنان في أي مجال يريده، والقرار السعودي برفع الحظر عن سفر السعوديين الى لبنان، والتوجه الفرنسي الى حصر تداعيات القرار البريطاني بشأن حزب الله في اضيق نطاق ممكن.
ولم تكن «الإحاطة الخارجية» للحكومة العامل الوحيد الذي يبعث على التفاؤل، فما حدث في الداخل من «يقظة عامة» وما صدر من مواقف وإشارات دلت كلها على إدراك لدقة المرحلة وثقل الأزمة الاقتصادية والمالية وضرورة التحرك السريع وتحمل الجميع لمسؤولياتهم، وحرص على استقرار الحكومة وتماسكها وإنتاجيتها.
هناك أولا التسوية الرئاسية التي صمدت وترسخت مع رسوخ ثلاثي الحكم الجديد: «عون ـ الحريري ـ حزب الله»، وهناك ثانيا الفصل الذي أقيم بين السياسة والاقتصاد الى درجة أن أي نقاش جدي لم يجر عند وضع البيان الوزاري وبعده في مسائل أساسية سياسية، مثل العلاقات مع سورية أو سلاح المقاومة أو المحكمة الدولية، وهناك ثالثا الشعور العميق لدى كل القوى والأحزاب بصعوبة الأوضاع الاقتصادية والمالية وحجم الأعباء والمشاكل التي باتت تتقدم على أي مسائل وهواجس أخرى سياسية أو أمنية.
وفي حين يشتد الهاجس المالي، فإن الهاجس الأمني يتراخى الى درجة بدأت عملية إزالة المكعبات الإسمنتية من الشوارع ومن أمام المقرات الرسمية.
ولكن في ظل هذه الرعاية الخارجية وقوة التفاهمات السياسية الداخلية، جاءت انطلاقة الحكومة ضعيفة مرتبكة وغير موفقة، والى حد ما «محبطة»:
1 ـ السجال الحكومي المبكر حول موضوع النازحين السوريين.
وهذا يشكل خرقا لمبدأ تقديم الموضوع الاقتصادي على ما عداه ويعكس تباينا في شأن مقاربة هذا الملف الحساس الذي لا يكفيه عودة النازحين.
فالمشكلة تكمن في كيف تتحقق العودة وبأي شروط ومن ضمن أي ظروف؟!
2 ـ مبادرة حزب الله الى فتح ملف الفساد على مصراعيه والانتقال الى مرحلة الخطوات العملية بتزويد القضاء اللبناني المستندات اللازمة، ولكن ما حصل أن فتح هذا الملف القضائي أدى الى فتح مواجهة سياسية بين حزب الله وتيار المستقبل الذي يتصرف من خلفية أن هناك استهدافا سياسيا له وعملية تطويع جارية تحت عنوان «محاربة الفساد».
وجاءت ردة فعل المستقبل كبيرة في حجمها وحدتها لدرجة أن محاولات حزب الله لاستيعابها عبر تطمينات وتوضيحات لم تنجح.
3 ـ معركة التعيينات الإدارية التي فتحت في موازاة إطلاق «ورشة سيدر»، وهذه المعركة تدرج أيضا في سياق معركة الأحجام السياسية التي كانت سببا في إطالة أمد تشكيل الحكومة، ويمكن أن تكون سببا في تأخير انطلاقتها الفعلية، ذلك أن الانتخابات النيابية أوجدت واقعا جديدا ينسحب أيضا على التعيينات، بحيث لا يمكن أن تمر بهدوء ولا يمكن أن تكون فقط نتاج تفاهمات ثنائية، في وقت انتقلت الطوائف الى مرحلة الثنائيات وكسرت فيها أحادية الزعامة أو قدر الاستئثار.
4 ـ الدخول «الملتبس» من جانب الحكومة الى الملف المالي الاقتصادي وغير المطابق لمواصفات وشروط المرحلة، فإذا كان الهدف المعلن هو الحد من عجز الموازنة وضبط الدين العام، فإن الخطوات والتوجهات في أول جلسة اقتصادية فعلية صبت في عكس هذه الأهداف، وإذا كان المطلوب والمنتظر البدء بسرعة وقوة في ورشة الإصلاحات الموجعة لتحضير أرضية تنفيذ مقررات «سيدر»، فإن ما لمسه الموفد الفرنسي الخاص بيار دوكان لم يكن مشجعا لناحية عدم وجود جدية لدى المسؤولين اللبنانيين، وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية، والى درجة الشك بقدرة لبنان على الإيفاء بالتزاماته الإصلاحية.
خلاصة كل هذا الوضع «المتشابك والمربك»، أن الحكومة لا تملك ترف الوقت ورفاهية الانتظار، وتقف أمام امتحان «المئة يوم الأولى» وأمام فترة سماح لا تتجاوز الثلاثة أشهر.
فإذا نجحت في الامتحان ثبتت وأكملت حتى نهاية العهد.. وإذا أخفقت سقطت وكان «السقوط عظيما».
"على عينك يا تاجر" قالت معراب...
رأت مصادر حزب "القوات اللبنانية"، لـ"الأنباء"، أن "المتكلمين عن الاصلاح لا يذهبون الى النهاية في اي قضية، وفي طليعة هؤلاء حزب الله الذي يتحدث عن الاصلاح باستمرار"، وأشادت بالتقاطع الحاصل بين "القوات" و"التيار الوطني الحر" على هذا الصعيد.
وأكدت الاستعداد لدعم أي خطوة لرئيس الجمهورية في هذا السياق، لكن الثقة العامة بإمكانية معالجة الفساد من قبل من تغاضوا عنه لسنوات، خصوصا انه رغم الضجيج والصراخ ما زالت التلزيمات تجري بالتراضي او ما شابهه، ومخالفة القوانين على عينك يا تاجر.
"انفجرت"... والتسوية مُهدّضدة بالسقوط
لا صوت يعلو في بيروت فوق الضوضاء السياسية التي انفجرتْ على تخوم عنوان مكافحة الفساد الذي تكتمل تباعاً في سياقه عمليتا «الانتشار الهجومي» من «حزب الله» و«التموْضع الدفاعي» من فريق رئيس الوزراء سعد الحريري، وسط بدء تكشُّف الأبعاد السياسية لـ «تدشين» الحزب مرحلة «مقاومة الفساد» بتصويبٍ متعدّد الهدف على الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة وتَوالي التشظيات الداخلية على واقع «المهادنة» التي كانت قائمة بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» كما على علاقة الأخير بفريق الرئيس العماد ميشال عون.
وحملتْ الساعات الماضية إشاراتٍ إضافية إلى أن قضية الفساد مرشّحة لأن تتحوّل «كرة ثلج» يُخشى أن يصيب «لهيبُها» التسويةَ السياسية التي كانت جاءت بالعماد عون رئيساً (2016) وأعادت الحريري الى السلطة ثم سمحتْ «نسختُها» الثانية نهاية يناير الماضي بولادة الحكومة الجديدة، في ظلّ خشيةٍ كبيرة لدى أوساط سياسية من أن يطيح هذا المناخ المتشنّج بمحاولات لبنان «استلحاق» فترة الأسابيع المحدَّدة دولياً له لبدء إجراءت إصلاحية «شَرْطية» للاستفادة من مخصصات مؤتمر «سيدر 1» (البالغة نحو 11 مليار دولار) الذي «توعّده» حزب الله بـ «المطاردة» مشروعاً مشروعاً وقرْضاً قرضاً من ضمن قرارٍ بتعزيز «استحكاماته» في الوضع الداخلي من بوابة المال والاقتصاد. فبعدما أحكم سيطرته على الإمرة الاستراتيجية، يتّجه في «طريق العودة» الى الداخل لـ «القبض» على مفاصل إضافية في لعبة السلطة و«مفاتيحها».
ومن أبرز «الإشارات الساخنة»:
* إعلان عون أمام زواره أن «ثمة اندفاعاً ومقاومةً لمعركة الفساد كما لاحظتم، لكننا مصمّمون على ربْح المعركة (...) ولا سيما أن لا حصانة لأحد مهما علا شأنه كما لن يكون فيها تمييز».
* رسْم مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان بعد زيارته الحريري «خطاً أحمر» بالعريض أمام أي مساس او استهداف للسنيورة عبر ملف إنفاق الـ 11 مليار دولار إبان حكومتيْه (بين 2006 و2009)، وهو الملف الذي فتحه «حزب الله» ويلاقي عنوان الحسابات المالية للدولة منذ 1993 والذي لا يمكن، بحسب الأوساط السياسية، عدم استشعار محاولة لـ «النفاذ» من خلاله لـ «محاكمةِ» مجمل مرحلة النهوض التي شكّل الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري «رافعتها».
فالمفتي دريان أعلن «أن ملف الفساد يجب ان يعالَج ضمن أطر مؤسسات الدولة، أما موضوع المزايدة في هذا الأمر او النيل السياسي من هذا الملف أو ذاك فهذا أمر مرفوض». وأضاف: «أقول وهذه رسالة واضحة مني، ان دولة الرئيس فؤاد السنيورة هو خط أحمر لأنه رجل دولة بامتياز (...). وفؤاد السنيورة هو قيمة وقامة كبيرة، نعتز ّبها وندافع عنها ضدّ أي افتراء».
وجاء موقفا عون ودريان غداة «انفجار» سجال بـ «الواسطة» بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» على خلفية مقدّمة نشرة أخبار «او تي في» التي أوحت فيها بأن رئيس الحكومة «تخلى» عن السنيورة، معتبرة أنّ الأخير «يخوض معركة استباقية بأسلحة الماضي ورجالات الماضي الغابر (...) وهو يخشى سوء العاقبة وفتْح الأوراق القديمة في عهد الأب بعدما تخلّى عنه الابن وأفرد من النيابة والوزارة ورئاسة الوزارة واستفرد في الفساد من دون سائر العباد (...)».
ورغم ما قيل عن اتصال أجراه رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل بالحريري لتأكيد أن مقدمة «او تي في» هي «اجتهاد الشخصي لا سياسي»، جاء ردّ «المستقبل» صاعِقاً وبأعلى سقْف عبر مقدمة نشرة أخبار تلفزيونه مساء الأحد معلناً «السنيورة اليوم هو تيار المستقبل، وهو الحزب والموقع، وهو رئاسة الحكومة وهو الطائفة التي يمثّلها إذا شئتم»، ومعتبراً ان «ما طالعتنا به أو تي في لا يمكن وصفه إلّا بمحاولاتِ تفرقة رخيصة (...) فؤاد السنيورة كان ولم يزل خطَ الدفاع عن حقوق الدولة وسيادتها ولم يقدم حقوقَ الدولة هدايا مجانية للمحاور الاقليمية. والذي يتطاول على السنيورة يتطاول على الرئيس الحريري وعلى كل ما يمثّله السنيورة في تاريخ الحريرية السياسية. أما الابراء المستحيل، فيمكنهم ان يبلّوه ويشربوا المياه الآسنة التي نشأتْ عنه (...) تقديمٌ لحزب الله أوراق اعتماد جديدة للمعارك السياسية المقبلة. هذا شأنكم».
غضبٌ وانشقاقات كبيرة داخل "داعش"...
شهدت نهاية الاسبوع الماضي تراشقا سياسيا اعلاميا عالي النبرة كادت شظاياه تطال التفاهمات والتسويات السياسية في البلد، لولا استيعابه من قبل المسؤولين وابقائه في اطاره الضيق والمحدود.
الهجوم الذي اتى لافتا من حيث الشكل والتوقيت والمضمون جاء في مقدمة نشرة اخبار تلفزيون OTV العونية مساء يوم السبت الماضي، حيث شنت هجوما عنيفا على الرئيس فؤاد السنيورة ومن خلاله على «تيار المستقبل» فما كان من «المستقبل» الا ان رد في اليوم التالي من شاشته على اخبار الشاشة العونية، مما دفع البعض الى التساؤل عن سبب هجوم اعلام «التيار الوطني الحر» على «المستقبل» والدخول في سجالات سياسية على خلفية اتهامات «حزب الله» للرئيس فؤاد السنيورة في ملفات الفساد والـ11 مليار دولار.
«اللواء» استوضحت مصادر التيار الازرق وكذلك التيار البرتقالي عن سبب هذا التصعيد والسجال السياسي الحاصل، فأكد الطرفان بأنه محدود وهو انتهى عند هذا الحد ، مع التشديد على ان لا خلفيات مدبرة وراء هذا السجال.
مصادر تيار «المستقبل» اكدت ان ما حصل قد حصل، وان الامر لن يتعدى حدوده، واعلنت ان لا خوف لا على التسوية الرئاسية ولا على التضامن الحكومي، وذكرت بما اعلنه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، حيث دعا الى عدم اللعب على وتر الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وأكدت المصادر ان الرئيس الحريري كما الرئيس ميشال عون متفقان علىان هناك فرصة جدية ووحيدة واخيرة للبنان كي يستطيع الخروج من مشاكله الاقتصادية والاجتماعية من خلال تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر» ، والعمل على تحضير البرنامج الاقتصادي الاجتماعي من خلال التنسيق بينهما في كل الامور المتعلقة بذلك، واعتبرت المصادر ان هناك قوى سياسية اخرى تسعى ايضا للسعي لتنفيذ كل الاصلاحات المتعلقة بمؤتمر «سيدر»، وترى المصادر ان اي خلاف بين الاطراف السياسية يعرض تنفيذ المقررات الى خطر، وبالتالي فإن الامر ليس من مصلحة احد ولا احد بوارد القيام بذلك.
وحول عودة الحديث عن ملف «الابراء المستحيل» تقول المصادر المستقبلية «عندما تم الحديث في الماضي عنه كان رد المستقبل هو الافتراء في الابراء»، وترى المصادر ان الامر اصبح من الماضي وليس من مصلحة احد العودة اليه، مشيرة الى ان «حزب الله» هو من يتكلم اليوم ولا احد غيره.
وكشفت معلومات المصادر عن اتصال اجراه رئيس التيار الوزير جبران باسيل بالرئيس الحريري واضعاً مقدمة نشرة OTV في إطار الاجتهاد الشخصي لا السياسي، مؤكدا ان التيار لا يتبنى ما ورد فيها، مشددا على وجوب حصر الخلاف ومنع تمدده أو توظيفه سياسياً.
وأكدت المصادر على اهمية الرد العلمي المفند والتقني الواضح من قبل الرئيس السنيورة على كل الاتهامات التي اثيرت ضده.
وحول المواضيع التي ستناقشها كتلة «المستقبل» في اجتماعها الاسبوعي الذي تعقده عصر اليوم، تشير المصادر الى ان كل الملفات والمواضيع مطروحة، ومن حق اي نائب في الكتلة اثارة الموضوع الذي يريده في الاجتماع.
اما مصادر تكتل «لبنان القوي» فتؤكد ان لا تصعيد في المواقف بين «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل»، وتعتبر ان ما حصل في اليومين الماضيين هو غيمة صيف عابرة وليس لها اي خلفيات سياسية، وترى ان هناك بعض المواقف السياسية التي تحتاج الى نقاش، وهذا ما يحصل حاليا في اطار النقاش العام بين كافة القوى السياسية للوصول الى نتيجة معينة.
وتشدد المصادر على ان المطلوب هو التضامن الوطني في المرحلة الراهنة، وليس التفرقة والاختلاف، لان مصير لبنان هو على المحك، اضافة الى ان هناك ازمة اقتصادية كبيرة على كل الاطراف السياسية بذل اقصى جهودها من اجل الاستمرار في التوافق، لانه في حال الخروج عن التضامن لا سمح الله سنذهب جميعا الى الهاوية والى انهيار البلد، وهذا الامر يحاول كل الوطنيين تحاشيه، من هنا فإن اي تصعيد لن يكون لصالح ايا كان.
وتشدد المصادر على ان لا خوف على علاقة «المستقبل» بـ«التيار الوطني الحر»، وتعتبر ان كلام «حزب الله» عن الفساد ، ورد الرئيس السنيورة هو امر طبيعي.
وعن موضوع «الابراء المستحيل» تعتبر المصادر انه اذا اردنا اصلاح البلد علينا وقف الفساد وهو له مراحل، ليس هناك شيء اسمه عفا الله عن ما مضى، ولكن علينا معالجة الاولويات المتعلقة بالحاضر وبعد ذلك يمكننا فتح ملفات الفساد الماضية.
وتؤكد المصادر على استمرارها في سياسة محاربة الفساد، ايا يكن الشخص المعني لان ليس هناك من احد فوق رأسه خيمة، ولا يمكن ان تكون مكافحة الفساد وفق عملية انتقائية.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك