أصدرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية البيان التالي:
"إن نقابة محرري الصحافة أعلنت مرارا، وتعلن دائما تقديسها للحريات الصحافية والاعلامية، والحريات العامة، وهي دائما تدعو إلى توظيف هذه الحريات التي يكفلها الدستور اللبناني وترعاها القوانين ذات الصلة في خدمة لبنان وسلامه واستقراره على كل المستويات عبر الصحافة والإعلام، من دون المساس بحريتهما في الإضاءة على المشكلات التي تعصف بوطننا، وإبداء الرأي فيها بكل جرأة وشفافية وقول الحقائق المرتكزة الى معلومات موثقة وموثوقة تجنبا لاتهامات مجافية لدورهما الطليعي، وحرصا على عدم إسناد اتهامات لا يد لهذا القطاع وللعاملين به فيها، خصوصا اذا كان هذا الدور لا ينسجم مع طبيعة الرسالة التي يؤديها.
لا ذنب للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني اذا كانت وسائل التواصل الإجتماعي، أو بعضها على الأقل يسهم في إشاعة مناخات لا تخدم الصالح العام، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان.
واذا كانت لهذا الإعلام مرجعياته القانونية والنقابية، فإن الثغرة الكبيرة تكمن في عدم وضع الدولة تشريعات خاصة بوسائل التواصل، تحدد الضوابط وتحول دون تحولها إلى أداة سلبية، قد تكون إنعكاساتها مضرة جدا بحق الوطن والمواطن.
إن نظرية المواطن - الصحافي يساء إستخدامها، وأن هذا النمط من الإعلام لا يمكن إدراجه في خانة المهنة، ولا يمكن أن يكون صاحبه مشمولا بالحماية النقابية والمهنية، لأنه يتعارض مع التوصيف الوظيفي للصحافة والصحافي والأخير، سواء عمل أو يعمل في الصحافة المكتوبة، المرئية، المسموعة والإلكترونية، إنما ينطلق من توصيف واضح، وهو أن جميع العاملين في هذه القطاعات الإعلامية هم صحافيون، يجب التعاطي معهم على هذا الأساس. وما يقتضي الإسراع بتحويل مشروع قانون تعديل أحكام في قانون المطبوعات تتصل بقانون إنشاء نقابة المحررين الذي يجيز انتساب العاملين في هذه الوسائل إلى نقابة المحررين، الى المجلس النيابي، وذلك بغرض توفير مظلة قانونية لهم ومرجعية يلوذون بها، بحيث يسهل التعامل معهم ومواكبة أدائهم.
وبمعنى أوضح يجب أن يكون القانون هو الراعي لهم، والهادي الذي يرشدهم إلى الخيارات الصحيحة. أي ان المنطق العلمي يقول أنه يجب النظر الى أن الإعلام بقطاعاته المعروفة، هو طاقة يجب إعتبارها قوة للوطن، ومظهرا رئيسا من مظاهر حياته الديموقراطية، ولا يجوز - في حال مغالاة بعضه أو مخالفته للقوانين - تحميله وزر الأزمات المتناسلة التي تتوالى على لبنان، وكأن الطبقة السياسية معفاة من مسؤوليتها عن الواقع القائم، والبالغ التردي.
إن نقابة المحررين، وتعليقا على النقاشات الجارية حول مسؤولية الصحافة والإعلام في الأزمة الضاغطة تلفت إلى ما يلي:
- من الإجحاف أن تلقى على القطاع الصحافي والإعلامي إتهامات تصوره وكأنه المتسبب الرئيس بالحال التي بلغتها البلاد.
- إن من واجب الصحافيين والإعلاميين أن يتحلوا بقدر عال من المسؤولية في هذه الأوضاع الدقيقة ويبتعدوا عن كل ما يفاقم التوترات، ويثير الحساسيات والمخاوف التي تنعكس سلبا على كل المجالات.
- من البديهي أن يراعي الصحافيون والإعلاميون القوانين المرعية، ولا سيما قانون المطبوعات الذي هو المرجع والحكم في كل قضية تتصل بمخالفات النشر وإجتناب التجريح الشخصي لدى التطرق إلى أداء المسؤولين كافة، مع إحتفاظهم بكامل الحق في ممارسة حرياتهم في النقد وكشف الفساد والمفسدين، والمرتكبين، ومنابع الهدر والمخالفات. وإن النقابة سوف تدافع عن حقهم هذا كما عهدهم بها.
- في كل مقاربة أو مقارنة تصدر عن جهة مسؤولة أو معنية حول شأن ما، يجب التمييز تماما بين الصحافة والإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي المنفلتة من أية قيود بسبب عدم وجود قانون ينظمها، ويحدد مسؤولياتها وواجباتها. لأن معظم الشكاوى تأتي مما يروجه ويكتبه المدونون على "الفايسبوك" و"التويتر" و"الإنستغرام" وبعض المواقع العشوائية التي تنبت كالفطر دون معايير وضوابط. ومعظم هؤلاء هم مواطنون لا يمتهنون الصحافة والإعلام.
- لا بد من التعاطي بجدية وحذر مع محاولة التركيز على مسؤولية الصحافة والإعلام في هذه الأحوال الدقيقة. وكنا نتمنى لو جرى الإلتفات إلى معاناة الصحافة والإعلام والعاملين فيهما، والإقدام على مبادرات غير مكلفة لإنقاذ هذا القطاع وإشعاره أن هناك دولة ترعاه، وأن كلفة دعمه هي أقل بكثير من كلفة الهدر الذي يبرز بألف زي ووجه.
- من أجل تعزيز الشفافية في التعاطي مع الصحافة والإعلام، وإيضاح حدود مسؤولياته، وتمكين أطره النقابية من القيام بدورها بفاعلية وعلى أكمل وجه، لتكون عنصر توازن، ومرجعا قادرا على بت الكثير من القضايا وسحب فتائل التفجير، يتعين وضع قانون عصري للصحافة والإعلام، وفك أسر مشروع القانون الذي أدخل تعديلات جوهرية في متن قانون إنشاء نقابة المحررين.
أن نقابة محرري الصحافة اللبنانية، إذ تدعو الزملاء في أي موقع كانوا إلى وعي مسؤوليتهم التاريخية في هذا الظرف الخطير، والإنكباب على أداء دورهم الوطني بروح هذه المسؤولية، تؤكد أن الحريات في لبنان مقدسة، ولا تمس، وهي عماد فلسفة وجوده، وأن الصحافة والإعلام هما هيكل هذه الحريات، ولن تدع الهيكل يسقط".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك