بين تعميم مصرف لبنان الذي هدّأ نسبيا روع الاسواق المالية، وصرخة نقابة الصرافين رفضا لتحميلهم نتيجة الفروقات التي تم تداولها بسعر الصرف واستدعاء عدد منهم للتحقيق معهم في اسباب الازمة، وبين تحفظ اصحاب الشأن في قطاعي المحروقات والمطاحن "لان عملية استيراد القمح لا تخضع للاعتمادات، وليس في قدرة اصحاب المطاحن تأمين 115 بالمئة من قيمة المستوردات من مادة القمح"، يبقى القطاع المالي في حال من البلبلة يلمسها كل مواطن قد يحتاج لشراء الدولار لدفع قسط متوجب عليه لمصرف او مؤسسة، حيث ما زال بعض الصيارفة يمتنع حتى اللحظة عن بيع الدولار.
حاكم المصرف المركزي رياض سلامة اكد اليوم في المنتدى السنوي التاسع للمسؤولية الاجتماعية للشركات "ان التعميم اساسي للاستقرار الاجتماعي ولعدم خلق المزيد من الفوضى، وقد وضعنا له ضوابط ربما أزعجت البعض" آملا من الحكومة "إقرار موازنة تعطي اشارة ايجابية للاسواق من حيث تخفيض العجز ونحن مستعدون لتسديد استحقاقات الدولة بالدولار".
تقول اوساط مصرفية لـ"المركزية" ان حاكم مصرف لبنان متمسك بالاستقرار النقدي وبسعر صرف الليرة ولا دخل له لا في المضاربات الجارية ولا في الحملة على النقد والمصارف، ومن يسعى لتحميله المسؤولية لا يفقه في طبيعة عمل مصرف لبنان او انه يحاول اشاحة النظر عن الجهة المسؤولة. ذلك ان لا صلة لـ"المركزي" بالصيارفة ولا يخضعون لسلطته ولا حتى يموّلهم. وتبعا لهذا الامر، يرفض التدخل في الاسواق الموازية، حيث يكمن دور الدولة في ضبط الاسواق الموازية والصيارفة وملاحقة من يمتهنون المضاربة على الليرة.
وتؤكد المصادر ان احتياطي المصرف المركزي هو مال اللبنانيين للمحافظة على ليرتهم، ولا يجوز في اي شكل التفريط به. وقبل ان تطلب منه الدولة ضخ الدولارات في الاسواق الاجدى بها اولا ان تطمئن المواطن وتدعوه لضخ امواله في الاسواق، بعدما تبين في احصاءات دقيقة اجريت ابان الازمة الاخيرة، ان المواطنين وعلى قاعدة "احفظ القرش الابيض لليوم الاسود" سحبوا اموالهم بالدولار من المصارف بنسبة تزيد على مليارين و300 مليون دولار يحتفظون بها في منازلهم، فيما ينفقون بالليرة اللبنانية. هذه الاموال لا يمكن انفاقها بحسب القوانين خارج المسار المصرفي. وتشدد على ان مصرف لبنان لن يتدخل في السوق المالي، مخافة ان تعمد الشبكة التي سحبت الدولارات سابقا الى سحبها مجددا بهدف اخراجها من لبنان، في مؤامرة لم يعد من مجال للشك ان هدفها ضرب الاقتصاد والنقد اللبنانيين.
في هذا المجال، تسأل المصادر المطالبين باعادة النظر بسعر صرف الليرة، وهو أخطر إجراء يمكن الركون اليه نسبة لانعكاساته البالغة السلبية على سعر الليرة واحتياطي المركزي، اذا كان المواطن الذي يئن تحت وطأة الازمات التي ترهقه يرفض زيادة خمسة الاف ليرة على سعر صفيحة البنزين، فكيف سيتحمل مضاعفة اسعار صفيحة البنزين والدواء وكل السلع الاخرى، لان ارتفاع سعر صرف الليرة سيؤدي حتما الى ارتفاع الاسعار؟ هل ان الدولة قادرة على تحمل خطوة من هذا القبيل؟ من هنا، تعزو المصادر اصرار الحاكم سلامه على عدم التلاعب بسعر صرف الليرة حفاظا على الاستقرار النقدي فهذا عامل ثقة بلبنان ونقده. وتنقل عنه قوله "أستقيل ولا أمسّ باستقرار سعر الليرة او افرّط باحتياطي المصرف لانه امانة في عنقي". هذا الاستقرار هو حجر الزاوية للاقتصاد وعامل ثقة رئيسي لتدفق الاموال وجذب المستثمرين ورجال الاعمال الى لبنان، فهل نهدم آخر ما تبقى من اسسه، ولمصلحة من؟ تختم المصادر.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك