اللواء: تعويم الحكومة تمَّ بجرعة منشطات من دمشق مقابل لائحة شروط مطلوب تنفيذها
اللواء: تعويم الحكومة تمَّ بجرعة منشطات من دمشق مقابل لائحة شروط مطلوب تنفيذها

كتبت صحيفة "اللواء": كشفت مصادر سياسية على صلة بالأكثرية أن إعادة الحد الأدنى من التفاهم بين مكونات الحكومة الحالية وخصوصاً على تمرير الإنفاق الحكومي في مجلس الوزراء ومحاولة تعويم الحكومة قدر الإمكان لتستمر في الظروف المضطربة محلياً وإقليمياً، قد تمّ بإيحاء من النظام السوري بواسطة أكثر من موفد زاروا دمشق خلال الأسبوعين الماضيين والتقوا عدداً من الضباط المعنيين بالشأن اللبناني وتمّ التفاهم على صيغة استمرار الحكومة بتفاهم الحد الأدنى بين مكوناتها على أساس أن يبذل النظام السوري ما في وسعه لإنهاء تحفظات التيار العوني على التعاون الإيجابي مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبالتعاون الوثيق مع "حزب الله" وحركة "أمل" وتفعيل التعاون في ما بين هؤلاء وإيجاد قواسم مشتركة على المواضيع والمسائل المختلف عليها وتمريرها في مجلس الوزراء وخصوصاً ما يتعلق بمشاريع وقضايا تتعلق بوزراء التيار ووزاراتهم وتسهيل صرف الأموال اللازمة لهم، مقابل الاستمرار في دعم الحكومة ووقف كل حملات التيار الوطني عليها لأي سبب كان والتماهي مع مواقف رئيسها في مختلف القضايا والشؤون المطروحة في الوقت الحاضر، لأن بقاء الحكومة الحالية يشكل ضرورة ومطلباً للنظام السوري في الأزمة التي يمر بها في الوقت الحاضر، ولا بد من توفير كل مقومات استمراريتها ومنع سقوطها بأي شكل من الأشكال لئلا ينعكس هذا السقوط ضرراً ليس على حلفاء النظام الداخليين بل على النظام نفسه.

وأشارت المصادر الوثيقة الصلة بالأكثرية إن ضباط النظام السوري إشترطوا مقابل تعويم الحكومة وقيامهم بممارسة الضغوط على حلفائهم المعروفين داخل الاكثرية، ان يقوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتلبية ما سميت بلائحة مطالب، سبق ان نقلت اليه في السابق ولبّى بعضها وتردد في تلبية البعض الآخر تحت حجج وذرائع عديدة لم تقنع المسؤولين السوريين الذين أبدوا عتباً واستياءً بالغاً من تصرفات وممارسات رئيس الحكومة، كونها تتناقض كلياً مع التزاماته وشروط تسميته رئيساً للحكومة وتزكيته من قبل النظام السوري وحلفائه على حساب خصومهم في تحالف قوى "14 آذار" وتحديداً الرئيس سعد الحريري.

وحسب المصادر المذكورة فإن لائحة المطالب السورية المطلوب تنفيذها، تتضمن تكثيف التعاون مع النظام السوري في رصد وملاحقة الناشطين من المعارضة السورية داخل لبنان ومنعهم من ممارسة اي نشاط يؤثر او يضر بالنظام السوري وتسليم المطلوبين منهم للسلطات السورية بسرية وبمعزل عن أي ضجيج سياسي او اعلامي خلافاً لما كان يحصل في بعض الحالات سابقاً لتفادي الاعتراضات والتداعيات المحلية والاقليمية والدولية على حدٍّ سواء، اضافة الى تكثيف التنسيق الأمني بين البلدين على كافة المستويات وتحديداً في ما يختص بحركة العبور والحدود المشتركة وخصوصاً في الشمال والشرق، والقيام باتخاذ ما يلزم من اجراءات ضرورية لرصد ومتابعة حركة الحدود بفاعلية أقوى من السابق.

أما في ما يتعلق بالتعاطي مع الازمة السورية عربياً ودولياً، فتضمنت المطالب السورية وجوب اتخاذ مواقف واضحة وثابتة لجانب النظام إن كان في اجتماعات الجامعة العربية أو أي اجتماع عربي آخر يعقد في أي مكان آخر، أو اظهار الاعتراض على ما يتخذ من قرارات كحدٍّ ادنى اذا لم تستطع الحكومة تأييد الموقف السوري بوضوح لاعتبارات داخلية او عربية، كما حدث من قبل.

كما تضمنت المطالب السورية إلى ضرورة تنبه الحكومة اللبنانية لكل ما يطرح من مشاريع وخطط في المحافل الدولية وخصوصا في المرحلة المقبلة المتوقع ان تشهد جملة تحركات عربية ودولية بخصوص تسويق مشاريع وقرارات دولية، أكان في مجلس الأمن الدولي أو الأمم المتحدة، أو أي اجتماع اقليمي أو دولي يعقد بخصوص الأزمة السورية وضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع انزلاق لبنان للمشاركة او لتأييد ما ينتج عن مثل هذه الاجتماعات من قرارات لا تتلاءم مع مصالح وتطلعات النظام السوري ولا تتلاءم مع خططه الامنية التي ينفذها حالياً.
وتضيف المصادر المذكورة، ان تنفيذ آلية التفاهمات الموضوعة في دمشق قد بدأت بالفعل بعد رسالة نقلها أحد أعضاء التيار العوني إلى زعيم التيار شخصياً وعقد أكثر من اجتماع في السراي الحكومي بين حلفاء النظام السوري مع الرئيس ميقاتي، لوضع ما تمّ التفاهم عليه موضع التنفيذ العملي الذي بدأ بالفعل في آخر جلسة لمجلس الوزراء، في حين يبقى الشق الآخر المتعلق بزيادة التنسيق الأمني والدبلوماسي وما يتعلق بأمور أخرى بقيت في اطار من السرية المتفق عليها، لئلا ينعكس الكشف عنها إلى تداعيات سلبية تلحق الضرر بالحكومة ككل.

وفي اعتقاد المصادر السياسية الوثيقة الصلة بالاكثرية فإن التفاهم المعقود بين النظام السوري والأركان الأساسيين الحلفاء له في الحكومة الميقاتية، قد أعطى الحكومة المترنحة جرعة منشطة مؤقتة لتستمر في مهماتها في الوقت الصعب والدقيق الذي يمرّ به لبنان والمنطقة حالياً بفعل التداعيات المتواصلة للأزمة السورية على كل الدول المحيطة، ولكن لا أحد يعلم متى سينتهي مفعول هذه الجرعة، وهذا يتوقف على ما ستحمله التطورات المرتقبة في الأسابيع القليلة المقبلة.