علم موقع Arab Economic News أن وزارة المال اللبنانية أنجزت الترتيبات اللازمة لاصدار سندات "يوروبوند" بحدود ملياري دولار لتمويل حاجات الدولة، بعد نحو أسبوع من إعلان وزير المال علي حسن خليل لوكالة "رويترز" عن بدء الإجراءات الخاصة بالإصدار.
ووفق المعلومات التي حصل عليها موقعنا، فان وزارة المال كلفت كلا من "بنك لبنان والمهجر" و"بنك سوسيتيه جنرال في لبنان" وبنك "ستاندرد آند تشارترد" إدارة الإصدار وتسويقه على شطرين: الأول لإستحقاق 10 سنوات وبفائدة 11.25%، والثاني لإستحقاق 15 سنة وبفائدة 12.50%. علما أن سقف الفوائد مرتبط بالتصنيف السيادي للبنان الذي إنخفض أخيرا نتيجة ارتفاع المخاطر السيادية وتخلف الحكومة عن تطبيق الاصلاحات الكفيلة باطلاق مندرجات مؤتمر "سيدر" وتصويب مسيرة النمو الاقتصادي في لبنان.
وعلقت مصادر مصرفية معنية بالإصدار لـArab Economic News بالقول إن المهم هو أن تبادر الحكومة الى ارسال إشارات إيجابية الى الأسواق، "وقد تكون في إنجاز حلقة أولى من الإصلاحات، ومنها إقرار موازنة 2020 في موعدها الدستوري والبدء بتطبيق خطة الكهرباء والمبادرة الى تصغير حجم القطاع العام". ورأت ان بعض تلك الخطوات كفيلة بتعزيز الثقة بلبنان وإشاعة مناخات إيجابية تساعد في تسويق الإصدار.
ورأت ان المهلة التي تستغرقها عملية التدابير والإجراءات اللازمة للإصدار بعد تكليف المصارف المعنية بادارته وتسويقه، قد تستغرق بضعة أسابيع "ما قد يمنح الحكومة فرصة لمناقشة الموازنة وإقرارها، وربما البدء ببعض الخطوات الإصلاحية المهمة الأخرى"، وخصوصا أن الاصدار يعقب مباشرة أزمة الدولار/الليرة التي نجح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بإحتوائها امس مع بدء تطبيق تعميم تمويل عمليات استيراد المشتقات النفطية والدواء والقمح.
"موديز": المجازفات وقدرات التمويل
وكان وزير المال أكد أن أسعار الفائدة "مرتبطة بالسوق"، وهي جاءت مرتفعة نسبيا مقارنة بالإصدارات السابقة، بسبب وقوع لبنان تحت سلسلة عوامل سلبية سياسية وأمنية وإقتصادية دفعت وكالات التصنيف الى خفض تصنيفه الى مرتبة CCC. علما ان وكالة "موديز" أمهلت لبنان أمس ثلاثة أشهر لمراجعة تقييمها وبإتجاه التخفيض خلال ثلاثة أشهر إذا لم يتبلور مسار الأمور بإتجاه إيجابي. ووضعت لبنان "قيد المراقبة" خلال تلك الفترة التي ستقوم بها بتقييم أداء الحكومة ومدى إلتزامها بإقرار موازنة 2020. ومن شأن هذا الإلتزام أن يعزز الثقة بلبنان ويؤمن له الدعم الخارجي.
وأكدت "موديز" في تقريرها ان قرار وضع التصنيف قيد المراجعة تمهيدا لخفضه "يعكس التشديد الكبير الأخير في شروط التمويل الخارجي، وانعكاس تدفقات الودائع المصرفية التي تعد ضرورية لتمكين لبنان من تلبية حاجات الحكومة التمويلية. وقد أدت هذه العوامل مجتمعة إلى تفاقم ديناميات ميزان المدفوعات المتفاقمة. لم تكن المساعدة المالية الخارجية المتوقعة متوقعة بعد، وما زال الوصول إلى أسواق رأس المال بمعدلات مستدامة بعيد المنال". واعتبرت إن زيادة اعتماد الحكومة على سحب احتياطات النقد الاجنبي لمصرف لبنان بغية تلبية آجال استحقاق السندات بالعملات الأجنبية "ينطوي على خطر زعزعة استقرار قدرة المصرف المركزي للحفاظ على استقرار الليرة وضمان الاستقرار المالي على المدى الطويل في ظل اتجاهات ميزان المدفوعات الحالية".
وفي تقريرها، رأت "موديز" ان المجازفات المحلية والجيوسياسية للمخاطر في شكل توترات طائفية أسفرت عن طريق مسدود حكومي، وتشديد العقوبات الاميركية على "حزب الله"، وتجدد التوترات الإقليمية مع إسرائيل، "أدت إلى تشدد كبير في شروط التمويل الخارجي. لقد اتسعت نطاقات المخاطر السيادية في أسواق رأس المال الدولية خلال الأشهر الماضية، اذ ارتفع مؤشر EMBI إلى 1.300 نقطة أساس على السندات الأميركية في منتصف أيلول/سبتمبر، من نحو 820 نقطة أساس أوائل تموز/يوليو. وفي الوقت عينه، أدى تراجع ثقة المودعين إلى تراجع تدفقات الودائع المصرفية التي كانت مرنة وتعتبر ضرورية لتمكين لبنان من تلبية حاجات الحكومة التمويلية السنوية بأكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي".
ووفق التقرير "اعتبارًا من أيار/مايو 2019، أصبح نمو الودائع سنويًا سلبيًا، مما زاد من تقويض مصدر التمويل الرئيس للحكومة. كانت حال "عدم اليقين" لدى المودعين واضحة أيضًا في زيادة معدل الدولرة في الودائع إلى 71.8% اعتبارًا من تموز/يوليو 2019، وفي فوارق أسعار الفائدة المرتفعة للغاية على الودائع إلى أسعار LIBOR المرجعية الدولية قصيرة الأجل". واشار الى انه منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2018، خفض مصرف لبنان احتياطياته من العملات الأجنبية بغية الوفاء بالتزامات الحكومة المستحقة بالعملات الأجنبية. وحتى تموز/يوليو الماضي، استمر وضع ميزان المدفوعات في التدهور، اذ انخفض صافي الأصول الأجنبية للقطاع المالي بمقدار 5.3 مليار دولار بعد انخفاضه 4.8 مليارا في 2018".
وبحسب تقديرات "موديز"، يملك مصرف لبنان احتياطيا مؤقتًا للعملات الأجنبية يقدّر بنحو 6 الى 10 مليارات دولار متبقية من السحب (استنادًا إلى صافي الأصول الأجنبية المتراكمة وعند ضبط مخزون احتياطيات النقد الأجنبي لمركز الأصول الأجنبية السلبي للمصارف) بغية الحفاظ على الثقة في استقرار الليرة والحفاظ على استقرار القطاع المالي. هذا بالمقارنة مع خدمة الدين بالعملات الأجنبية للحكومة بنحو 5 مليارات دولار في 2020، إضافة إلى استحقاق 1.5 مليار دولار في تشرين الثاني/نوفمبر 2019.
ورأت "موديز" انه في غياب إمكان الوصول إلى الأسواق أو مدفوعات الدعم المالي الخارجي، "من المحتمل أن تستهلك موارد خدمة النقد الأجنبي السائلة القابلة للاستعمال -المعدلة بحسب صافي الأصول الأجنبية السلبية للمصارف- مدفوعات خدمة الدين في 2019 و2020، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار ربط العملة و/أو المطالبة بإعادة جدولة الديون أو ممارسة إدارة المسؤولية الأخرى التي قد تشكل تقصيرًا بموجب تعريف "موديز"، والتي قد تتطلب زيادة المخاطر تغيير موضع التصنيف على مستوى أقل".
ما الذي قد يؤدي إلى تأكيد التقييم على المستوى الحالي؟
تؤكد "موديز" ان لدى لبنان تاريخ من سداد الديون بالكامل وفي الوقت المناسب رغم الاضطرابات الاقتصادية والسياسية الحادة. "يمكن أن نؤكد التصنيف على مستوى Caa1 الحالي، إذا توصلت المراجعة إلى أن السياسة الحكومية العاملة وصرف المساعدة المالية الخارجية القادمة ("سيدر") قد تخفف من مخاطر السيولة الخارجية الفورية وتدعم توقعات النمو".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك