ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي قداسا في مدرسة Val Père Jacques لراهبات الصليب في بقنايا، بمناسبة اليوبيل المئوي لتأسيسها.
وألقى الراعي عظة بعنوان "أطلبوا أولا ملكوت الله وبره، والباقي يزاد لكم" (متى 33:6)، جاء فيها: "يدعونا الرب يسوع بكلامه، الذي هو جزء من عظة الجبل، لنتطلع إلى السماء ونسير في الطريق المؤدي إليها، متكلين على عناية الله، أبينا السماوي الذي يغدق علينا من جودته ما يعوزنا من حاجات الأرض. إن الطوباوي أبونا يعقوب هو لنا المثال والقدوة في الاتكال على العناية الإلهية. عاش راغبا أساسا في البلوغ إلى ملكوت الله الذي يبدأ في هذه الدنيا كزرع ينمو ويكثر ويثمر، متمثل بالكنيسة؛ ويكتمل في السماء عند نهاية الأزمنة؛ وحقق في مدينة الأرض بيد العناية الإلهية أعماله العظيمة: تأسيس جمعية راهبات الصليب، وإنشاء دير الصليب ومستشفاه على قمة جل الديب، والمؤسسات التربوية والاستشفائية والاجتماعية في مختلف المناطق اللبنانية. وبات يلقب برجل العناية الإلهية.
وقال: يسعدنا أن نحتفل معكم، ومع جمعية راهبات الصليب الجليلة، بافتتاح الاحتفالات باليوبيل المئوي لمدرسة فال بار جاك الذي يحمل شعار "وبالعناية نستمر"، مستلهما من روحانية الطوباوي أبونا يعقوب الذي أسس هذه المدرسة سنة 1919 في جل الديب أولا بإسم مدرسة القديس فرنسيس، قبل تأسيس جمعية راهبات الصليب. ثم ألحقت بها مدرسة داخلية. ومن بعدها توسعت لتصبح مدرسة ثانوية، وضمت إليها مدرسة ثانوية أخرى مجانية تحت إسم مدرسة مار يعقوب. وفي سنة 1979 انتقلت إلى مكانها الحالي في محيط دير سيدة البير، وأطلق عليها إسم Val Père Jacques".
وتابع: "إن ثانوية Val Père Jacques ترى نفسها في هذا اليوبيل المئوي لتأسيسها أمام تحديات روحية وأخلاقية واجتماعية ووطنية، هي حاجات شعبنا اليوم وعائلاتنا وأجيالنا الطالعة. هذه الحاجات تناقضها الممارسة السياسية عندنا وقد طغى عليها الفساد، والممارسة الطائفية والمذهبية، والسعي إلى الغنى غير المشروع، وتسييس المشاركة في الحكم والإدارة وجعلها محاصصة، والتدخل السياسي والحزبي الضاغط على القضاء. فإذا بنا أمام تقويض للدستور بنصه وروحه، وتشويه لفلسفة الميثاق الوطني".
وأردف: "إن هذه التحديات تندرج في الرسالة التربوية التي تنهض بها Val Père Jacques، كما مثيلاتها من المدارس الكاثوليكية. فلا تستطيع مدارسنا أن تكون في موقع المتفرج، بل عليها أن تربي أجيالنا على التقيد بالقيم الروحية والأخلاقية، والعيش وفقا لمقتضيات الإيمان المسيحي، وعلى المبادئ الأساسية الوطنية كمسلمات العيش المشترك في المجتمع اللبناني الواحد، وهي أربع مسلمات تشكل معنى لبنان: الحرية، المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين دونما تمييز، العيش الكريم على أرض الوطن، التكامل والتضامن في إطار الدولة الواحدة وبالولاء التام للوطن الواحد. مدارسنا مدعوة لتعزز في قلوب أجيالنا الطالعة محبة الوطن والولاء له ومعرفة قيمته بميزاته، ودوره ورسالته في بيئته المشرقية. وهي مدعوة لتربي أجيالنا الطالعة على قدسية الواجب والحرية المسؤولة التي تتحرك في خياراتها بين ما هو حق وجميل، وعلى معرفة الآخر المختلف واحترامه في ثقافته. إذا ربينا على هذه القيم المقرونة بالعلم الرفيع، هيأنا لوطننا أحسن مواطنين، وأفضل مسؤولين سياسيين".
وختم: "بهذه الاستعدادات والمقاصد ننطلق من اليوبيل المئوي لمدرسة Val Père Jacques المتزامن مع بداية إعلان دولة لبنان الكبير، نحو يوبيل تربوي جديد بقوى متجددة، وتطلعات واعدة، بإسم الثالوث القدوس: الآب والابن والروح القدس، له المجد والتسبيح الآن وإلى الأبد، آمين".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك