مصادر بارزة في المعارضة أن أي قرار نهائي بشأن مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في الحادي عشر من الشهر الجاري لم يتخذ بعد بالرغم من بعض المواقف المبدئية لبعض أطراف تحالف قوى 14 آذار، وذلك في انتظار استكمال إعداد مبادرة التحالف المذكور وتسليمها للرئيس سليمان ومعرفة جوابه عليها في الساعات القليلة المقبلة، ومن ثمّ يتمّ إجراء تقييم شامل واجتماع تشاوري أخير لتحديد موقف المعارضة النهائي من المشاركة في الحوار أو عدمه، على أن يأخذ هذا الموقف الموحّد كل المعطيات القائمة وفائدة المشاركة ومحاذيرها السياسية وارتدادات الفشل المحتملة كما حصل في جلسات الحوار السابقة وتحديد أسباب المقاطعة في حال تم الاتفاق عليها وانعكاساتها على الأوضاع العامة.
وتستغرب المصادر عبر صحيفة "اللواء" الإتهامات التي يسوقها بعض أطراف تحالف الثامن من آذار ضد المعارضة وتحميلها مسبقاً مسؤولية تعطيل الحوار في حال عدم المشاركة، لأنه من السابق لأوانه إطلاق مثل هذه المواقف الإستباقية لمناسبة لم تحصل بعد، في حين أن إطلاق مثل هذه الاتهامات لا تخرج عن كونها محاولة مكشوفة لقلب الوقائع ومجافاة الحقيقة التي تؤكد بما لا يقبل الشك بأن التحالف الأكثري حالياً، هو المسؤول بموجب مواقف موثقة في جميع وسائل الإعلام عن وقف جلسات الحوار الوطني كما ورد ذلك علانية على لسان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وزعيم التيار العوني ميشال عون وباقي الاطراف قبل حوالى السنتين، بينما لم يصدر صوت عقلاني واحد من صفوف هذا التحالف يرفض وقف الحوار ويدعو الى معاودته ويصر على تنفيذ ما اتفق عليه سابقاً، بل ذهب جميع اطراف التحالف المذكور الى تكريس القطيعة السياسية بعد تلقيهم الاوامر مباشرة من نظام الاسد للانقلاب على حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري مهللين باحتفال اقيم في الرابية بهذا الخصوص، ضاربين عرض الحائط بكل التفاهمات السابقة ومستندين الى ترهيب سلاح «حزب الله» الذي ظهر بالشوارع وبتهديدات وترهيب النظام السوري لمعظم المسؤولين السياسيين والقوى المترددة وغير عابئين لانعكاسات هذه الممارسات الاستقوائية والمرتهنة للخارج على الوحدة الداخلية التي تعيش منذ ذلك انقساماً حاداً بفعل هذه السياسة الاستفرادية التي تتجاهل موازين القوى السياسية والشعبية وتتجاوز نتائج الانتخابات النيابية السابقة، ويكاد يهدد وحدة البلاد واستقرارها ويدفع بالاوضاع الاقتصادية الى مزيد من التدهور بفعل الفشل الذريع لهذه التجربة وعدم اهلية الحكومة الحالية ومعظم اطرافها في تولي السلطة وادارة البلاد.
وتعتبر المصادر المذكورة ان التجاوب العلني الذي ابدته اطراف تحالف قوى الثامن من آذار مع الدعوة لمعاودة الحوار والتهليل المزيف لانعقاده لم تتزامن مع اي مؤشرات او بوادر ايجابية تشير الى احتمال تغيير هذه الاطراف في التعاطي مع الملفات والقضايا الخلافية او لاظهار حسن نية والتقدم خطوة الى الامام باتجاه ملاقاة المعارضة، بل على عكس ذلك تماماً، فأول الشروط التي وصفها الامين العام لحزب الله هو ان موضوع سلاح «حزب الله» الذي انحصرت مهمته للاستقواء بالداخل اللبناني لن يبحث على طاولة الحوار الوطني، في حين ان استقباله العلني للامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة احمد جبريل ومواكبة جولاته على بعض المحسوبين على التحالف السوري الايراني في لبنان، تعطي اشارة سلبية اخرى على عدم الاستعداد لتنفيذ قرارات جلسات الحوار السابقة والامعان في منع تنفيذها وخصوصاً نزع السلاح الفلسطيني من خارج المخيمات، ناهيك عن انقلاب الحزب على ما تم الاتفاق عليه بالاجماع ايضاً في موضوع المحكمة الدولية واستمرار «حزب الله» في حماية المتهمين الاربعة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والامتناع عن تسليمهم للسلطات القضائية المختصة، إضافة إلى تمويله وتسليمه للعديد من التنظيمات والاحزاب والجمعيات في مختلف المناطق اللبنانية وتحديداً في الشمال وبيروت وصيدا والبقاع والجبل لاشعال الحرائق داخل الطائفة السنّيّة وتأجيج الخلافات فيما بينها خدمة لمصالح ومآرب الحزب بالداخل.
وتلفت المصادر البارزة في المعارضة إلى ان تحالف قوى 14 آذار كان على الدوام يتعاطى بانفتاح وايجابية مع جلسات مؤتمر الحوار الوطني وغيرها من المسائل الوطنية وكان يقدم كل المبادرات والتسهيلات والتنازلات في معظم الاحيان لتسهيل استمرارية الحوار والحفاظ على الوحدة الوطنية والعيش المشترك ومصالح لبنان العليا، كما حصل بعد فوزه في الانتخابات النيابية الماضية وتأليف حكومة الوحدة الوطنية، وكان لتحرك الرئيس سعد الحريري أخيراً ومحاولاته الحثيثة والجدية لاطلاق سراح المخطوفين اللبنانيين داخل سوريا اكبر دليل على نواياه الايجابية وتعاطيه الانفتاحي تجاه الآخرين، في حين لم يصدر أي مؤشر إنفتاحي مماثل من قبل تحالف الثامن من آذار وتحديداً من حزب الله الذي يشكل الثقل الأساس لملاقاة تحرك الحريري أو حتى أي طرف من تحالف 14 آذار في منتصف الطريق.
وتختم المصادر البارزة في المعارضة بالقول: أن كل التجارب السابقة والمؤشرات السلبية عن تحالف قوى الثامن من آذار، لا تشجع قوى المعارضة على المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، لان الثقة ما تزال مفقودة بين الجهتين، في حين يبدو إلحاح رئيس الجمهورية على هذه القوى للمشاركة عاملاً مؤثراً، كونه ينطلق من حساسية الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن حالياً، وحرصه على المصلحة العليا، ولانه ليس في حسابات هذه القوى التعاطي بسلبية مطلقة مع الدعوة، مع الأخذ بالاعتبار كذلك تـأثير المقاطعة التامة مع الواقع الاقتصادي المتأزم بفعل سوء الادارة الحكومية وضغوطات الوضع الاجتماعي على المواطنين بشكل عام، في حين يبقى ان تمثيل هذه القوى قد لا يكون على مستوى الاقطاب اذا حسمت أمرها بالمشاركة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك